الفلتان الأمني يؤرق سكان مناطق النظام الموالية بحمص وحماة

26 ابريل 2017
سلب ونهب وخطف واغتصاب بحماية النظام (يوسف قروشان/فرانس برٍس)
+ الخط -
لم يعد الفلتان الأمني وعمليات الخطف في سورية، وتحديدًا في حمص وحماة، حكراً على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وحسب، بل وصل الأمر إلى أحياء النظام الموالية، ذات الغالبية المتطوعة في مليشات وصفوف النظام، كحي الزاهرة وحي وادي الذهب في مدينة حمص، حيث تشتهر تلك الأحياء بموالاتها النظام وتطويع معظم شبانها وفتياتها، حتى ممن لم يبلغوا الثامنة عشرة، في مليشات النظام والقتال إلى جانبه، ولكن ذلك كان أمراً سلبياً عاد عليهم بالضرر.

وفي إفادة للناشط محمد الحمصي، أحد ناشطي مدينة حمص، لـ"العربي الجديد"، تحدث عن حالتي خطف شهدتهما أحياء النظام الموالية في المدينة منذ أيام، الأولى كانت في حي ضاحية الوليد، الذي يسيطر عليه النظام، حيث أقدم ثلاث شبّان من الطائفة العلوية، أحدهم طالب جامعي باختطاف سائق سيارة أجرة مع سيارته، ومن ثم قام بقتله ورميه في إحدى قرى ريف حمص الشرقي، وبيع سيارته بمبلغ 280 ألف ليرة سورية فقط.

كما شهد حي ضاحية الباسل بحمص أيضاً، بحسب الشاهد ذاته، واقعة خطف امرأة في الثلاثينيات من عمرها من قبل شبيحة الحي أنفسهم، وبعد أيام وجدت مقتولة في شوارع الحي، وعلى ثيابها آثار تمزيق واغتصاب.

وفي شهادة أخرى، تحدّثت علا، وهي شابة تعيش في أحياء حمص الموالية، لـ"العربي الجديد"، عن أن "الخوف والرعب من عمليات الخطف من قبل شبيحة الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام ذاتها، والذين هم من أهلها، بات يخيّم على الأهالي هناك، وخاصة على الأطفال الصغار أثناء خروجهم من مدارسهم، وعلى الفتيات في سن الثامنة عشرة وحتى الثلاثين، خاصة في ظل تسليح معظم شبّان ورجال جميع أحياء النظام الموالية، كحي وادي الذهب وعكرمة والزهراء، إذ بات السلاح متاحاً للشباب ممن لم يبلغوا سن الخامسة عشرة حتى، وهذا ما زاد من خوف الأهالي من عمليات الخطف والاغتصاب التي باتت تنتشر بشكل كبير ضمن أحيائهم".

وأضافت أن "حالات الخطف في الأحياء الموالية غالباً ما تكون فديتها ملايين الليرات السورية، كما أن الخاطفين الذين هم من شبيحة النظام، يقومون بتهديد أهالي المخطوفين باتهامهم بالتعاون مع الثوار والمعارضة في حال تم إبلاغ الأمن والشرطة بعملية الخطف، وهذا ما يصعّب على أهالي المخطوف حتى استخدام وساطاتهم النافذة في الدولة، كونهم من الموالين للنظام".


وعزت في حديثها عمليات الخطف في تلك الأحياء، وانتشارها مؤخراً، إلى أنها تتم من أجل المال غالباً، أو من أجل ثأر شخصي بين عائلة وأخرى، أو لإثبات نفوذ عائلة على حساب أخرى، في حين أن النظام يقوم بالتكتم الكامل على ذلك محاولاً ضبط الأمور في مناطقه الموالية، دون ضجّة تثير غضب أهالي المناطق الأخرى عليه.

كما قامت صفحات مؤيدة للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، بنشر عشرات التحذيرات والنصائح بضرورة التزام المنازل ليلاً، والحذر بشكل كبير من السيارات من نوع "فان" المغلق، وطالبت حواجز اللجان الشعبية المنتشرة في أرجاء تلك الأحياء بتفتيش جميع السيارات ومعرفة سائقيها، وسط تصعيد كبير في نبرة منشورات الشبيحة على صفحاتهم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تجاه السلطات القضائية والأمنية التابعة للنظام، خصوصاً في ظل غياب القانون وانتشار السلاح وإعطاء السلطة المطلقة للشبيحة، والذي سرعان ما انقلب سلباً على أحيائهم ذاتها.

