يشدد زعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أهمية نجاح تجربة التحالف مع "نداء تونس" وحزبين آخرين، لإسقاط فكرة حكم الرجل الواحد والحزب الواحد في البلاد. وفي ما يلي الحوار كاملاً:
هذا التحالف كان مفاجئاً بالنسبة إلى المسار الطبيعي للأحداث التي جرت في البداية، بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ويقال إنه بُني على مناخ من عدم الثقة؟
نحن لسنا في تحالف مع "نداء تونس" بل متحالفون مع أحزاب أربعة، و"النداء" هو الطرف الأول فيه، وهي تجربة جديرة بالدراسة ولا بد من العمل على إنجاحها لأنها تثري الفكر السياسي التونسي الذي قام على فكرة الزعيم الواحد والحزب الواحد، وهو ما يرسخ الفكر الديمقراطي التعددي ويقطع مع نصف قرن من سيطرة الرجل الواحد والحزب الواحد. ولذلك فمن مصلحة تونس ومصلحة الديمقراطية أن تنجح هذه التجربة لأن فشلها يقود إلى استنتاج أن تونس لا ينجح فيها إلا الحزب الواحد والزعيم الواحد.
هل تجاوزتم مناخ انعدام الثقة بين الحزبين الذي كان نتيجة لحالة الاستقطاب الثنائي؟
قطعاً، لأن لقاء الناس في ما بينهم بشكل متكرر يحدث كيمياء خاصة ويقرّب الأمزجة ويسقط الأحكام المسبقة، كذلك يُمكّن الناس من اكتشاف بعضها بعضاً، لأن الله خلق البشر متشابهين على الرغم من اختلافاتهم، ولقاءاتنا المتكررة اليوم من خلال اللجان والاجتماعات أتاحت اكتشاف المشترك بيننا.
اقرأ أيضاً: النظرة للدولة المدنية تطارد "النهضة"
هناك من يقول إنك والسبسي كنتما في البداية في مواجهة مجموعات كبيرة في حزبيكما رافضة لفرض هذا التحالف؟
قد يكون هذا صحيحاً في البداية، ولكن السياسة تُقيّم بالنتائج، ونتائج هذه السياسة كانت إيجابية وصادقت عليها مؤسسات الحركتين ولذلك تحظى كل يوم بمزيد من القبول.
هناك اليوم من ينظر في الحزبين إلى علاقة أكثر وضوحاً وأكثر صراحة وجرأة سياسية؟
يتم هذا إذا حققت التجربة مزيداً من النجاح، فإذا كانت النتائج إيجابية ستتعمّق الشراكة، وهي الآن جزئية بالنسبة إلى "النهضة"، ولكن يمكنها أيضاً أن تتراجع إذا كانت النتائج سلبية، لأنه معيار القياس الموضوعي.
ما تعليقكم على قول دستوريي "نداء تونس" إن حزبهم و"النهضة" خرجا من الرحم السياسي نفسه، وسوف يُعلن بعد أيام عن إنشاء منتدى العائلة الدستورية التي تعود بانتسابها إلى الشيخ عبد العزيز الثعالبي؟
نحن والدستوريون جدّنا واحد، والشيخ الثعالبي شخصية وطنية كبيرة ظُلمت وهو مؤسس الحركة الوطنية، وآن الأوان لإعادة اكتشافها من جديد وكذلك الحركة الإصلاحية في القرن التاسع عشر.
وأعتقد أننا كتونسيين إذا ما استبعدنا الفكر الإقصائي، سنجد أن ما يجمعنا كثير لأن تراث الثعالبي وتراث فرحات حشاد ومحمد علي الحامي (زعيمان نقابيان تونسيان) جامع لنا، ولكن ينبغي أن نتجنب احتكار الحقيقة وفكر الاستقطاب والتوظيف السياسي السيئ لتراثنا من أجل الانتصار لحزب معين، وإذا ما نجحنا في ذلك فسنثبت أن الشعب التونسي هو أكثر الشعوب توحّداً في العالم العربي، وهو ما يفسر لماذا نجحت الثورة في تونس وفشلت في غيرها.
اقرأ أيضاً: الغنوشي: نأمل تدارك حجم تمثيل "النهضة" بالحكومة