الفكر السياسي الفلسطيني بين 1964-1974

13 يوليو 2015
+ الخط -
يعد هذا الكتاب للروائي والكاتب الفلسطيني فيصل حوراني، من بين الكتب التي تناولت القضية الفلسطينية بكل شفافية ووضوح، إذ قدم الكاتب طرحا مختلفا للقضية بسلبياتها وايجابياتها، ملما بكل الجوانب التي تضمنتها تلك المرحلة من عمر قضية الشعب الفلسطيني.

يتمحور الموضوع الأساسي للكتاب حول إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، والتي لعبت دورا محوريا وكبيرا في الأوساط الفلسطينية الداخلية والدولية. حيث يرى الكاتب أن المنظمة عانت من وجود ثغرات أثرت على أدائها، أهمها، نقص التمويل والكفاءات المدربة، إضافة إلى التدخل العربي في المنظمة ماليا وسياسيا ووجوديا. علما أن القضية الفلسطينية اتخذت شكلا وطابعا مختلفين بعد إنشاء المنظمة، فقد كانوا قبل ذلك بلا تنظيم أو بلا جهة رسمية تنطق بما يريدون.

تناول الكتاب الميثاق الوطني الفلسطيني، فقد كان الميثاق نقطة انطلاق حقيقية للفلسطينيين في داخل الأراضي المحتلة، ولللاجئين الذين يقاتلون للتحرير من الخارج. حيث إنه في غضون عشر سنين تأكد الوجود الفلسطيني في كل ما يتعلق بجوهر الصراع العربي الإسرائيلي. ويضيف الكاتب أن العمل الوطني كان أكبر وأكثر تنظيما وفاعلية بسبب تجاوزه للكثير من المعوقات والسلبيات التي تراكمت قبل احتلال فلسطين عام 1948 وما استجد بعده.

ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى الحديث عن صياغة البرنامج المرحلي للمنظمة والجدية في المعالجة الفلسطينية والعربية لقضية فلسطين. ويرى الكاتب أنه كان من الضروري صياغة هدف مرحلي واضح للكفاح الوطني الفلسطيني ورفض أي إنجاز أقل منه، بدل التشبث بهدف شامل لا تكون القضية الفلسطينية عاملا أساسيا فيه، وبدلا من الخضوع للحكومات العربية التي بدأت علاقتها مع إسرائيل في ذلك الوقت تتخذ الطابع السلمي، خاصة بعد حرب تشرين 1973، لتكون المنظمة بأهدافها المعلنة هي الممثل الشرعي والوحيد في ما يخص القضية الفلسطينية، وأيضا المسؤول عن تحرير الأرض واسترجاع المقدسات.

برنامج النقاط العشر الذي صدر عام 1973 في القاهرة، نص بشكل واضح على رفض قرار (242)، الذي تراه المنظمة يطمس الحقوق الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني. إذ على أساسه يُنظر إلى المشكلة الرئيسية في القضية الفلسطينية على أنها مشكلة لاجئين فقط. إضافة إلى عدم الوضوح في نقاط مهمة، منها الكفاح المسلح لتحرير الأرض، والنضال ضد أي كيان أو مشروع فلسطيني ثمنه الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، والصلح معه، والحدود الآمنة له، والتنازل عن الحق الوطني، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه.

مرحلة التسوية، هي المرحلة الثالثة حسب الترتيب الزمني للكتاب، بدأت هذه المرحلة بعد عام 1974، ويذكر الكاتب فكرة واضحة تناولتها الأوساط الفلسطينية والتي تحدثت عنها المنظمة في المؤتمرات اللاحقة للعام نفسه، وهي إقامة السلطة الوطنية المستقلة للشعب فوق أي جزء يتحرر من تراب وطنه، إضافة إلى التأكيد على الكفاح بجميع أشكاله، ليكون هناك استيعاب للطاقات والإمكانيات كافة للوصول إلى الهدف المعلن والمنشود حسب ما أقرته المنظمة.

ولعل من النقاط المهمة التي تطرق لها الكاتب أيضا، نشوء حركة فتح بالتزامن مع نشوء المنظمة، وكيف كانت تتبنى آنذاك أسلوب الكفاح المسلح في التحرير. كما ذكر الكاتب بعض النقاط التي تظهر الضعف في هذه الحركة، وتطرق إلى السلبيات التي كانت تعاني منها في ذلك الوقت، فأخذ كتابه طابع الحيادية بالرغم من أنه من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وقد اعتمد في توثيق هذه المعلومات على مقابلات شخصية مع الأشخاص الذين كان لهم دور في صنع القرار الفلسطيني آنذاك، وأيضا القرارات التي كانت تنتج عن المؤتمرات المعنية بالقضية.

(كاتبة فلسطينية)
المساهمون