دعت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، السلطات المصرية، اليوم الخميس، إلى الإفراج الفوري عن المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، البالغة من العمر 61 عاماً، مراعاةً لظروف مرضها، وتقدّمها في السن، مستنكرة استمرار إدارة سجن النساء بالقناطر في منع أي زيارات عنها، أو اتصالها بأسرتها، منذ اعتقالها في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وقالت المنظمة في بيان، إنّ أقرباء المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان، تمكّنوا من رؤيتها آخر مرة لفترة وجيزة، خلال إحدى جلسات محاكمتها على ذمة التحقيقات في 18 يوليو/ تموز الماضي، في تهم متعلقة بـ"الانضمام إلى جماعة محظورة (الإخوان المسلمين)"، و"تلقي تمويل بغرض إرهابي"، وهي تهم لا تستند إلى أي أساس.
وأضافت منظمة العفو الدولية، أنّ "المحامية لم تحُتجز لأي سبب سوى لعملها في مجال حقوق الإنسان، في حين يُمنع أفراد أسرتها من الحصول على أيّ معلومات كتابة بشأن وضعها الصحي، بما يزيد من بواعث قلقهم بشأنها".
وقالت ابنة المحامية المعتقلة، لمنظمة العفو، إنّ "أمها لم تبد في صحة جيدة على الإطلاق، لا سيما أنّها تعرّضت لأزمة قلبية في 26 يناير/كانون الثاني 2020، وعلى إثرها تمّ إيداعها في مستشفى السجن"، مستطردة بأنّ "العاملين في المستشفى التي أودعت به للعلاج، أبلغوها أنّها تعاني أيضاً من ارتفاع في ضغط الدم، وجلطة بساقها اليسرى، وأنّ الشرطة أخذت كافة سجلاتها الطبية!".
ومنعت السلطات المصرية كافة زيارات السجون في 10 مارس/آذار 2020، بدعوى المخاوف من انتشار فيروس كورونا بين المحتجزين، ولاحقاً أعلنت وزارة الداخلية استئناف الزيارات إلى السجون بدءاً من 22 أغسطس/آب الجاري، مع تنفيذ بعض القيود".
وتخشى منظمة العفو الدولية أن تكون هدى قد استُثنيت من قرار استئناف الزيارات، نظراً لرفض إدارة السجن أيّ طلبات بشأن استقبالها لها، فضلاً عن عدم السماح لأقربائها بتبادل الرسائل الكتابية معها، بينما أتيح لغيرها من المحتجزات في سجن القناطر إرسال وتلقي الرسائل.
وطالبت المنظّمة بالإفراج الفوري عن المحامية الحقوقية، من دون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجّهة إليها، مع توفير العناية الصحية اللازمة لها بانتظام، مشدّدة على ضرورة إتاحة السبل لحصولها على سجلاتها الطبية، والسماح لها بالاتصال بأسرتها، ومحاميها، ريثما يُفرج عنها.
واقتحمت قوات من جهاز الأمن الوطني منزل هدى بالقاهرة، في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، قبل نحو 665 يوماً، وخربوه، واقتادوها معصوبة العينين إلى منزل والدتها، وأثناء تفتيش القوات لمنزل والدتها، تُركت المحامية الستينية معصوبة العينين داخل سيارة شرطة.
وأكّد الضباط لابنتها، التي حضرت واقعة اعتقال والدتها، أنّهم تابعون لجهاز الأمن الوطني، إلاّ أنهم لم يُبرزوا مذكرة باعتقالها، أو يذكروا سبب ذلك، أو يفصحوا عن المكان الذي يقتادونها إليه.
ولم يُسمح للمحامية بأخذ أي أدوية أو متعلقات شخصية معها، وبعد تعرّضها للإخفاء القسري لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً، مثلت أمام نيابة أمن الدولة العليا في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وهي أحد فروع النيابة المصرية التي تختص بإجراء التحقيقات حول تهديدات الأمن القومي.
وتمكن أقرباؤها من رؤيتها في اليوم التالي بمقر نيابة أمن الدولة، وأفادوا بأنها كانت بنفس الملابس التي كانت ترتديها يوم اعتقالها، وبدا عليها الخوف، ورفضت التحدث عن احتجازها، وأعيدت بعد ذلك إلى الاحتجاز بمكان لم يُفصح عنه.
وبين 2 ديسمبر/كانون الأول 2018، و14 يناير/كانون الثاني 2019، رفضت السلطات المصرية إخبار ذويها، ومحاميها، بمكان وجودها، حتى مثلت في 15 يناير/كانون الثاني 2019 أمام نيابة أمن الدولة، التي جدّدت حبسها لمدة 15 يوماً.
وأفادت ابنتها حينئذ، بأنّ "أمها فقدت الكثير من وزنها، بسبب عدم حصولها على كمية كافية من الطعام، ورداءة جودته". وبعد أن استجوبتها نيابة أمن الدولة، اقتادتها قوات الأمن الوطني معصوبة العينين إلى مكان غير معروف، وبعدها تعرّضت للإخفاء القسري لأسبوعين آخرين، ثم نُقلت إلى سجن النساء بالقناطر في 31 يناير/كانون الثاني 2019.
وشنّت السلطات المصرية يوم اعتقال هدى، مجموعة من المداهمات، طاولت ما لا يقلّ عن 31 من المدافعين عن حقوق الإنسان، والمحامين، من بينهم 10 نساء، و21 رجلاً. وركّزت حملة القمع على الحقوقيين الناشطين في "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، التي توثّق حالات الإخفاء القسري، واستخدام عقوبة الإعدام، وتقدم المساعدة القانونية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
وتطوّعت هدى كاستشارية لدى "التنسيقية المصرية"، ودأبت على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك حالات الإخفاء القسري. وهي عضو سابق في "المجلس القومي لحقوق الإنسان" و"نقابة المحامين المصرية"، وظلّت ممنوعة من السفر خارج مصر منذ أواخر عام 2013، من دون أن تُتهم بارتكاب أي جُرم.
واعتقلت قوات الأمن المصرية هدى رفقة ابنة القيادي الإخواني البارز، خيرت الشاطر، عائشة الشاطر، ليدرجا معاً في قضية تضمّ 8 آخرين، بتهم "الانضمام إلى جماعة محظورة"، و"تلقي تمويل بغرض إرهابي"، ومعهما في القضية نفسها، زوج عائشة، ومحاميها، محمد أبو هريرة، وبهاء عودة، شقيق وزير التموين الأسبق، باسم عودة.
ويُشار إلى أنّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، يوصي بوقف سياسات الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، ضدّ النشطاء، والمحامين الحقوقيين، والصحافيين، وغيرهم، وخلق المساحة الآمنة التي تمكّن المدافعين عن حقوق الإنسان من أداء عملهم، من دون خوفٍ على حريتهم أو سلامتهم الشخصية.