الـ"توك توك" ممنوع في بئر العبد

24 مارس 2020
خلت أسواق بئر العبد وشوارعها من الـ"توك توك"(العربي الجديد)
+ الخط -
تكاد مدينة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، تخلو من حركة المواطنين منذ أيام، نتيجة قرار صدر أخيراً عن الجهات الحكومية والأمنية يقضي بمنع استخدام عربات الـ"توك توك" في المدينة، من دون توضيح أسباب ذلك، أو الفترة الزمنية التي سيستمر فيها المنع. وتعتمد غالبية عظمى من سكان وموظفي المدينة على هذه العربات في التنقل لقضاء حوائجهم والوصول إلى أعمالهم. وسادت أجواء من الغضب في أوساط المواطنين في أعقاب القرار، وسط مطالبات بضرورة التراجع عنه في أقرب وقت ممكن لإعادة الحياة إلى المدينة مجدداً.

وفي التفاصيل، أفادت مصادر حكومية "العربي الجديد"، بأنّ الحديث المتكرر عن وقف الـ"توك توك" في شمال سيناء، كان يتعلق غالباً، من ناحية الجهات الحكومية، بتنظيم عملها وتراخيصها والمسالك المخصصة لها، وحظرها على الطرق الرئيسية خوفاً من الحوادث المرورية القاتلة التي قد تتسبب بها، في ظل غياب عوامل الأمان فيها، لكنّ قرار المنع بشكل كامل، غالباً ما تكون له خلفية أمنية، وهو ما حصل فعلياً في مدن رفح والشيخ زويد والعريش خلال السنوات الماضية، بحظر الدراجات النارية والـ"توك توك" وسيارات الدفع الرباعي وغيرها. وفي حالة مدينة بئر العبد، قد لا يختلف الأمر كثيراً، في ظل الحملات العسكرية المتتابعة لقوات الأمن في المدينة ومحيطها، بعد اقتراب تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" من الدخول إلى المدينة، إذ انتشر في محيطها، ونفذ هجمات متكررة أوقعت خسائر مادية وبشرية.



توضح المصادر أنّ القرار إذا لم يراعِ الظروف المحيطة ويقدم بدائل جيدة، فإنّه أمني بامتياز. كذلك، جاء القرار من دون سابق إنذار، إذ فوجئت به الإدارات الحكومية نفسها، وكذلك المواطنون. وكان الحديث أخيراً هو عن منع حركة الـ"توك توك" على الطريق الدولي، والتأكيد على ضرورة تسوية الأوراق والتراخيص اللازمة للعمل، لكن، جاء الحظر الشامل. بدأت الجهات الحكومية سعيها لتخفيف حدة الأزمة الناجمة عن منع هذه العربات من خلال اتخاذ سلسلة إجراءات، كان أولها تسيير النقل العام الداخلي، بالميكروباص، في المدينة بأجرة 3 جنيهات (0.19 دولار)، لمساعدة المواطنين على التنقل بين المناطق الداخلية في المدينة خلال الفترة الحالية إلى حين إيجاد بدائل تنهي الأزمة بشكل كامل.

يقول أحد المسؤولين في هيئة مرور بئر العبد لـ"العربي الجديد"، إنّ في المدينة نحو 700 "توك توك" مرخص، بالإضافة إلى عدد آخر من دون ترخيص، مشيراً إلى أنّ هذه العربة هي من المركبات السريعة التي ينطبق عليها قانون المرور رقم 66 لسنة 1973، الذي حدد طرق السير الخاصة بها حتى لا تسير بعشوائية في الشوارع العامة بجميع المحافظات، في حين أنّه لا يمكن السيطرة على هذه العربات إلا بالترخيص. يضيف أنّ منعها بشكل كامل هو قرار صعب، ويؤدي إلى قطع أرزاق آلاف المواطنين الذين يعتاشون منها، بالإضافة إلى أنّ كثيراً من المناطق ضيقة ولا تتوفر فيها طرقات صالحة لسير المركبات، وهكذا يبقى الـ"توك توك" الخيار المتاح فيها لتنقل السكان. يوضح أنّ لدى الحكومة قراراً سابقاً باستبدال الـ"توك توك" في بئر العبد بعربات "ميني فان" بالرغم من أنّ كلفة تلك العربات ستكون باهظة بالنسبة لأصحاب عربات الـ"توك توك".

تقول كوكي عصام، وهي مواطنة من مدينة بئر العبد في تعقيبها على القرار: "من يحمل أغراضاً لن يتمكن من ركوب ميكروباص، فالركاب الآخرون ينزعجون منه، فيما المكان ضيق"، مشيرة إلى أنّ وقت الرحلة سيكون أطول، كما وقت انتظار الميكروباص، كما أنّ الأجرة مضاعفة، وخطر التقاط عدوى فيروس كورونا الجديد أكبر فيه.



من جهته، يقول أحد مشايخ مدينة بئر العبد لـ"العربي الجديد"، إنّ القرار غير صائب ولم تجرِ مشاورة أيّ طرف فيه، والضرر الناجم عنه يشمل جميع المواطنين والموظفين والمزارعين في المدينة، إذ إنّ للقرار تأثيرات سلبية على استمرار مظاهر الحياة في المدينة خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد عودة عمل المدارس والمؤسسات. يضيف أنّ القرار لا يبشر بالخير، وقد تسير مدينة بئر العبد على خطى المدن السابقة في محافظة شمال سيناء، كرفح والشيخ زويد والعريش، خصوصاً في ظلّ الهجمات المتكررة لتنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" داخل المدينة وخارجها، وهو ما لم يكن معهوداً في السنوات الماضية. يتابع أنّه لذلك، فإنّ من مصلحة الدولة والشعب والأمن الحفاظ على مظاهر الحياة في المدينة، وإلّا ستتحول إلى مدينة أشباح بعد نزوح السكان منها في حال تضييق الخناق عليهم بـ"قرارات هوجاء" تصدر عن جهات أمنية.