الفقراء قطع غيار:سوق الأعضاء البشرية ناشطة في الدول العربية

16 مارس 2015
+ الخط -
شدة الحاجة، وضنك العيش، دفعت مواطنين إلى التجارة في كلاهم وأعضائهم، أو بيع دمائهم، لعلها تساعدهم في مواجهة مصاريف العيش. سوق بيع الأعضاء تحولت إلى "بورصة" ناشطة، "أسهمها" أناس في صحة جيدة، ومستعدون للتخلي عن بعض أعضائهم مقابل آلاف الدولارات، ومحركوها سماسرة أصبحوا ينشطون بين الدول، ويستغلون الظروف الأمنية والسياسية للعبث بأجساد الضحايا، وتحقيق أرباح تشجعهم على صيد المزيد. 


"مافيا عربية"
وكشف رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، نبيل فاضل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المنظمة لجأت أخيراً إلى مراسلة كل من "منظمة الأمم المتحدة"، ووجهت خطاباً رسمياً لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، بالإضافة إلى إبلاغ مكتب الجامعة العربية المعني بمحاربة الاتجار بالبشر، وذلك بعد أن عجزت سلطات العديد من الدول عن إيقاف "مافيا عربية"، تتخذ من مستشفى في مصر مقراً لعمليات نزع وبيع الكلى.

وأوضح فاضل أن الضحايا ليسوا من اليمن وحده، بل أكدت الشهادات الموثقة لليمنيين الذين قاموا ببيع أعضائهم في المستشفى ذاته، أن السماسرة ينشطون في كل من السودان، الأردن، فلسطين، وسورية أخيراً، بعد استغلال وضعية اللاجئين الذين أفرزتهم الحرب في بلاد الشام.


وأكد فاضل أن المستشفى في القاهرة يشتري الكلية بمبلغ 4 آلاف دولار، ويدفع ألفي دولار للسماسرة عن كل شخص يستقطبونه. وشدد على أن منظمته لديها أسماء الأطباء المشرفين على عمليات نزع الكلى من أجساد الضحايا، بل لديها كذلك عناوين إقاماتهم كاملة. وأضاف أنها موجودة في جميع المراسلات التي بعثتها المنظمة إلى الجهات المعنية بهذه القضية.

وعن جذور بداية نشاط هذه "المافيا" في اليمن وباقي الدول العربية، صرح نبيل فاضل أنها بدأت تشتغل منذ سنة 2007، مستغلة غياب قانون يجرّم الاتجار بالأعضاء البشرية في اليمن، بل جعلت منه ممراً لاصطياد الضحايا، الذين يتحولون بدورهم إلى سماسرة يبحثون عن دخل إضافي بعد بيع إحدى كلاهم.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن "هيومن رايتس ووتش"، تفاعلت أخيراً مع مراسلات منظمته، وزار عدد من مسؤوليها اليمن قبل شهرين، والتقوا بعدد من الضحايا، الذين وافقوا على الحديث عن رحلتهم تجاه مصر. وشدد فاضل على أن الرحلات نحو مصر تموّل يومياً لنقل ضحايا جدد.


وعن ردة فعل السلطات اليمنية على الظاهرة ونشاط هذه "المافيا"، أوضح فاضل أن السلطات أوقفت أخيراً 150 سمساراً، من بينهم من يحملون جنسية أردنية، لكن تم الإفراج عنهم بسبب ضعف القانون، متوقعاً ألا يعرف الملف حلاً، بسبب الفوضى التي يعيشها اليمن اليوم، والتي كان من بين ضحايا قانون تجريم الاتجار بالأعضاء البشرية الذي لا يزال معلقاً داخل قبة البرلمان.

مصاصو الدماء
بيع الأعضاء البشرية أصبح شيئاً مألوفاً في عدد من البلدان العربية، ففي العام 2012، صدم الرأي العام المغربي بإعلان على أحد المواقع الإلكترونية التجارية، لشخص اسمه ياسين، وهو شاب عاطل من العمل، يبلغ من العمر 22 سنة، عرض كليته للبيع بثمن 800 ألف درهم (80 ألف دولار)، ووضع الشاب رقم هاتفه بل وعنوانه الشخصي.

وتتابعت إعلانات مشابهة في ما بعد، لكن هذه المرة على مواقع التواصل الاجتماعي. كذا، تعرف مراكز الدم ازدحاماً يومياً، وخاصة مركز مدينة الدار البيضاء الذي "يحجّ" إليه المغاربة من جميع المدن. ويصل سعر كيس الدم الواحد، حسب معطيات حصلت عليها "العربي الجديد"، ما بين 200 و400 درهم (20 و40 دولاراً)، فيما يصل ثمن فصائل بعينها إلى أكثر من 2000 درهم للكيس (200 دولار).


وكشف الطبيب المغربي، هشام حساني، أن عملية التخلي عن أي عضو في الجسم تشكل خطراً على صحة واهبه أو من "باعه"، وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد"، "هناك من يعتقد أن التخلي عن إحدى كليتيه أمر عادي، لكن قد تؤدي هذه العملية إلى مضاعفات صحية خطيرة".

وعن عملية بيع لترات من الدم بشكل متكرر، أوضح المتحدث نفسه، أن الفترة الفاصلة بين عملية وأخرى لمنح الدم تبدأ من شهر وما فوق وفق التعليمات الطبية، أما الذين يعطون دماءهم بشكل متكرر فهم يعرضون حياتهم للخطر. وبخصوص كيفية محاربة استغلال "مصاصي الدماء" للفقراء، شدد الطبيب حساني على ضرورة اعتماد قاعدة بيانات موحدة في جميع مراكز الدم المغربية، حيث يظهر اسم المتبرع مباشرة بعد دخوله المركز، وهذه العملية، حسب الطبيب المغربي، تحد من تلاعبات تجار الدماء.

بورصة جثث الحروب
وامتدت عملية الاتجار بالأعضاء البشرية في العراق، حسب معطيات استقتها "العربي الجديد" من مصادر صحافية، إلى جثت ضحايا التفجيرات وضحايا المواجهات المسلحة التي تعرفها البلد، حيث تقوم مجموعة من المستشفيات، حسب المصادر نفسها، بنزع الأعضاء الناشطة للضحية، وتوجهها نحو زبائن داخل العراق وخارجه. وذكرت تقارير صحافية بأن التجارة بالأعضاء البشرية أصبحت مصدر تمويل جديد للجماعات المتطرفة وعلى رأسها "داعش"، التي تقوم بعمليات استئصال الأعضاء من ضحاياها بإشراف أطباء متخصصين في عدد من المستشفيات.

أرقام

6000: كشف جهاز الأمن الأردني في إحدى عملياته التي أوقعت بعصابة متخصصة بالاتجار بالكلى أن هذه الأخيرة تباع في السوق الدولية بستة آلاف دولار.

157: قالت وزارة الداخلية اليمنية نهاية العام الماضي إنها سجلت 157 حالة لـ "ضحايا" تم بيع كلاهم، وأفرج عن المتورطين بسبب غياب قانون يجرم هذه الأعمال.

إقرأ أيضا: البضائع المنهوبة في بيروت: من "البابوج" حتى "الطربوش"

المساهمون