03 نوفمبر 2024
الغوطة بعد قرار مجلس الأمن
تخضع الغوطة الشرقية قرب دمشق لحصار مطبق منذ فترة طويلة. كان النظام، طوال سني الحصار مشغولاً بمعارك أخرى في أماكن بعيدة، وحين وجد أن قائده العسكري المفضل، سهيل الحسن، أصبح متفرغاً بعض الوقت، استدعاه، وبدأ في الثامن عشر من شهر فبراير/ شباط هجوماً جوياً وصاروخياً على الغوطة المحاصرة.
فقدت الغوطة الشرقية حتى الآن أكثر من ستمائة شخص، لا صلة لمعظمهم بالفصائل المسلحة، وأكثر من عشرين عيادة ومستشفى علاجيا صغيرا خرجت نهائياً من الخدمة. ورداً على هذه الكارثة العظيمة، حصل أهالي الغوطة الشرقية الأسبوع الماضي على قرار أممي يقضي بوقف القتال مدة شهر. قرارٌ لم يلتفت أحد إلى تطبيقه، فالنظام بدأ في اليوم التالي هجوماً أرضياً من عدة محاور. وبما أن الراعي الروسي لهذه المذبحة يعرف حقيقة ما يجري، واستخفافاً منه بالقرار الأممي، أقر هدنةً موازية تمتد خمس ساعات في النهار، غرضها الأساسي إخراج المدنيين، وإدخال بعض المساعدات الإنسانية. لم تفعل هذه الساعات الخمس شيئاً. فكما هو متوقع لم يكن الالتزام بها حقيقياً، وهي وإن طبقت لن تؤمن ما يكفي لمساعدة العدد الكبير من الموجودين في الملاجئ منذ بدء هذا الهجوم، في ظل استمرار الحال على البرنامج الذي يفضله سهيل الحسن، قائد العملية على الغوطة، من هجوم صاروخي وجوي، وسكب حمم كثيرة على رؤوس الناس، ولا يبدو أن قراراً ثالثاً من أي جهة أخرى سيكون نافعاً، وقد صمم النظام على اجتياح الغوطة الشرقية، باعتبارها المعركة الملحة الآن، وعليه كسبها لترسيخ كل ما حصل عليه سابقاً، وإن على حساب الأربعمائة ألف مدني فيها.
يشاهد المسؤولون الأميركيون والغربيون عموماً هذه الحرب على شاشات تلفزيوناتهم، ويبدو أنهم أحسوا، من عنف الضربات وحقدها وفداحة الخسائر البشرية البريئة، بأن النظام يرغب بالسيطرة على سورية، وإن كانت محروقة، فبدأت تظهر تصريحات ذات طبيعة تهديدية، بعضها موجه إلى روسيا لتتدخل، وتوقف ضربات النظام، ولكن الولايات المتحدة باتت تفكر ملياً قبل أن تباشر بتغيير الأنظمة، فالأمر يبدو مكلفاً بعد تجاربها السابقة في العراق وأفغانستان وليبيا، وقد لا ترغب في إلقاء مزيد من القنابل فوق المشكلة التي تواجهها، خصوصا إذا كانت تنظر إلى المسألة من وجهة النظر الإنسانية المحضة، فالمسؤول الأميركي لم يتحرّك إلا بعد مجموعة من الألبومات الشنيعة التي تقشعر لها الأبدان، على الرغم من أن الصور المحرجة انتشرت مثيلات لها قبل عام في حلب، حين كان هناك جيب معارض في القسم الشرقي منها، عانى أبناؤه ما يعانيه سكان الغوطة الآن، لكنهم في النهاية خرجوا جميعاً، ولم يتركوا وراءهم سوى بضع كتاباتٍ على جدران الأبنية التي سرعان ما هدمها النظام، أو طمس كل ما كان مكتوباً عليها.
لا تبدو التصريحات الأميركية فعالة، ولم يجد قرار مجلس الأمن سبيلاً إلى التطبيق، وظهر الاستخفافان، الروسي والإيراني، به، ويبدو الوضع يسير نحو السيناريو الحلبي، حين رفع النظام رايات النصر، وأطلق على معركة حلب مسمياتٍ تتضمن معاني الانتصار النهائي المؤزر، وهو يملك الآن من الوسائط المادية ما يمكنَّه من الفوز على غرار معركة حلب. وبدأ الحديث يطفو عن معابر آمنة تمهيداً لعرض مشهد الباصات الخضراء التي يملأ النظام خزاناتها بالوقود، لتحمل الأهالي إلى مصيرهم في إدلب. وفي حالة تحقق هذا السيناريو، يجب أن تقف المعارضة جديا لتعرف أن الجيوب المتبقية لها داخل سورية، كجيب الغوطة، قليلة جداً، وأن خياراتها باتت محدودة، وقد تكون محصورة في إدلب، حيث تدور هناك مئات الأسئلة، ليس أقلها وضع جبهة تحرير الشام التي يُجمع المجتمع الدولي على أنها منظمة إرهابية.
