توقعت دراسة أوروبية أن تواجه إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا نقصاً كبيراً، إذا لم تتمكن شركة "غاز بروم" الروسية من تسوية مشاكلها القائمة منذ غزو جزيرة القرم مع أوكرانيا.
وتتوقع الدراسة الصادرة عن المفوضية الأوروبية، وتتناول آفاق الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي خلال 35 عاماً، وحتى العام 2050، أن تخسر أوروبا أكثر من 50 مليار متر مكعب في حال إيقاف الحكومة الأوكرانية عبور الغاز الروسي نهائياً إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي.
وفي هذه الحال، توقع خبراء أوروبيون أن تلجأ أوروبا إلى مصادر أخرى لسد النقص في إمدادات الغاز.
ومن بين المصادر الأخرى، التي تناولتها الدراسة، الغاز المسال القطري والغاز المسال الصخري الأميركي. ولكنها أشارت الى أن الغاز الصخري الأميركي لن يستطيع المنافسة في أوروبا نظراً لكلفته العالية.
كما توقعت الدراسة، التي اطلعت" العربي الجديد" على نسخة منها، أن تواجه أوروبا خلال العقد المقبل كذلك نقصاً في إمدادات الغاز التي تصلها من الجزائر، ما لم تجد الأخيرة مكامن جديدة لحقول الغاز الطبيعي، أو تتمكن من تطوير الغاز الصخري الذي يعارضه الشارع الجزائري بقوة، وهو ما يعني أن دول الاتحاد الأوروبي ستواجه فجوة في إمدادات الغاز تتراوح بين 10 إلى 12 مليار متر مكعب سنوياً، بسبب توقف صادرات الغاز الجزائري بنهاية العقد المقبل.
إنتاج متناقص
ووفقاً للسيناريو، الذي وضعته الدراسة، فإن الطلب على الغاز في أوروبا سيكون في حدود 420 مليار متر مكعب سنوياً في المتوسط حتى العام 2050، مقابل إنتاج محلي متناقص، ربما لا يزيد عن 13% من الإمدادات.
وحسب الدراسة، فإن إنتاج الغاز في دول الاتحاد الأوروبي سينخفض من مستوياته الحالية، البالغة 130 مليار متر مكعب، إلى 60 مليار متر مكعب في العام 2050، وهو ما سيعني أن حاجة أوروبا لإمدادات الغاز الخارجية ستزداد.
اقــرأ أيضاً
واعتمدت الدراسة في تقديراتها لاستهلاك الطاقة على مجموعة من العوامل، من بينها تطور أسعار النفط والنمو السكاني وتطور النمو الاقتصادي والتقنيات الخاصة باستهلاك الطاقة ونمو صناعة واستهلاك السيارات المستخدمة للطاقات البديلة.
وترسم الدراسة لمصادر إمدادات الغاز الطبيعي لدول الكتلة الأوروبية مساراً شبه ثابت، لا يختلف كثيراً عن مصادر الإمدادات الحالية، حيث ستواصل روسيا مد دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 40% من إجمالي الإمدادات الخارجية، فيما ستبقى إمدادات النرويج عند نسبة 37%.
لكن إمدادات الجزائر، البالغة حالياً نسبة 7.0%، ربما تختفي إذا لم تحل الجزائر مشكلة الاحتياطات المتناقصة والطلب المحلي المتزايد على استهلاك الغاز في توليد الكهرباء.
وتمد ليبيا دول الاتحاد الأوروبي بحصة 2.0%، ولكن الحصة الليبية ربما تزيد قليلاً في حال عودة الاستقرار السياسي واستغلال مكامن الغاز في ليبيا.
وعلى صعيد الغاز المسال، قدرت الدراسة حصة الغاز المسال، الذي يصدر حالياً الى أوروبا، ومعظمه من قطر وجزء ضئيل من أميركا، بحوالى 13%.
لكن خبراء يشيرون إلى أن شحنات الغاز القطري إلى أوروبا بدأت تتزايد، وأن الغاز القطري بات في الآونة الأخيرة يلعب دوراً كبيراً في توليد الطاقة في أوروبا، خاصة في بريطانيا.
لكن المعضلة الرئيسية، التي ستواجه دول الاتحاد الأوروبي في المستقبل، هي حدوث توترات سياسية بين موسكو وبروكسل، وهو ما سيعني تفجر أزمة غاز، حيث لا يزال الغاز الروسي صاحب النصيب الأكبر في إمدادات الطاقة الأوروبية. وتتراوح كميات الغاز الروسي، التي تضخ في دول الاتحاد، بين 150 و180 مليار متر مكعب سنوياً.
