شيعت جماهير غفيرة من أبناء بلدة العيسوية والقدس المحتلة عصر اليوم الإثنين، جثمان الشهيد محمد سمير عبيد (21 عاماً)، والذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء الخميس الماضي، خلال اقتحامها البلدة الواقعة شمال القدس، في حين أعقب التشييع اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال.
وانطلق موكب تشييع جثمان الشهيد عبيد من وسط بلدة العيسوية، بعد تسلمه من قبل قوات الاحتلال من معسكرها المعروف بـ"الكتيبة" المقام على أراضي شرق البلدة، ونقل بسيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، وكانت جموع كبيرة من المواطنين في انتظاره.
وتوجه موكب التشييع إلى منزل الشهيد في حيّ عبيد لتلقي عائلته نظرة الوداع الأخيرة عليه. وبدا المشهد مؤثراً حين استقبلت الأم جثمان نجلها بالورود الحمراء، ورفعت شقيقته سندس وهي أسيرة محررة ملابس شقيقها الشهيد الملطخة بالدماء، لتذكّر جموع النسوة اللواتي تحلقن حول الجثمان في بيت الشهيد، بأن شقيقها قتل بدم بارد من قبل جنود الاحتلال، لتنطلق بذلك الزغاريد من أفواه النساء وهتافات التكبير، على وقع إطلاق الرصاص من قبل النشطاء تحية لروح الشهيد.
بعد ذلك، انتقل المشيعون بالجثمان ملفوفاً بالعلم الفلسطيني، ومحاطاً برايات مختلف الفصائل إلى مسجد الأربعين في بلدة العيسوية، حيث أدوا الصلاة هناك على روحه الطاهرة، ومن هناك إلى مقبرة العيسوية، حيث ووري الثرى وسط هتافات التكبير، وافتداء الشهيد بالروح وبالدم.
وما أن انتهت مراسم التشييع حتى اندلعت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال التي اقتحمت بلدة العيسوية بأعداد كبيرة، مطلقة قنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي، ما أوقع العديد من الإصابات بالرصاص، وحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع. في حين اعتقل مستعربون عدداً من الفتية بعد الاعتداء عليهم بالضرب.
ولا تزال بلدة العيسوية تشهد مواجهات حتى اللحظة، في وقت اقتحم الجنود المقبرة، وتمركزوا عند قبر الشهيد، في وقت كانت فيه قوات أخرى تقتحم خيمة العزاء وسط حالة من التوتر الشديد.
وكانت سلطات الاحتلال قد سلمت جثمان الشهيد عبيد لعائلته، ضمن شروط حددتها تقضي بمنع وجود أي شخص ملثم، ومنع إطلاق النار بالهواء أو رفع الرايات والأعلام الفلسطينية، مع السماح بمشاركة جميع أهالي القرية بالجنازة. بيد أن المشيعين لم يلتزموا بتلك الشروط، ورفعوا أعلام فلسطين ورايات الفصائل بكثافة، كما رضخت سلطات الاحتلال لمطلب العائلة التي رفضت أن يدفن الشهيد خارج بلدته.
يذكر أن الشهيد عبيد أسير محرر أمضى ما مجموعه أربعة أعوام في سجون الاحتلال، وأفرج عنه قبل عام، وأمضى في اعتقاله الأخير 20 شهراً، كما سبق لسلطات الاحتلال أن اعتقلت والده سمير عبيد وشقيقته سندس.