عززت المناظرات الانتخابية والنقاشات العلنية بين قوى المجتمع الأميركي ورموزه السياسية والحزبية بما في ذلك مناظرة السبت بين المرشحين المتنافسين على تمثيل الحزب الديمقراطي للرئاسة، من صحة وجهة النظر القائلة إن إغفال قرار مجلس الأمن الدولي بشأن سورية لمسألة حسم مصير الرئيس بشار الأسد قد ينذر بفشل التسوية السياسية المأمولة، وأن رحيل الأسد المأمول أصبح مرتبطاً إلى حد كبير بهوية الرئيس الأميركي المقبل.
ومن المحتمل أن يكون الأسد أكبر المستفيدين من فشل المرشحة الديمقراطية المحتملة هيلاري كلينتون في الوصول للبيت الأبيض لصالح منافسها داخل حزبها الديمقراطي بيري ساندرز أو لصالح منافسها المحتمل من خارج حزبها الملياردير الساعي إلى تمثيل الحزب الجمهوري دونالد ترامب.
يدرك الجميع أن نجاح التسوية في سورية مرتبط برحيل الأسد، في حين أن بقاءه على رأس السلطة تحت أي مبرر بعد كل ما فعله بشعبه لا يعني سوى إجهاض كل التوافقات الأخرى التي تم التوصل إليها بصعوبة بين موسكو وواشنطن. غير أنه من المفارقات أن أهم بند في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو ما لم يرد في القرار. فعندما تفادى النصَّ صراحة على رحيل الأسد، فإنه ترك الباب موارباً أمام بقاء الرجل سنوات أخرى أو في أحسن الأحوال حصوله هو وأركان حكمه على فرصة الرحيل الطوعي، وهو ما يستبعد حدوثه.
هناك من يعتبر أن تفاخُر المرشحة الديمقراطية المحتملة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون خلال المناظرة الأخيرة مع منافسيها الديمقراطيين، بدورها في التسوية السورية، ربما يعكس وجود معلومات لديها تجعلها تغامر بإسباغ المديح على القرار 2254 مع أنه يوصف بأنه سيئ، ويحظى بأكبر قدر من التشكك في نجاحه، بل والتنديد بمضمونه في كثير من الحالات.
وعلى النقيض من رأي الآخرين، فقد نسبت كلينتون لنفسها الفضل في زرع بذور ما أسمته الحل الدولي للأزمة السورية. وتفاخرت كلينتون خلال مناظرة تلفزيونية مساء السبت، بأنها أدت دوراً مهماً في صياغة أسس القرار. وتحملت كلينتون بذلك من دون قصد منها عبء الانتقادات الواسعة التي جوبه بها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لتجاهله النص صراحة على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد واشتماله على بنود عديدة تصب في خانة الشروط الروسية.
وجمعت المناظرة كلينتون مع مرشحين اثنين من الحزب الذي تنتمي إليه هما منافسها القوي السيناتور بيرني ساندرز ومرشح ثالث أقل حظاً في الوصول للرئاسة، هو حاكم ولاية ميريلاند السابق مارتين أومالي. وقالت المرشحة الديمقراطية إنها عندما كانت على رأس الدبلوماسية الأميركية، كانت هي التي فاوضت أطرافاً عدة في جنيف منتصف عام 2012 لإبرام اتفاق جنيف السوري الشهير الذي أصبح لاحقا مرجعية أساسية لبنود الحل الوارد في قرار مجلس الأمن الأخير.
وتسبّب إغفال ذكر الأسد في إضعاف القرار بالنسبة لعدد كبير من المراقبين الأميركيين. وانتهزت كلينتون فرصة المناظرة التي جرت وقائعها في ولاية نيوهامبشر، لشرح وجهة نظرها مما يجري في سورية وتقديم مؤشرات على الكيفية التي ستتعامل بها سياسياً مع نظام بشار الأسد وعسكرياً مع تنظيم "داعش" في حال عادت إلى البيت الأبيض كأول رئيسة أنثى للولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً القرار 2254 حول سورية: الغرب يتنازل لشروط روسيا
في محاولة منها لإبراز ما يميزها عن الرئيس الحالي باراك أوباما بخصوص الأزمة السورية، أوضحت كلينتون أنها تدعم بقوة إقامة منطقة حظر جوي للطيران في سورية، وهي الفكرة التي طالما أبدى أوباما تردداً في تنفيذها. غير أن رأي كلينتون الداعم لفكرة الحظر الجوي قوبل بنوع من السخرية المغلفة بعبارات مهذبة من جانب الشبكة التلفزيونية المستضيفة للمناظرة "أي بي سي".
