العنصرية الإسرائيلية تجاه المهاجرين الأفارقة: إمّا الرحيل أو السجن

30 ديسمبر 2017
وضعت خطة لإجلاء المهاجرين الأفارقة (Getty)
+ الخط -

خيّرت حكومة الاحتلال الإسرائيلية المهاجرين الأفارقة فيها بين المغادرة الطوعية أو السجن، بحسب ما نقلت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، اليوم السبت، عن مراسلها في القدس، مارك هنري.  

وفي مقال بعنوان إما "الرحيل الطوعي إلى رواندا أو السجن"، أوضح أن الأمر يتعلق بما يقرب من 40 ألف مهاجر تسللوا إلى إسرائيل ويوجدون في وضعية غير قانونية، وسيواجهون، ابتداء من شهر يناير/ كانون الثاني 2018 خياراً صعباً، فإما الرحيل إلى بلادهم أو السجن في إسرائيل.

وتضيف الصحيفة الفرنسية اليمينية أنّ حكومة بنيامين نتنياهو مصممة على طرد المهاجرين السودانيين والإرتيريين الذين تسللوا إلى "الأرض الموعودة"، كما قالت.

وتقول الصحيفة إن الحكومة الإسرائيلية تعتبر أن طلبات هؤلاء للحصول على اللجوء في أراضيها "خيالية"، وأن السبب فقط هو "انجذابهم إلى شروط الحياة الجيدة" في إسرائيل.

كذلك ترى أن تدفقهم على إسرائيل ساهم في ظهور "غيتو" في الأحياء الفقيرة جنوب تل أبيب، وفقاً لشكايات بعض السكّان.

وقد وضعت الحكومة الإسرائيلية، كما تنقل صحيفة "لوفيغارو"، خطة لإجلائهم. وحسب هذا الاتفاق الذي أبرم مع حكومة رواندا، فإن هذا البلد الأفريقي قبل استقبال عشرة آلاف مهاجر، مقابل تسلمه خمسة آلاف دولار عن كل شخص. في حين أن كل مهاجر يقبل الرحيل، طواعية، يتلقى مبلغ 3500 دولار. في حين أن الرافضين للاتفاق، سيتم منحهم، حين يَحينُ موعد تجديد وثائق إقامتهم، ثلاثة أشهر من أجل الرحيل أو الوجود خلف القضبان، من دون أن يكون لديهم الحق في التسهيلات التي تمنح لمن يوضع في مراكز الاعتقال الاحتياطي.


كما أن الحكومة الإسرائيلية فكّرت في وسائل أخرى لحثّ هؤلاء على المغادرة، ومن بينها خصم 20 في المائة من الراتب، ولا يتلقى المهاجر هذا المبلغ إلّا إذا وضع رجليه في طائرة العودة. وترى الصحيفة أن هذا الخصم من الراتب مؤلمٌ، خصوصاً حين نعلم أن "هؤلاء الأفارقة لا يحصلون في أفضل الأحوال إلا على راتب يكفيهم لسد رمق العيش".

وقد اتخذت إسرائيل كل شيء، تقول "لوفيغارو"، من أجل "دفعهم للرحيل". ولكن من يخضع لهذه الضغوط، كما تقول بعض المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية وبعض وسائل الإعلام، يكتشف أشياءَ جديةً تُوجب عليه أن يتردد في قبول الإجراءات الإسرائيلية.

فالعديد من هؤلاء العائدين إلى رواندا، من النساء والرجال، يجدون أنفسَهم، حسب شهادات حصلت عليها بعض المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية، في وضع بالغ الهشاشة ومن دون أي حماية قانونية. وهو ما يجعلهم في معظم الحالات عرضة للسلب والشد والجذب وتحت رحمة الشرطة الرواندية، فتراود معظمهم الرغبة في اللحاق بأوروبا.

ولكن الأمر ليس ورديّاً، كما تصف "لوفيغارو"، إذ يتوجب على هؤلاء المغامرين أن "يعبروا عن طريق جنوب السودان، التي تجتاحها حرب أهلية، ثم السودان، ثم ليبيا، حيث تسود الفوضى، ثم يضعوا أنفسهم بين أيدي مهرّبين جشعين، ثم يمتطوا زوارق صغيرة بدائية، حتى ولو تطلَّبَ الأمر مواجهة الغرق".

وتضيف الصحيفة الفرنسية، المعروفة بعدائها الشديد للمهاجرين، بأن "مخاطر الوصول إلى أوروبا كبيرة، إلى درجة أن بعضاً ممن ينجحون في عبور البحر المتوسط ينصحون من تبقى منهم في إسرائيل بتفضيل السجون الإسرائيلية على محاولة القيام بهذا السفر إلى نهاية الجحيم.

ويقول مراسل "لوفيغارو" إن بنيامين نتنياهو، حتى اللحظة، لم يتأثر بهذه المآسي المتعددة. كما أن المعارضة من الوسط واليسار لم تتحرك وتتعبأ من "أجل الدفاع عن هؤلاء المهاجرين السود".

وحدها منظمات غير حكومية تحركت لإدانة هذه الوضعية. كذلك كشفت هذه المنظمات أن المبرر الاقتصادي لا يصمد، لأن نسبة البطالة نزلت تحت معدل 5 في المائة، بشكل غير مسبوق، كما أن إسرائيل تشغّل عشرات الآلاف من المهاجرين غير القانونيين من أوروبا الشرقية ومن آسيا وفلسطينيين كذلك، في وظائف قاسية، لا يريد الإسرائيليون أن يشتغلوا فيها. كما أن نتنياهو، أخيراً، لا يمكن أن يتذرع بشبح "غزو" من قبل أجانب.

ثم تختتم الصحيفة مقالها بالقول إنه "منذ أربع سنوات تمّ تجفيف الهجرة المتوحشة، بشكل كامل، بسبب تشييد الجدار الإلكتروني على طول 240 كيلومتراً مع مصر، حيث كان يعبر المهاجرون".​

المساهمون