الفصائل السورية المعارِضة تستثمر انتصاراتها في ريف دمشق

22 سبتمبر 2015
من قصف النظام لمدينة حلب (براء عبد الرحمن/الأناضول)
+ الخط -
تمكّن "جيش الإسلام"، أكبر فصائل المعارضة بريف دمشق، من إنهاء معادلة عسكرية استراتيجية فرضها النظام في محيط دمشق، خلال السنوات الثلاث الماضية، بعمليته العسكرية الأخيرة في دمشق ومحيطها. وأنهى سيطرة قوات النظام على النقاط الاستراتيجية التي تفرض الحصار على غوطة دمشق الشرقية، المتاخمة لمدخل العاصمة الشمالي الشرقي. كما سيطر الفصيل على أهم طريق سريع في سورية، وهو أوتوستراد حمص ـ دمشق الدولي، من جسر حرستا وصولاً إلى مخيم الوافدين.

وحقق "جيش الإسلام" بهجومه المباغت، خلال أيام قليلة، ما عجز عن تحقيقه، خلال السنوات الثلاث الماضية، وتمكن مقاتلو الجيش من عبور أوتوستراد دمشق ـ حمص، إلى الجهة الغربية منه، ليسيطروا على التلال والمرتفعات الاستراتيجية الواقعة شمالي ضاحية الأسد، والتي استخدمها النظام في رصد مداخل الغوطة الشرقية من الجهة الغربية. كما استخدم النظام تلك التلال، في قصف بلدات ومدن الغوطة الشرقية، التي تسيطر عليها المعارضة، من خلال المدفعية. وتعني السيطرة على هذه المرتفعات، السيطرة عملياً على أوتوستراد دمشق ـ حمص.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مقرّبة من "جيش الإسلام"، أن "العملية العسكرية الكبيرة التي خاضها جيش الإسلام والتي تكللت بالسيطرة على المرتفعات، وعلى عدد كبير من حواجز ونقاط قوات النظام في محيط سجن عدرا المركزي لدمشق وريفها، وعلى أوتوستراد دمشق ـ حمص على أطراف ضاحية الأسد وبلدة حرستا، تمّت بنجاح بسبب التحضيرات الدقيقة لها، التي استمرت نحو تسعة أشهر".

ويشير المصدر إلى أن "التكتيكات العسكرية التي اتبعها جيش الإسلام في العملية، كان لها وقع مفاجئ على قوات النظام، التي لم تكن تتوقع إطلاقاً انتفاضة كبيرة من هذا النوع من قوات المعارضة، المحاصرة فعلياً في غوطة دمشق منذ نحو ثلاث سنوات. وهدفت تكتيكات جيش الإسلام في مهاجمة قوات النظام على محاور عدة في محيط غوطة دمشق، في وقت واحد، بغية إرباكها والتسلل إلى الجهة الغربية من الأوتوستراد، عبر نفق سري، استغرق حفره شهوراً طويلة. وقد ساهمت تلك التكتيكات في دفع قوات النظام الموجودة في النقاط الاستراتيجية، في محيط الغوطة الشرقية من الجهتين الشمالية والغربية، إلى الانسحاب أمام هجمات جيش الإسلام المباغتة وغير المسبوقة".

اقرأ أيضاً: رسائل سورية معارِضة مبكرة للتدخل الروسي... سيناريو أفغانستان حاضر 

وبدأ "جيش الإسلام" بعد تحقيقه التقدم العسكري في محيط الغوطة، باستثمار التقدم على المستوى الاستراتيجي، وأعلنت قيادته، يوم السبت، فتحها أوتوستراد دمشق ـ حمص الدولي في وجه المدنيين وشاحنات البضائع غير العسكرية، وذلك بعد أن بث ناشطون محليون مقاطع مصورة تظهر قيام كوادر تابعة لجيش الإسلام بتنظيف الأوتوستراد، وإزالة بقايا حواجز قوات النظام عليه".

ولم تفتح قوات النظام السوري الأوتوستراد من جانبها في وجه المدنيين، حتى الآن، لأن فتحه سيعني إنهاء الحصار المفروض على غوطة دمشق الشرقية، ودخول البضائع والشحنات الغذائية والطبية إلى الغوطة للمرة الأولى منذ إغلاق النظام كل الطرقات المؤدية إليها".

ويبدو أن عملية "جيش الإسلام" الأخيرة تهدف، بالدرجة الأولى، إلى فكّ حصار الغوطة الشرقية، لأن فك الحصار من الجهة الشمالية الشرقية أصبح صعباً جداً منذ سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على مدن تدمر والقريتين في ريف حمص الشرقي، وتمدده إلى المناطق الشمالية في منطقة القلمون الشرقي. كما أن فتح طريق إمداد إلى غوطة دمشق الشرقية من الجهة الجنوبية الشرقية، يكاد يكون مستحيلاً، بحكم سيطرة قوات النظام على مناطق العتيبة والمليحة جنوب شرق الغوطة، وامتدادها حتى مطار دمشق الدولي ومناطق السيدة زينب والحسينية، التي تتمركز فيها أعداد كبيرة من مقاتلي المليشيات العراقية والإيرانية.

لكن النظام لن يتساهل في الخضوع لضغوط "جيش الإسلام" بفتح أوتوستراد دمشق ـ حمص في وجه المدنيين والبضائع. وسيعني ذلك إهدار كل جهود النظام لحصار الغوطة خلال السنوات الماضية، خصوصاً سيطرته على طريق التل ـ معربا، الذي يصل مناطق سيطرته في دمشق وضواحيها الغربية، بمناطق سيطرته في القلمون الشرقي وحمص.

إلا أن هذا الطريق يتميز برداءته وعدم قدرته على تلبية متطلبات انتقال مئات الشاحنات وحافلات النقل المدنية والعسكرية، بين دمشق وباقي مناطق سيطرة النظام وسط وغرب سورية، حيث لا يزيد عرض الطريق عن الستة أمتار في بعض مناطقه، كما أنه طريق قديم ولم يتم تجديده منذ أكثر من عشر سنوات.

ومع ذلك يبقى احتمال قيام قوات "جيش الإسلام" بالاشتراك مع قوات "فيلق الرحمن"، أحد أكبر فصائل المعارضة في الغوطة، والذي انضم منذ أيام لـ"جيش الإسلام" في عمليته ضد النظام، بالتقدم من التلال والجبال التي تمت السيطرة عليها، أخيراً، نحو مدينة التل، التي لا تبعد عن مناطق سيطرة المعارضة على التلال الاستراتيجية سوى خمسة كيلومترات فقط.

وسيعني سيطرة قوات المعارضة على التل في حال تمّ الأمر، فصل دمشق بشكل كامل ونهائي عن حمص، وبالتالي عن باقي مناطق سيطرة النظام في وسط وغرب سورية. وهو الأمر الذي سيعني حينها تهديد النظام بخسارة دمشق، ما سيُلزمه الانصياع لمخططات "جيش الإسلام" وتقبّل فكرة فك الحصار عن غوطة دمشق الشرقية، من خلال فتح أوتوستراد دمشق ـ حمص.

اقرأ أيضاً: ساعات حاسمة على مفاوضات الزبداني: المعارضة الطرف الأقوى