وتساءلت الصحافية مارثا راداتز مقدمة البرامج التلفزيونية في الشبكة عن جدوى منطقة الحظر الجوي المقترحة في ظل عدم امتلاك تنظيم "داعش" ولا تنظيم القاعدة ولا أي جماعة من الجماعات المسلحة المرتبطة بهما لأي طائرات حربية؟ كما وجهت الصحافية التلفزيونية المشاركة في إدارة المناظرة سؤالاً أكثر إحراجاً لهيلاري كلينتون يتعلق بمدى استعدادها لإسقاط مقاتلات تابعة لروسيا أو لنظام بشار الأسد في حال اختراق طائرة من طائراتهما منطقة الحظر الجوي المشار إليها. وكان السؤال ذاته قد طُرِحَ على المرشحين الجمهوريين في المناظرة الخاصة بهم الأسبوع الماضي، فأعربوا عن استعدادهم جميعاً للتعامل بحزم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعدم التردد في إسقاط أي طائرة من طائراته أو طائرات حليفه بشار الأسد.
لكن بالمقارنة مع وضوح الرد الجمهوري وصرامة معظم المتنافسين على تمثيله، فقد حمل رد المرشحة الديمقراطية في طياته نوعاً من المراوغة، حيث قالت إنها لا تعتقد أن الولايات المتحدة ستجد نفسها في موقف يستدعي إسقاط طائرة روسية أو سورية. وجاءت إجابتها على النحو التالي. وعندما طُلب من منافس كلينتون القوي بيري ساندرز أن يعلق على ما طرحته منافسته بشأن سورية، أجاب السيناتور المعروف بتوجهاته "الاشتراكية" أنه يتبنى رأياً يخالف جذرياً ما تتبناه وزيرة الخارجية السابقة، معيداً التذكير بأنه كعضو في مجلس الشيوخ أدلى بصوت معارض لحرب العراق منذ البداية، في حين أن هيلاري كلينتون التي كانت زميلة له حينها في المجلس، صوّتت لصالح الحرب، وأيدت خطط الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش ونائبه ديك تشيني. كما أعرب ساندرز عن خشيته من أن هيلاري كلينتون "لديها ميل لتغيير الأنظمة والتعامل بشدة مع الآخرين من دون إدراك للنتائج غير المحسوبة التي قد تظهر في اليوم التالي".
ولم تدع هيلاري كلينتون السيناتور الأميركي الذي تكاد آراؤه تتطابق مع آراء الرئيس الحالي باراك أوباما يفلت بانتصار عليها في محاججتها، فزعمت أنه أعاد تكرار ما قالته هي من آراء، وفندت معارضته للإطاحة بالأنظمة بأنه أدلى بصوته في مجلس الشيوخ لصالح الإطاحة بمعمر القذافي، لكن ساندرز علق ضاحكاً: "لم أكن أنا وزيراً للخارجية"، في إشارة منه إلى أن السياسة الخارجية تصنعها بالدرجة الأولى السلطة التنفيذية لا التشريعية، وأن المسؤولين التنفيذيين هم من يتحملون المسؤولية عن القرارات الخاطئة أو غير الخاطئة.
لكن استطلاعات الرأي عقب المناظرة أشارت إلى تفوق أداء السيناتور الديمقراطي ساندرز خلال المناظرة على منافسته القوية التي يهابها المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون بدرجة متساوية. وفي حال نجح الجمهوريون في تقويض حظوظ كلينتون خلال الشهرين المقبلين، فإنهم قد يفتحون الطريق أمام ساندرز لتمثيل الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة، وهو ما يعني منحه فرصة ذهبية للوصول إلى البيت الأبيض ليستمر نمط الحكم على نهج أوباما، وعلى حساب السيدة التي طال انتظارها للعودة إلى بيتها الأثير. وهناك احتمال كبير ألا يتحقق أملها.
لكن من اللافت أن المرشح الذي يفاخر بأنه ابن مهاجر فقير من بولندا، ولديه مشاعر ومبادئ اشتراكية ويدرك معنى المعاناة، لم يبد اكتراثاً يذكر بمعاناة السوريين مما يجري في بلدهم بالقدر الذي تبديه المرشحة الوسطية هيلاري كلينتون. ومن تحليل نتائج المناظرة التي سادها الاحترام بين المشاركين، يمكن الخروج بأهم استنتاج فيها وهو أن وصول هيلاري كلنتون للرئاسة يرجح رحيل الأسد، وأن نجاح ساندرز أو الجمهوري ترامب لا يعني سوى بقاء الأسد لفترة أطول.
اقرأ أيضاً: تهديد ترامب بالترشيح مستقلاً يصبّ في مصلحة كلينتون
ومن المحتمل أن يكون الأسد أكبر المستفيدين من فشل المرشحة الديمقراطية المحتملة هيلاري كلينتون في الوصول للبيت الأبيض لصالح منافسها داخل حزبها الديمقراطي بيري ساندرز أو لصالح منافسها المحتمل من خارج حزبها الملياردير الساعي إلى تمثيل الحزب الجمهوري دونالد ترامب.
هناك من يعتبر أن تفاخُر المرشحة الديمقراطية المحتملة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون خلال المناظرة الأخيرة مع منافسيها الديمقراطيين، بدورها في التسوية السورية، ربما يعكس وجود معلومات لديها تجعلها تغامر بإسباغ المديح على القرار 2254 مع أنه يوصف بأنه سيئ، ويحظى بأكبر قدر من التشكك في نجاحه، بل والتنديد بمضمونه في كثير من الحالات.
