العقارات في سورية: الدجاجة التي تبيض ذهباً

30 اغسطس 2017
دمار هائل في القطاع العقاري بسورية (فرانس برس)
+ الخط -

يتهافت رأس المال السوري والإقليمي، على قطاع العقارات بسورية، بعد تلويح نظام بشار الأسد ببدء توزيع حصة إعادة الإعمار على الشركاء والأصدقاء.

وزخر معرض دمشق الدولي الذي اختتم بدمشق أخيراً، بعشرات الشركات المتخصصة بإعادة الإعمار، منها شركات رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، وشركات لبنانية ومصرية وإماراتية، لتتوّج مؤسسة الإسكان العسكرية السورية العروض، عبر إعلانها عن تصنيع بيوت جاهزة، يبدأ سعر المتر منها بـ65 ألف ليرة (302 دولار أميركي)، ليتجاوز سعر البيت الصغير 7 ملايين ليرة سورية (32 ألف دولار أميركي).

يرى الخبير الاقتصادي حسين جميل أن قطاع العقارات في سورية الأكثر إغراء وجذباً للمستثمرين، نظراً للدمار الهائل الذي خلفته الحرب بعد سبع سنوات، لافتاً إلى أن القطاع العقاري، خارج عن المنافسة بين اللاعبين الكبار، كما هو الحال بالنسبة إلى قطاعات الطاقة.

ويشير جميل، إلى أن حصيلة دمار العقارات والبنى التحتية، بسبب الحرب كبيرة جداً، إذ وصل عدد المساكن التي تم تدميرها بالقصف، إلى نحو 1.7 مليون مسكن، نسبتها 27% من إجمالي مساكن سورية، بحسب تقرير للبنك الدولي صدر أخيراً.

ويقول جميل لـ"العربي الجديد" إن سوق العقارات ورغم تراجع القدرة الشرائية، إلا أنها الأكثر أملاً وربحية، نظراً لفقدان نحو 7 ملايين سوري منازلهم.

وكان تقرير سوري أعده باحثون بدمشق، قد قدر أخيراً، خسائر البنى التحتية بسورية، جراء الحرب التي شنها نظام بشار الأسد على الثورة، منذ عام 2011 حتى مطلع 2017 بنحو 60 مليار دولار.

وأشار معد التقرير، محمد عثمان، إلى أن البنى التحتية كانت الأكثر تضرراً، في معظم المدن السورية، وخاصة في مدينة حلب التي تعتبر العاصمة الاقتصادية السورية. وتراوحت نسبة الأضرار، وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي بين 3.7 مليارات دولار و4.5 مليارات دولار نهاية عام 2014، متوقعاً أن تصل الأضرار في نهاية عام 2016 إلى 60 مليار دولار مع التدمير الذي حصل في حلب وريف دمشق وحماة ودرعا وإدلب.

تراجع تكاليف البناء

أثار المهندس المدني، محمد علي خيرو من ريف إدلب، مفاجأة تخالف المألوف والمتداول بقوله: "اليوم أسعار العقارات والإيجار، أرخص مما هي عليه عام 2011"، موضحاً أن العلّة بتراجع سعر صرف الليرة وتثبيت دخل السوريين.

ويقول المهندس خيرو لـ"العربي الجديد": "لو قارنا الأسعار والإيجار اليوم مع ما كانت عليه مطلع الأزمة، فإنها لم تتضاعف وبأكثر المناطق طلباً، بأكثر من 1000% في حين أن الليرة خسرت من قيمتها حوالي 1100%، موضحاً أن ثبات دخل السوريين رغم التضخم، هو من جعل اقتناء البيت مستحيلاً اليوم.

ويوضح المهندس السوري، أن كلفة متر البناء قبل الحرب، كانت تقدر بنحو 100 دولار أي ما يعادل 5000 ليرة سورية في عام، فيما حالياً تصل إلى ما يقارب 35 ألف ليرة، أي ما يعادل 75 دولاراً.

ولفت خيرو إلى أن نحو 70% من العقارات بالمناطق التي لم تتعرض للدمار، كدمشق مثلاً، متوقفة بسبب قلة مواد البناء وارتفاع أسعارها قياساً إلى الدخل.