فقدت الغوطة الشرقية حتى الآن أكثر من ستمائة شخص، لا صلة لمعظمهم بالفصائل المسلحة، وأكثر من عشرين عيادة ومستشفى علاجيا صغيرا خرجت نهائياً من الخدمة. ورداً على هذه الكارثة العظيمة، حصل أهالي الغوطة الشرقية الأسبوع الماضي على قرار أممي يقضي بوقف القتال مدة شهر. قرارٌ لم يلتفت أحد إلى تطبيقه، فالنظام بدأ في اليوم التالي هجوماً أرضياً من عدة محاور. وبما أن الراعي الروسي لهذه المذبحة يعرف حقيقة ما يجري، واستخفافاً منه بالقرار الأممي، أقر هدنةً موازية تمتد خمس ساعات في النهار، غرضها الأساسي إخراج المدنيين، وإدخال بعض المساعدات الإنسانية. لم تفعل هذه الساعات الخمس شيئاً. فكما هو متوقع لم يكن الالتزام بها حقيقياً، وهي وإن طبقت لن تؤمن ما يكفي لمساعدة العدد الكبير من الموجودين في الملاجئ منذ بدء هذا الهجوم، في ظل استمرار الحال على البرنامج الذي يفضله سهيل الحسن، قائد العملية على الغوطة، من هجوم صاروخي وجوي، وسكب حمم كثيرة على رؤوس الناس، ولا يبدو أن قراراً ثالثاً من أي جهة أخرى سيكون نافعاً، وقد صمم النظام على اجتياح الغوطة الشرقية، باعتبارها المعركة الملحة الآن، وعليه كسبها لترسيخ كل ما حصل عليه سابقاً، وإن على حساب الأربعمائة ألف مدني فيها.
يشاهد المسؤولون الأميركيون والغربيون عموماً هذه الحرب على شاشات تلفزيوناتهم، ويبدو أنهم أحسوا، من عنف الضربات وحقدها وفداحة الخسائر البشرية البريئة، بأن النظام يرغب بالسيطرة على سورية، وإن كانت محروقة، فبدأت تظهر تصريحات ذات طبيعة تهديدية، بعضها موجه إلى روسيا لتتدخل، وتوقف ضربات النظام، ولكن الولايات المتحدة باتت تفكر ملياً قبل أن تباشر بتغيير الأنظمة، فالأمر يبدو مكلفاً بعد تجاربها السابقة في العراق وأفغانستان وليبيا، وقد لا ترغب في إلقاء مزيد من القنابل فوق المشكلة التي تواجهها، خصوصا إذا كانت تنظر إلى المسألة من وجهة النظر الإنسانية المحضة، فالمسؤول الأميركي لم يتحرّك إلا بعد مجموعة من الألبومات الشنيعة التي تقشعر لها الأبدان، على الرغم من أن الصور المحرجة انتشرت مثيلات لها قبل عام في حلب، حين كان هناك جيب معارض في القسم الشرقي منها، عانى أبناؤه ما يعانيه سكان الغوطة الآن، لكنهم في النهاية خرجوا جميعاً، ولم يتركوا وراءهم سوى بضع كتاباتٍ على جدران الأبنية التي سرعان ما هدمها النظام، أو طمس كل ما كان مكتوباً عليها.
لا تبدو التصريحات الأميركية فعالة، ولم يجد قرار مجلس الأمن سبيلاً إلى التطبيق، وظهر الاستخفافان، الروسي والإيراني، به، ويبدو الوضع يسير نحو السيناريو الحلبي، حين رفع النظام رايات النصر، وأطلق على معركة حلب مسمياتٍ تتضمن معاني الانتصار النهائي المؤزر، وهو يملك الآن من الوسائط المادية ما يمكنَّه من الفوز على غرار معركة حلب. وبدأ الحديث يطفو عن معابر آمنة تمهيداً لعرض مشهد الباصات الخضراء التي يملأ النظام خزاناتها بالوقود، لتحمل الأهالي إلى مصيرهم في إدلب. وفي حالة تحقق هذا السيناريو، يجب أن تقف المعارضة جديا لتعرف أن الجيوب المتبقية لها داخل سورية، كجيب الغوطة، قليلة جداً، وأن خياراتها باتت محدودة، وقد تكون محصورة في إدلب، حيث تدور هناك مئات الأسئلة، ليس أقلها وضع جبهة تحرير الشام التي يُجمع المجتمع الدولي على أنها منظمة إرهابية.