الفلسطينيون يتوقعون هرولة عربية للتطبيع مع إسرائيل بدعم سعودي

14 اغسطس 2020
السعودية أبلغت القيادة الفلسطينية بمباركتها للاتفاق (جعفر اشتية/فرانس برس)
+ الخط -

قال مسؤول فلسطيني رفيع لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أبلغ القيادة الفلسطينية رسمياً، أمس الخميس، بأنّ المسؤولين في المملكة على علم بالاتفاق الإسرائيلي الإماراتي و"يباركونه".

وتابع المسؤول الفلسطيني، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، "نعلم أن هناك معركة مؤجلة مع السعودية التي دعمت ووافقت على الاتفاق، لكننا لا نستطيع فعل أي شيء الآن، وليست لدينا أية خيارات سوى تمتين جبهتنا الداخلية وإنهاء الانقسام وعدم القبول بالاستسلام وخطة ترامب".

وأضاف "نعلم أن الموقفين السعودي والمصري غير داعمين لنا، وهناك حصار مالي وسياسي على الشعب الفلسطيني وقيادته من أجل إخضاعنا لتسوية سياسية على أساس خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

وترجح القيادة الفلسطينية أن الاتفاق الثلاثي الإماراتي الإسرائيلي الأميركي، الذي أعلن عنه أمس الخميس، ستتبعه إتفاقيات مع دول عربية أخرى في الفترة المقبلة.

من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، "من المتوقع أن تقوم دول مثل السودان والبحرين وعُمان بعمل اتفاقيات سلام مع إسرائيل كما فعلت الإمارات".

وتابع: "إٍسرائيل بالفعل بدأت بعلاقات مع السودان عن طريق تنزانيا، والحكام العسكريون في السودان على صلة وثيقة بالإمارات التي قامت بتمويلهم ودعمت حكمهم، وستكون هناك صفقة  تقوم على رفع العقوبات عن السودان مقابل اتفاقية تطبيع مع إسرائيل".

وقال مجدلاني: "الأمر ذاته سيكون بالنسبة للبحرين وعُمان اللتين ستسيران على خطى الإمارات".

وكانت البحرين وسلطنة عُمان والإمارات من الدول التي شاركت في مؤتمر البحرين الاقتصادي الذي استضافته المنامة، في 25 يونيو/ حزيران 2019، ضمن خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية "صفقة القرن"، فضلاً عن أن عُمان تتمتع بعلاقات قوية مع إسرائيل منذ سنوات طويلة.

وقال مجدلاني: "لقد قدمت الإمارات خدمة كبيرة لترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مستخدمة ملف ضم الأراضي الفلسطينية، وهو الأمر الذي لن يستطيع ترامب تنفيذه بسبب المشاكل الداخلية التي تعترضه، لكنه سيستخدم الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي كإحدى النقاط الرابحة جداً في معركته الانتخابية".

وأضاف مجدلاني "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يكن باستطاعته تنفيذ تهديده بالضم بسبب انشغال ترامب عنه بالمشاكل الداخلية الأميركية والانتخابات، فضلاً عن العراقيل التي وضعها اليمين الإسرائيلي ضد خطة ترامب، التي تترك القليل من الأراضي للفلسطينيين وإمكانية لدولة مشوهة، وهذا ما لا يريده اليمين الإسرائيلي ويرفضه بشكل حاد".

وحول ماذا كسبت الإمارات من اتفاقها مع إسرائيل، قال مجدلاني: "أصبحت الإمارات الحليف الأول للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة متقدمة على السعودية".

وتصاعد قلق القيادة الفلسطينية من الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي الأميركي، الذي بات يُطلق عليه "اتفاق العدوان الثلاثي"، إذ باتت تتخوف من أن هذا الاتفاق سيكون مقدمة لفكفكة الموقف العربي وشرذمته، بهدف إضعاف القيادة الفلسطينية وإرغامها على القبول بالمشروع الأميركي الذي لم يسحب بعد وقد يبقى، إلا في حال سقوط ترامب في الانتخابات الأميركية المقبلة.

وتدرك القيادة الفلسطينية أن وجود ترامب بات مصلحة لعدد من الدول العربية مثل السعودية والإمارات ومصر إضافة لإسرائيل، وتبذل الدول العربية جهداً وتقدم له دعماً غير محدود ليفوز بالانتخابات، لا سيما السعودية والإمارات بسبب نفوذهما في المنطقة.