وتسعى أوروبا منذ مدة إلى تنويع مصادر الغاز الطبيعي بعيداً عن موسكو، ولكن حتى الآن لا توجد سوى خيارات محدودة أمام أوروبا.
وتتوقع الدراسة أن لا يتمكن الغاز الصخري الأميركي من منافسة مصادر الغاز الطبيعي الأخرى في المستقبل، بسبب كلفته العالية مقارنة بالغاز المسال القطري، أو الغاز الروسي، وبالتالي ترى الدراسة أن شحنات الغاز الأميركي ربما تتجه إلى آسيا، حيث ترتفع أسعار الغاز هنالك مقارنة بأسعار الغاز في أوروبا.
اقــرأ أيضاً
وفي حال توقف مرور الغاز الروسي كلياً عبر أوكرانيا، فإن الدراسة تقدر النقص في إمدادات الغاز الروسي بحوالى 54 مليار متر مكعب سنوياً. ويشير خبراء إلى أن الغاز الطبيعي المسال المصدر من قطر سيتمكن من سد جزء من هذه الفجوة إلى جانب شحنات من الغاز المسال الأميركي، في حال حدوثها ولكن مثل هذا الأمر سيحتاج إلى منشآت لتسييل الغاز في الموانئ الأوروبية.
تطلعات واسعة
يذكر أن قطر تعتمد في صادراتها من الغاز المسال على أسواق آسيا، ولكنها في السنوات الأخيرة بدأت تهتم بالسوق الأوروبية، إذ إن حصة قطر من الغاز المسال المصدر إلى أوروبا تبلغ 50%، تليها حصة الغاز الجزائري 18%، والغاز النيجيري 17%، وتتوزع النسبة الباقية ما بين بلدان أخرى منها روسيا، لكن الشركات القطرية تجد أسعاراً أعلى للغاز المسال في آسيا مقارنة بأوروبا.
وفي ذات الصدد، تشير إحصائيات شركة "بريتش بتروليوم ـ بي بي" البريطانية، الصادرة هذا العام، إلى أن احتياطي الغاز الجزائري يواصل التآكل في وقت يرتفع فيه الاستهلاك المحلي، وأن الجزائر ربما توقف كلياً تصدير الغاز الطبيعي خلال الـ12 عاماً المقبلة.
ويرى معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة في دراسة صادرة في مايو/أيار الماضي، أن صادرات الغاز الجزائري انخفضت بحوالى 25.8 مليار متر مكعب بين أعوام 2010 و2015، في الوقت الذي ارتفع فيه الاستهلاك المحلي للغاز بحوالى 19.7 متر مكعب العام الماضي.
وتتوقع الدراسة أن يتواصل انخفاض إنتاج الطاقة في دول الكتلة الأوروبية من 760 ميغا طن في العام الجاري، إلى 660 ميغا طن في العام 2050.
ويذكر أن تعارض المصالح بين الاستراتيجيات السياسية للدول الأوروبية، التي تسعى إلى عزل روسيا وتكبيدها أكبر الخسائر في أعقاب ضم جزيرة القرم والتدخل في أوكرانيا، وبين مصالح الشركات الأوروبية التي تمد المستهلك بالغاز، وتبحث عن السعر الرخيص، تضع صعوبات أمام تقليل حجم الاستهلاك الأوروبي للغاز الروسي.
وتعمل شركات الكهرباء في ألمانيا والعديد من دول الاتحاد على زيادة إمداداتها من الغاز الروسي الرخيص، وهي بذلك تضرب فرص تصدير الغاز الأميركي المسال إلى أوروبا. ويلخص خبراء العقبات، التي تقف أمام تصدير الغاز الأميركي الى أوروبا، في نقطتين هما:
أولاً: سعر وحدة الغاز الأميركي المصدر إلى أوروبا، تقدر بحوالى 4.3 دولارات لمليون وحدة حرارة بريطانية. وهي وحدة القياس في تسعير الغاز إلى جانب المتر المكعب. وهذا يعني أن الشركات الأميركية ستبيع الغاز إلى أوروبا بسعر أعلى من سعر الكلفة لتحقيق مكاسب من التصدير. وهذا السعر مرتفع كثيراً عن سعر الوحدة التي تصل أوروبا عبر الأنابيب من روسيا، والتي تقدر بحوالى 3.4 دولارات في السوق الألمانية مثلاً.
ثانياً: شركات الطاقة الأوروبية ترغب في التعامل مع مزود ثابت ومضمون، يؤمن لها الإمدادات من الغاز على المدى الطويل وبسعر ثابت، مثل قطر وروسيا، لأنهما الدولتان اللتان تملكان احتياطات ضخمة ومنشآت لتصدير الغاز.
