سيتوقف التاريخ طويلاً أمام "الفزعة" الوحيدة من نوعها، والتي قامت بها دولة الإمارات في اليمن. تلك الفزعة أو النجدة التي تجاوزت كل أعراف السياسة والأخلاق، وببجاحة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.
فقد نشر موقع إماراتي، قبل أيام، "فلاش" يبرر ناشروه دعم بلادهم لتمزيق اليمن، ويعددون فيه بعض ضحاياهم وجرحاهم منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في العام 2015، وكيف أنهم ساعدوا في تحرير بعض الأراضي جنوب اليمن من سيطرة الحوثيين. وكأن لسان حالهم يقول إن الجزء الذي ساعدوا بتحريره هو مكافأتهم لقاء ما قدموه من مساعدة. هو بالطبع منطق غريب يفتقر إلى أدنى درجات الحياء، وسابقة يُسجلها التاريخ في أشد صفحاته قتامة، بوصفها "ماركة" إماراتية، هي في حد ذاتها ليست مجرد طعنة غادرة في خاصرة اليمنيين، وحليفتها السعودية، بل هي أيضاً، مثلبة في وجه الإمارات نفسها ستظل تلاحقها أبد الدهر.
والحقيقة أن مثل هذه السابقة الغادرة مكتوب لها الفشل الذريع، عاجلاً أم آجلاً. وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على ضحالة الخيال السياسي لدى من قام بها، ودليل على افتقاره لأدنى درجات اللياقة والحياء. منذ أحداث عدن الأخيرة، التي سيطر فيها أتباع الإمارات على العاصمة المؤقتة للحكومة، واليمنيون على منصات التواصل الاجتماعي يعبّرون عن صدمتهم وسخطهم حيال الغرور الإماراتي منقطع النظير. ذلك الغرور الذي لم يتوقف عند حدود الدعم العسكري والسياسي والمادي والإعلامي للانفصاليين، بل تعداه إلى حملة من الشتائم تولّاها بعض كبراء القوم في أبو ظبي ودبي، الأمر الذي استنفر اليمنيين للرد على حملة الإساءات الإماراتية، في مشهد مؤسف للتلاسن العربي العربي، يتحمل قادة أبو ظبي وحدهم وزره، مثلما يتحملون وزر الثلمات الكبيرة، التي طاولت تجربة حديثة لنجدة عربية، كان مؤمّلاً أن تتحول إلى دافع لعودة التضامن العربي دون حاجة لغريب، أو خشية من خيانة.
وفي بداية انطلاق "عاصفة الحزم" كانت الشوارع في المناطق الخاضعة للشرعية مليئة بعبارات الامتنان، من قبيل "شكراً إمارات الخير"، و"شكراً أبناء زايد"، أما اليوم، فلا شيء في مواقع التواصل، ووسوم الناشطين اليمنيين سوى المطالبة بطرد الإمارات من اليمن ومن التحالف. يا له من مآل بئيس لفزعة غادرة استغلت ظروف اليمن المنكوب لتثخن من جراحه وتزيد من متاعبه.