وقال مجدلاني: "نحن اليوم أمام حصار مالي وسياسي بقرار أميركي، والهدف منه خياران، إما أن تستسلم القيادة الفلسطينية أو أن نقوم بالتفتيش عن صيغة مقاربة للحل استناداً إلى الخطة التي طرحها ترامب".

بدروه، اعتبر القيادي في "الجبهة الشعبية" عمر شحادة أن موقف القيادة الفلسطينية "ضعيف وردها دون المستوى".

وقال، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "يجب أن تقوم القيادة الفلسطينية بسحب الاعتراف المتبادل بينها وبين إسرائيل، وإعلانها الانسحاب من اتفاق أوسلو الذي قادنا لهذه المرحلة البائسة".

وتابع: "يجب أن تكون هناك دعوة واجتماع طارئ للإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية يضم جميع الفصائل الفلسطينية، والبدء ببرنامج عمل سياسي وميداني"، مشدداً على أنه "يجب الدعوة لاجتماع طارئ لجامعة الدول العربية".

وفي السياق، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اليوم الجمعة، إنّ قرار الإمارات العربية المتحدة بإبرام اتفاق مع إسرائيل كان سيتم، سواء بوجود الضم الإسرائيلي أو من دونه.

تصريحات عريقات جاءت خلال لقائه مع القنصل العام الإيطالي جوسيبي فيدلي، والقنصل الإسباني العام إيغناسيو غارسيا فالديكاساس، والقائم بأعمال رئيس البعثة الألمانية في فلسطين مايكل هارولد، كل على حدة، مطالباً هذه الدول بوجوب استمرارها بالثبات على مواقفها المؤيدة للقانون الدولي والشرعية الدولية، والرافضة لصفقة القرن والضم والاستيطان وفرض الحقائق على الأرض.

وقال عريقات: "إن ما قامت به الإمارات خطأ استراتيجي ناتج عن حسابات خاطئة لإرضاء جاريد كوشنر، استناداً لتحالفات وهمية لمواجهة إيران التي تعتبر بالنسبة لهما خطراً وجودياً".

وتابع "الحقيقة تتمثل بأن هذا الاتفاق قد حقق تقوية لإيران ما كانت لتحصل عليها ولو أنفقت بلايين الدولارات، فقيام دولة الإمارات بمكافأة نتنياهو على جرائم الحرب، التي ترتكبها حكومته بحق أبناء الشعب الفلسطيني، مقابل ورقة تين عنوانها تجميد مؤقت لعملية الضم، أكد نتناياهو أنه سوف يستمر بها ولن يتخلى عنها، تعني بالضرورة الحكم بالإعدام على أي إمكانية لتحقيق السلام الحقيقي القائم على مبدأ الدولتين على حدود 1967 في المنطقة".

وأوضح عريقات أن الاتفاق "تكريس لفكرة الدولة بنظام الأبرتهايد، الذي يعتبر أساساً لمشروع ترامب نتنياهو المسمى "صفقة القرن"، والتي أصبحت الإمارات الدولة الوحيدة بالعالم التي أقرتها بعد إدارة الرئيس ترامب ونتنياهو، والتي تعني تدمير الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني والقبول بالقدس عاصمة لإسرائيل وإسقاط حق العودة للاجئين".

وكان عريقات طالب الإمارات، في تصريحات صحافية، "بالتراجع عن اتفاقها مع إسرائيل"، قائلاً: "إن الوقت لم يفت بعد على التراجع".

وطالب عريقات "من ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز أن يطلب من الإمارات التراجع عن الاتفاق"، فيما استنكر "بيانات الترحيب التي صدرت من مصر والبحرين"، متسائلاً "على ماذا الترحيب؟".

ودعا عريقات أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى إصدار بيان فوري يدين الاتفاق باسم الجامعة، مضيفاً "على الجامعة العربية إلزام كل الدول الأعضاء بميثاقها وقراراتها".

واعتبر عريقات الاتفاق قبولاً إماراتياً واضحاً بالواقع الذي فرضته إسرائيل على الأرض، وقال: "ورود عبارة (لا مزيد من الضم) 3 مرات في البيان الأميركي- الإسرائيلي- الإماراتي يعني خطاً أخضر لما تقوم به إسرائيل في القدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل، وخطاً أخضر لممارسات الاحتلال في المسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، وغيرها من الأماكن المقدسة".

المساهمون