اقــرأ أيضاً
وتتوقع الدراسة الصادرة عن المفوضية الأوروبية، وتتناول آفاق الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي خلال 35 عاماً، وحتى العام 2050، أن تخسر أوروبا أكثر من 50 مليار متر مكعب في حال إيقاف الحكومة الأوكرانية عبور الغاز الروسي نهائياً إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي.
وفي هذه الحال، توقع خبراء أوروبيون أن تلجأ أوروبا إلى مصادر أخرى لسد النقص في إمدادات الغاز.
ومن بين المصادر الأخرى، التي تناولتها الدراسة، الغاز المسال القطري والغاز المسال الصخري الأميركي. ولكنها أشارت الى أن الغاز الصخري الأميركي لن يستطيع المنافسة في أوروبا نظراً لكلفته العالية.
كما توقعت الدراسة، التي اطلعت" العربي الجديد" على نسخة منها، أن تواجه أوروبا خلال العقد المقبل كذلك نقصاً في إمدادات الغاز التي تصلها من الجزائر، ما لم تجد الأخيرة مكامن جديدة لحقول الغاز الطبيعي، أو تتمكن من تطوير الغاز الصخري الذي يعارضه الشارع الجزائري بقوة، وهو ما يعني أن دول الاتحاد الأوروبي ستواجه فجوة في إمدادات الغاز تتراوح بين 10 إلى 12 مليار متر مكعب سنوياً، بسبب توقف صادرات الغاز الجزائري بنهاية العقد المقبل.
إنتاج متناقص
ووفقاً للسيناريو، الذي وضعته الدراسة، فإن الطلب على الغاز في أوروبا سيكون في حدود 420 مليار متر مكعب سنوياً في المتوسط حتى العام 2050، مقابل إنتاج محلي متناقص، ربما لا يزيد عن 13% من الإمدادات.
وحسب الدراسة، فإن إنتاج الغاز في دول الاتحاد الأوروبي سينخفض من مستوياته الحالية، البالغة 130 مليار متر مكعب، إلى 60 مليار متر مكعب في العام 2050، وهو ما سيعني أن حاجة أوروبا لإمدادات الغاز الخارجية ستزداد.
واعتمدت الدراسة في تقديراتها لاستهلاك الطاقة على مجموعة من العوامل، من بينها تطور أسعار النفط والنمو السكاني وتطور النمو الاقتصادي والتقنيات الخاصة باستهلاك الطاقة ونمو صناعة واستهلاك السيارات المستخدمة للطاقات البديلة.
وترسم الدراسة لمصادر إمدادات الغاز الطبيعي لدول الكتلة الأوروبية مساراً شبه ثابت، لا يختلف كثيراً عن مصادر الإمدادات الحالية، حيث ستواصل روسيا مد دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 40% من إجمالي الإمدادات الخارجية، فيما ستبقى إمدادات النرويج عند نسبة 37%.
لكن إمدادات الجزائر، البالغة حالياً نسبة 7.0%، ربما تختفي إذا لم تحل الجزائر مشكلة الاحتياطات المتناقصة والطلب المحلي المتزايد على استهلاك الغاز في توليد الكهرباء.
وتمد ليبيا دول الاتحاد الأوروبي بحصة 2.0%، ولكن الحصة الليبية ربما تزيد قليلاً في حال عودة الاستقرار السياسي واستغلال مكامن الغاز في ليبيا.
وعلى صعيد الغاز المسال، قدرت الدراسة حصة الغاز المسال، الذي يصدر حالياً الى أوروبا، ومعظمه من قطر وجزء ضئيل من أميركا، بحوالى 13%.
لكن خبراء يشيرون إلى أن شحنات الغاز القطري إلى أوروبا بدأت تتزايد، وأن الغاز القطري بات في الآونة الأخيرة يلعب دوراً كبيراً في توليد الطاقة في أوروبا، خاصة في بريطانيا.
لكن المعضلة الرئيسية، التي ستواجه دول الاتحاد الأوروبي في المستقبل، هي حدوث توترات سياسية بين موسكو وبروكسل، وهو ما سيعني تفجر أزمة غاز، حيث لا يزال الغاز الروسي صاحب النصيب الأكبر في إمدادات الطاقة الأوروبية. وتتراوح كميات الغاز الروسي، التي تضخ في دول الاتحاد، بين 150 و180 مليار متر مكعب سنوياً.