وعلى النقيض من رأي الآخرين، فقد نسبت كلينتون لنفسها الفضل في زرع بذور ما أسمته الحل الدولي للأزمة السورية. وتفاخرت كلينتون خلال مناظرة تلفزيونية مساء السبت، بأنها أدت دوراً مهماً في صياغة أسس القرار. وتحملت كلينتون بذلك من دون قصد منها عبء الانتقادات الواسعة التي جوبه بها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لتجاهله النص صراحة على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد واشتماله على بنود عديدة تصب في خانة الشروط الروسية.
وجمعت المناظرة كلينتون مع مرشحين اثنين من الحزب الذي تنتمي إليه هما منافسها القوي السيناتور بيرني ساندرز ومرشح ثالث أقل حظاً في الوصول للرئاسة، هو حاكم ولاية ميريلاند السابق مارتين أومالي. وقالت المرشحة الديمقراطية إنها عندما كانت على رأس الدبلوماسية الأميركية، كانت هي التي فاوضت أطرافاً عدة في جنيف منتصف عام 2012 لإبرام اتفاق جنيف السوري الشهير الذي أصبح لاحقا مرجعية أساسية لبنود الحل الوارد في قرار مجلس الأمن الأخير.
وتسبّب إغفال ذكر الأسد في إضعاف القرار بالنسبة لعدد كبير من المراقبين الأميركيين. وانتهزت كلينتون فرصة المناظرة التي جرت وقائعها في ولاية نيوهامبشر، لشرح وجهة نظرها مما يجري في سورية وتقديم مؤشرات على الكيفية التي ستتعامل بها سياسياً مع نظام بشار الأسد وعسكرياً مع تنظيم "داعش" في حال عادت إلى البيت الأبيض كأول رئيسة أنثى للولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً القرار 2254 حول سورية: الغرب يتنازل لشروط روسيا
في محاولة منها لإبراز ما يميزها عن الرئيس الحالي باراك أوباما بخصوص الأزمة السورية، أوضحت كلينتون أنها تدعم بقوة إقامة منطقة حظر جوي للطيران في سورية، وهي الفكرة التي طالما أبدى أوباما تردداً في تنفيذها. غير أن رأي كلينتون الداعم لفكرة الحظر الجوي قوبل بنوع من السخرية المغلفة بعبارات مهذبة من جانب الشبكة التلفزيونية المستضيفة للمناظرة "أي بي سي".
وتساءلت الصحافية مارثا راداتز مقدمة البرامج التلفزيونية في الشبكة عن جدوى منطقة الحظر الجوي المقترحة في ظل عدم امتلاك تنظيم "داعش" ولا تنظيم القاعدة ولا أي جماعة من الجماعات المسلحة المرتبطة بهما لأي طائرات حربية؟ كما وجهت الصحافية التلفزيونية المشاركة في إدارة المناظرة سؤالاً أكثر إحراجاً لهيلاري كلينتون يتعلق بمدى استعدادها لإسقاط مقاتلات تابعة لروسيا أو لنظام بشار الأسد في حال اختراق طائرة من طائراتهما منطقة الحظر الجوي المشار إليها. وكان السؤال ذاته قد طُرِحَ على المرشحين الجمهوريين في المناظرة الخاصة بهم الأسبوع الماضي، فأعربوا عن استعدادهم جميعاً للتعامل بحزم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعدم التردد في إسقاط أي طائرة من طائراته أو طائرات حليفه بشار الأسد.
لكن استطلاعات الرأي عقب المناظرة أشارت إلى تفوق أداء السيناتور الديمقراطي ساندرز خلال المناظرة على منافسته القوية التي يهابها المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون بدرجة متساوية. وفي حال نجح الجمهوريون في تقويض حظوظ كلينتون خلال الشهرين المقبلين، فإنهم قد يفتحون الطريق أمام ساندرز لتمثيل الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة، وهو ما يعني منحه فرصة ذهبية للوصول إلى البيت الأبيض ليستمر نمط الحكم على نهج أوباما، وعلى حساب السيدة التي طال انتظارها للعودة إلى بيتها الأثير. وهناك احتمال كبير ألا يتحقق أملها.
لكن من اللافت أن المرشح الذي يفاخر بأنه ابن مهاجر فقير من بولندا، ولديه مشاعر ومبادئ اشتراكية ويدرك معنى المعاناة، لم يبد اكتراثاً يذكر بمعاناة السوريين مما يجري في بلدهم بالقدر الذي تبديه المرشحة الوسطية هيلاري كلينتون. ومن تحليل نتائج المناظرة التي سادها الاحترام بين المشاركين، يمكن الخروج بأهم استنتاج فيها وهو أن وصول هيلاري كلنتون للرئاسة يرجح رحيل الأسد، وأن نجاح ساندرز أو الجمهوري ترامب لا يعني سوى بقاء الأسد لفترة أطول.
اقرأ أيضاً: تهديد ترامب بالترشيح مستقلاً يصبّ في مصلحة كلينتون