ركود وارتفاع أسعار

يؤكد مراقبون، أن سوق العقارات في دمشق، وخاصة الأحياء القديمة منها، تعاني ركوداً غير مسبوق، بسبب ارتفاع أسعار المنازل المعروضة للبيع، بالتوازي مع تدني القدرة الشرائية للسوريين.

ويلفت المراقبون، إلى أن السبب الأهم لرفع أسعار المنازل بالأحياء القديمة، يعود إلى وجود المشتري الإيراني، الذي يشتري بأسعار خيالية، بهدف التغير الديمغرافي.

وتقول مواطنة من حي القيمرية بدمشق القديمة إن البيوت بهذه الأحياء تعتبر ثروة، نظراً للقيمة الثقافية لهذه البيوت، وطرازها القديم. وتضيف "يتراوح سعر المتر بهذه الأحياء، بين 400 و500 ألف ليرة، وهي بمجملها بيوت صغيرة، ويرتفع السعر للبيوت الدمشقية المشهورة ذات الحديقة والبحرة والغرف الكثيرة، ليصل سعرها إلى أكثر من 150 مليون ليرة سورية".

وحول أسعار الإيجار بأحياء دمشق القديمة، تشير إلى عدم وجود منازل للإيجار بهذه المناطق، وإن وجدت فلا يقل الإيجار الشهري عن 150 ألف ليرة مع طلب ضمانات ودفع إيجار لستة أشهر مقدماً.

يشير مأمون شباط من منطقة دمر بدمشق، إلى أن أسعار الإيجارات تراجعت قليلاً خلال الفترة الأخيرة، بسبب عودة بعض النازحين لمناطقهم أو هجرة أعداد كبيرة من سكان المنطقة، لكنها تبقى مرتفعة جدا بالقياس مع دخل السوريين، بحسب رأي شباط.

ويضيف العامل السابق بمحافظة دمشق لـ"العربي الجديد" تتراوح أسعار الإيجار بين 40 و60 ألف ليرة للبيوت الصغيرة بمنطقة دمر، وهي الأسعار ذاتها تقريباً لمناطق الريف الدمشقي القريبة، مثل قدسيا أو جرمانا.

وحول أسعار بيع البيوت، يقدّر شباط أن منزلاً مؤلف من غرفتين، يتراوح سعره بين 30 و45 مليون ليرة.

وعن انتشار البيوت المخالفة، يؤكد العامل السابق بالمحافظة، أن عدد المخالفات بدمشق وريفها زاد عن 200 ألف مخالفة منذ بداية الحرب، موضحاً أن أسعار مبيع البيوت المخالفة أقل من نصف أسعار البيوت النظامية، إذ لا يزيد سعر البيت المؤلف من ثلاث غرف عن 20 مليون ليرة سورية، معتبراً أن ثمة تساهلا من المحافظة، رغم صدور المرسوم 40 عام 2012 لملاحقة ومعالجة المخالفات.

المناطق المحررة

ارتفعت أسعار المنازل والإيجارات بالمناطق المحررة شمالي غرب سورية أخيراً "إدلب وريف حلب" بسبب نقص وارتفاع مواد البناء، بنحو 50%، حيث بلغ سعر كيس الإسمنت (50 كلغ) نحو 4 آلاف ليرة سورية، بحسب محمد فؤاد تاجر العقارات بإدلب.

ويضيف المتحدث لـ"العربي الجديد" أن توقف تركيا عن تصدير مواد البناء الشهر الفائت، زاد من الأسعار بأكثر من 10%، كما أن توقف قصف طائرات الأسد وروسيا، وزيادة الطلب على الشراء والإيجار، بعد عودة بعض النازحين من تركيا وتهجير نظام الأسد الثوار وعائلاتهم إلى إدلب، جعلا من المعروض أقل بكثير من الطلب، ما رفع أسعار الإيجار لنحو 30 ألف ليرة للمنزل بريف إدلب، ووصل سعر البيت إلى نحو 20 مليون ليرة سورية.

 ​

المساهمون