وتسعى أوروبا منذ مدة إلى تنويع مصادر الغاز الطبيعي بعيداً عن موسكو، ولكن حتى الآن لا توجد سوى خيارات محدودة أمام أوروبا.
وتتوقع الدراسة أن لا يتمكن الغاز الصخري الأميركي من منافسة مصادر الغاز الطبيعي الأخرى في المستقبل، بسبب كلفته العالية مقارنة بالغاز المسال القطري، أو الغاز الروسي، وبالتالي ترى الدراسة أن شحنات الغاز الأميركي ربما تتجه إلى آسيا، حيث ترتفع أسعار الغاز هنالك مقارنة بأسعار الغاز في أوروبا.
وفي حال توقف مرور الغاز الروسي كلياً عبر أوكرانيا، فإن الدراسة تقدر النقص في إمدادات الغاز الروسي بحوالى 54 مليار متر مكعب سنوياً. ويشير خبراء إلى أن الغاز الطبيعي المسال المصدر من قطر سيتمكن من سد جزء من هذه الفجوة إلى جانب شحنات من الغاز المسال الأميركي، في حال حدوثها ولكن مثل هذا الأمر سيحتاج إلى منشآت لتسييل الغاز في الموانئ الأوروبية.
تطلعات واسعة
يذكر أن قطر تعتمد في صادراتها من الغاز المسال على أسواق آسيا، ولكنها في السنوات الأخيرة بدأت تهتم بالسوق الأوروبية، إذ إن حصة قطر من الغاز المسال المصدر إلى أوروبا تبلغ 50%، تليها حصة الغاز الجزائري 18%، والغاز النيجيري 17%، وتتوزع النسبة الباقية ما بين بلدان أخرى منها روسيا، لكن الشركات القطرية تجد أسعاراً أعلى للغاز المسال في آسيا مقارنة بأوروبا.
وفي ذات الصدد، تشير إحصائيات شركة "بريتش بتروليوم ـ بي بي" البريطانية، الصادرة هذا العام، إلى أن احتياطي الغاز الجزائري يواصل التآكل في وقت يرتفع فيه الاستهلاك المحلي، وأن الجزائر ربما توقف كلياً تصدير الغاز الطبيعي خلال الـ12 عاماً المقبلة.
ويرى معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة في دراسة صادرة في مايو/أيار الماضي، أن صادرات الغاز الجزائري انخفضت بحوالى 25.8 مليار متر مكعب بين أعوام 2010 و2015، في الوقت الذي ارتفع فيه الاستهلاك المحلي للغاز بحوالى 19.7 متر مكعب العام الماضي.
وتتوقع الدراسة أن يتواصل انخفاض إنتاج الطاقة في دول الكتلة الأوروبية من 760 ميغا طن في العام الجاري، إلى 660 ميغا طن في العام 2050.
ويذكر أن تعارض المصالح بين الاستراتيجيات السياسية للدول الأوروبية، التي تسعى إلى عزل روسيا وتكبيدها أكبر الخسائر في أعقاب ضم جزيرة القرم والتدخل في أوكرانيا، وبين مصالح الشركات الأوروبية التي تمد المستهلك بالغاز، وتبحث عن السعر الرخيص، تضع صعوبات أمام تقليل حجم الاستهلاك الأوروبي للغاز الروسي.
وتعمل شركات الكهرباء في ألمانيا والعديد من دول الاتحاد على زيادة إمداداتها من الغاز الروسي الرخيص، وهي بذلك تضرب فرص تصدير الغاز الأميركي المسال إلى أوروبا. ويلخص خبراء العقبات، التي تقف أمام تصدير الغاز الأميركي الى أوروبا، في نقطتين هما:
أولاً: سعر وحدة الغاز الأميركي المصدر إلى أوروبا، تقدر بحوالى 4.3 دولارات لمليون وحدة حرارة بريطانية. وهي وحدة القياس في تسعير الغاز إلى جانب المتر المكعب. وهذا يعني أن الشركات الأميركية ستبيع الغاز إلى أوروبا بسعر أعلى من سعر الكلفة لتحقيق مكاسب من التصدير. وهذا السعر مرتفع كثيراً عن سعر الوحدة التي تصل أوروبا عبر الأنابيب من روسيا، والتي تقدر بحوالى 3.4 دولارات في السوق الألمانية مثلاً.
ثانياً: شركات الطاقة الأوروبية ترغب في التعامل مع مزود ثابت ومضمون، يؤمن لها الإمدادات من الغاز على المدى الطويل وبسعر ثابت، مثل قطر وروسيا، لأنهما الدولتان اللتان تملكان احتياطات ضخمة ومنشآت لتصدير الغاز.