الفوضى تحاصر النفط الليبي

13 سبتمبر 2014
توقعات بنمو الانتاج النفطي في ليبيا (العربي الجديد)
+ الخط -
ما أن بدأت ليبيا خطة رفع انتاجها النفطي، تهاوت أسعار النفط العالمية إلى ما دون الـ 100 دولار أميركي، ما إن أعلن المسؤولون الليبيون ان ايردات النفط سترتفع لترفد الاقتصاد المأزوم، حتى بدأت بورصة التوقعات بالانخفاض.
وكأنها علاقة طاردة بين انخفاض الاسعار وارتفاع الانتاج، أو كأن الشؤم يلاحق النفط الليبي ويترصد به.
فقد حققت اسعار النفط العالمية انخفاضاَ متلاحقاً خلال الاسبوع الماضي، لتستقر فوق 98 دولاراً للبرميل أمس الجمعة، لتسجل أضعف أداء أسبوعي في ستة أسابيع وسط قلق من ضعف الطلب طغى على المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط وروسيا وأوكرانيا.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الشهري الذي صدر يوم الخميس، إن ضعف الطلب على النفط في الصين وأوروبا تسبب في تباطؤ نمو الطلب العالي على الخام بوتيرة ملحوظة. وخفضت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب بواقع 150 ألف برميل يوميا إلى 900 ألف برميل يومياً لعام 2014 وبمقدار 100 ألف برميل يومياً إلى 1.2 مليون برميل يوميا في 2015.
وفي حين قال كبير محللي الأسواق لدى "سي.إم.سي ماركتس" في سيدني، مايكل مكارثي، إن المخاوف الجيوسياسية تشمل روسيا التي تواجه عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب الأزمة الأوكرانية، لا تزال مفاوضات ايران والدول الغربية حول الملف النووري من دون أفق منظور.
وفي ظل هذا الواقع النفطي غير المستقر، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن الإنتاج وصل إلى 850 الف برميل ويزيد ثماني مرات على ما كان عليه قبل بضعة أشهر، بعدما كانت تنتج قبل بدء الاحتجاجات والاشتباكات في مرافىء التصدير حوالي 1.4 مليون برميل يومياً.
وقال الناطق الرسمي باسم المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، محمد الحراري لـ "العربي الجديد" إن أنتاج ليبيا للنفط سيصل الى 900 ألف برميل خلال أيام.
وأوضح أن أنتاج النفط حتى ليلة الخميس حقق 850 ألف برميل، وكان وزير المالية في الحكومة المؤقتة مراجع غيث قال في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد" إن الإنتاج النفطي سيرتفع قبل نهاية سبتمبر/أيلول الحالي إلى 900 ألف برميل يومياً، ليصل إلى مليون برميل يومياً مطلع أكتوبر/تشرين الأول، إذا ما سارت الأمور بشكل طبيعي في موانئ التصدير. وأشار الحراري إلى تعافي الإنتاج نتيجة تسويق المخزون في ميناء السدرة النفطي، وان الحقول النفطية المغدية لهُ بدأت تضخ له 160ألف برميل وقبل نهاية الشهر سيصل الى معدل انتاجه الطبيعي أي 350 ألف برميل في اليوم.
ويتغذى ميناء السدرة من أربعة حقول نفطية وهي الواحة، والسماح، وجالو، والظهرة، وتديره شركة الواحة للنفط المملوكة للمؤسسة الوطنية للنفط بالمشاركة مع ثلاث شركات أميركية هي "كونوكو فيلبس"، و"ماراثون" ، و"اميراداهيس".
وذكر الحراري أن حقل الشرارة النفطي (800 كيلو متر جنوب طرابلس) يضخ إلى ميناء الزاوية حوالي 270 ألف برميل يومياً وكذلك حقل الفيل الذي يعمل بكامل طاقته الإنتاجية بـ 115ألف برميل ويغذي ميناء مليته بالإضافة إلى بعض الحقول البرية .
كما أن حقول البوري والجرف وحقل السلام تعمل بشكل طبيعي بطاقتها الإنتاجية بـ 150ألف برميل يومياً.
وقال الحراري إن حقلي "حلقي مسلة" و"السرير" يشتغلان لتغدية مصفاة طبرق، أما ميناء التصدير الحريقة فهو لا يعمل في الوقت الحالي وطاقته الإنتاجية تصل الى حوالي 200 ألف برميل يومياً.
وتغطي ليبيا معظم احتياجاتها المحلية من الوقود من خلال طاقتها للتكرير البالغة 380 ألف برميل يومياً.
وبلغ إنتاج ليبيا من النفط قرابة 1.4 مليون برميل نفط يومياً، حتى منتصف العام 2013، قبل استيلاء مسلحين على موانئ نفطية في البلاد مطالبين بإنشاء إقليم مستقل في برقة.
وفي هذه الأثناء، توقعت وزارة النفط الليبي أن معدل الإنتاج سيزيد إلى 200 ألف برميل شهرياً حتى نهاية العام، بحيث يبلغ الإنتاج 1.2 مليون برميل يومياً، في حين بلغ معدل النصف الأول من العام 350 ألف برميل، وبالتالي سيرتفع الإنتاج إلى متوسط 600 ألف برميل يومياً، بحسب ما جاء في الموازنة العامة للعام الحالي.
كما أن إيرادات ليبيا من النفط خلال النصف الأول من العام، بلغت 5 مليارات دولار، فيما وصلت الخسائر في الإيرادات الى نحو 10 مليارات دولار نتيجة إقفال موانئ تصدير النفط.
كما أن احتياطيات ليبيا من العملة الأجنبية انخفضت إلى 105 مليارات دولار من 130 مليار دولار في نهاية عام 2012.
وكانت مجموعة من المسلحين بقيادة إبراهيم الجضران، تمكنت في يوليو/تموز الماضي، من السيطرة على أربعة موانئ نفط في شرق البلاد، بهدف إنشاء إقليم فيدرالي في "برقة".
إلا أن المسلحين وافقوا في شرق ليبيا، في السادس من شهر أبريل/نيسان الماضي، على إنهاء تدريجي لحصارهم المفروض منذ العام الماضي، على موانئ "الزويتينة" و"الحريقة" و"رأس لانوف" و"السدرة" التي تصدر نحو 730 ألف برميل يومياً من النفط، الفولكن، برغم تحرير الموانئ، لا تزال الأوضاع السياسية والأمنية في طرابلس سيئة، وفي انحدار متواصل، برغم محاولات تخطي الأزمة سياسياً، عبر لجنة صياغة مشروع الدستور الليبي، التي تعمل على أن تجري استفتاء على دستور جديد في ديسمبر/ كانون الأول، إلا أن هذا الإعلان ترافق مع اشتداد المعارك في العاصمة الليبية.
وهذا التخبط الأمني، يجعل من القطاع النفطي في ليبيا وسط بيئة مرتفعة المخاطر، وفق ما يقول عدد من المحللين النفطيين، بحيث لا يوجد ضمانات مؤكدة حول ديمومة الانتاج النفطي وحول استمرارية تصاعد الكميات المعدّة للتصدير، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية العامة في البلاد، وسط تراجع شديد للايرادات العامة.
المساهمون