سلب وقتل داخل مليشيات النظام 

بالتوازي مع ذلك، تشهد قرى وبلدات ريف حماة الموالية للنظام الكثير من عمليات الخطف والقتل داخل صفوف وحدات ومليشيات النظام ذاتها، وبين صفوف "الشبيحة" المقاتلين فيها أنفسهم، علاوةً على تلك العمليات التي أنهكت أهالي مدينة حماة أيضاً.

وتحدث الناشط الإعلامي والميداني في مدينة مصياف، كريم العلي، لـ"العربي الجديد"، عن أن "منطقة مصياف، وما حولها، تشهد صخباً كبيراً جراء عمليات القتل والخطف المستمرة لعناصر ومليشيات مقاتلة مع النظام من المليشيات ذاتها، وهذا ما يحوّل الدائرة إلى صراع (يخوضه) النظام وقواته مع ذاته؛ فلم يعد الثوار هم العدو الوحيد لتلك المليشيات، بل أصبح يعادي بعضها بعضًا في الآونة الأخيرة".

واعتبر العلي أن "هذا هو ثمن انتشار السلاح بين الجميع، حتى ممن هم دون سن المراهقة في مناطق النظام بريف حماة، فانتشار السلاح المكثف وبشكل كبير لجميع من يطلب من أبناء القرى الموالية؛ حوّل المعارك من ساحات القتال مع الثوار إلى قراهم ذاتها".

وقد شهدت مدينة مصياف، في الآونة الأخيرة، مقتل خمسة عناصر من مليشيات "الدفاع الوطني" التابعة للنظام، وجدوا مقطوعي الرأس مرتدين البزة العسكرية، وذلك على طريق وادي العيون - مصياف بريف حماة، كما تم العثور على جثتين على طريق مصياف - حمص بريف حماة الغربي، بالإضافة للعثور على جثّة أخرى لأحد أبناء الطائفة العلوية على طريق حماة - مصياف عند طريق الروضة، وعلى جثّة لآخر بالقرب من معسكر دير شميّل قرب مصياف بريف حماة.

ويعزو القيادي في كتائب المعارضة بريف حماة "أبو عبد الله"، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أسباب هذا الفلتان الأمني الكبير في مناطق الموالاة إلى أنّ "عناصر المليشيات من الدفاع الوطني وغيرها لا تتقاضى مستحقاتها وأجورها المالية في الآونة الأخيرة، ما جعلها تقوم بأعمال تشبيحية تبدأ باعتراض سيارات وسرقتها وقتل أو خطف من بداخلها، لتعويض خسائرها المالية بوسائل أخرى، حتى لو كانت على حساب أبناء طوائفهم ذاتها".

واستنادًا إلى مصادره من داخل النظام، أكّد القيادي ذاته أن "عمليات التشبيح طاولت مجموعات التشبيح فيما بينها، إذ تقوم كل مجموعة من مجموعات مليشيات النظام بنصب كمائن لمجموعات أخرى، وسلب سياراتها، وسرقة ما بحوزتها من سلاح وذخيرة، وقتل عناصر للمجموعة، كما حصل قرب مصياف للعناصر الخمسة منذ عدّة أيام".

وحذّر القيادي الميداني أهالي مدينتي حماة وحمص والمناطق القريبة من قرى النظام الموالية من خروج المدنيين ليلاً خارج مدنهم، خاصة مع "مجموعات الترفيق" التي انتشرت مؤخراً لمرافقة المدنيين في رحلاتهم خارج المدن ليلاً، والتي من المفترض أن تكون مهمتها هي حماية البضاعة والسيارات إلى أن تصل هدفها، ولكن "مجموعات الترفيق" تلك باتت تشكل الخطر الأكبر والأساسي على من يقومون بمرافقته في رحلاته، إذ تقوم بالاتفاق مع مجموعات رديفة أخرى للهجوم والسطو على تلك البضاعة ومن يحملها، ومن ثم سرقتها وخطف المسؤولين عن نقلها، وطلب فديات مالية كبيرة بعدها.

المساهمون