إن صح الإعلان الأميركي، يوم الجمعة، عن مقتل الرجل الثاني بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عبد الرحمن مصطفى القادولي (أبو علاء العفري)، بغارة استهدفته في سورية، تكون الولايات المتحدة، قد أنهت مهمة استمرت سنوات طويلة، رصدت خلالها، سبعة ملايين دولار، مكافأة، للمساعدة باعتقال الرجل، الذي وصفته بـ"صندوق الأسرار".
وسبق لقيادة العمليات المشتركة في بغداد، أن أعلنت منتصف مايو/أيار من السنة الماضية، مقتل القادولي، المعروف بأسماء عدة، مثل أبو علاء العفري وأبو عوف وأبو علي الأنباري وحجي إيمان، بغارة لكن سرعان ما تبين عدم صحة ذلك، بعد أسابيع قليلة.
ويحتل القادولي، موقعاً مهماً في التنظيمات الجهادية، ليس بالعراق وسورية فحسب، بل في أفغانستان التي سافر إليها نهاية تسعينات القرن الماضي، قبل أن يعود إلى العراق، وتحديداً إلى السليمانية، ليلتحق بجماعة "أنصار الإسلام" المعروفة بقربها من تنظيم "القاعدة"، وقد كان يتزعمها آنذاك، أبو عبد الإله الشافعي.
وعلى عكس ما أشيع أن القادولي كان ضابطاً بالجيش العراقي السابق خلال حكم الرئيس الراحل صدام حسين، أكد الباحث العراقي بشؤون الجماعات المسلحة، الشيخ خالد القيسي لـ"العربي الجديد"، أن الرجل كان مدرس فيزياء.
ولدى مراجعة روايات سابقة من سكان محليين في مدينة تلعفر، تبين أن مدرس الفيزياء، أي القادولي، الذي كفّر حزب البعث في صباه، ترجع علاقته مع التنظيمات الجهادية إلى تسعينات القرن الماضي، وتحديداً عقب الغزو العراقي للكويت.
وبحسب القيسي، فقد "ولد القادولي في مدينة الحضر قرب الموصل مطلع الخمسينات، وعمل مدرساً لمادة الفيزياء في المدارس العراقية متنقلاً بينها، وعُرف بتوجهه الجهادي منذ زمن بعيد من خلال قربه من دعاة ورجال دين عراقيين عُرفوا حينها باسم (جماعة الدعاة الموحدين)، لكن الرئيس السابق صدام حسين قمعهم بشدة، وحكم على بعضهم بالإعدام وآخرين بالسجن".
وبسبب هذا القمع، "اضطر القادولي، للسفر نهاية التسعينات من القرن الماضي إلى أفغانستان حيث التقى زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن قبل أن يعود إلى السليمانية شمال العراق ويلتحق بجماعة (أنصار الإسلام)"، طبقاً للباحث العراقي.
اقرأ أيضاً:واشنطن تؤكد مقتل الرجل الثاني في "داعش" بسورية
وفي العام 2004 أصبح الرجل، وفق القيسي، من "قيادات القاعدة، وبعدها بسنة بايع أبو مصعب الزرقاوي، ليساهم لاحقاً في تأسيس مجلس شورى المجاهدين بالعراق، والذي كان مقدمة لإعلان دولة العراق الإسلامية".
كما ساهم القادولي، في "تأسيس دولة العراق الإسلامية قبل أن تتحول إلى "دولة الإسلام في العراق والشام"، وبات من كبار قياداتها وعضو مجلس الشورى فيها"، كما يؤكد القيسي.
وتولى القادولي، بحسب المصدر، "منصب رئيس مجلس شورى "دولة الإسلام في العراق والشام"، وبعد مقتل أبي عمر البغدادي في العام 2007 بايع أبو بكر البغدادي بعد تمدد التنظيم في سورية عقب الثورة ضد نظام الأسد".
وقد ازدادت أهميته بعد مقتل سمير الخليفاوي المعروف باسم حجي بكر بالعام 2014، إذ تولى منصب نائب البغدادي في الشام، فيما تولى أبو مسلم التركماني منصب نائب البغدادي في العراق.
لكن مقتل التركماني، سنح الفرصة للقادولي كي يصبح نائب البغدادي على كل من العراق والشام، فاهتم بالملف الأمني في التنظيم. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها سبعة ملايين دولار للمساعدة باعتقاله، بعد أن وضعته على لائحة الإرهاب في 14 /أيار 2014.
اقرأ أيضاً:واشنطن: 20 مليون دولار مقابل معلومات عن قيادات"داعش"
فشل اعتقال "صندوق الأسرار"
مقتل الرجل، رغم كونه إنجازاً كبيراً، ينهي آمال أجهزة مخابرات عالمية باعتقاله، والحصول على ما يمكن من معلومات عن التنظيم ليس في العراق وسورية فقط ، بل في مصر وليبيا واليمن وتونس ودول أخرى، وفق ما أكدت مصادر أمن عراقية رفيعة في بغداد لـ"العربي الجديد".
كما سيكون مقتله، بحسب المصادر، بـ"مثابة فشل جهود واشنطن في اعتقاله بوصفه صندوق الأسرار، إذ عاصر أسامة بن لادن، ومن ثم قيادات جهادية كردية، وانتقل بعدها كمساعد لأبي مصعب الزرقاوي، ثم أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المصري ومن بعده زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي".
اقرأ أيضاً:فرقة أميركية تتعقب قيادات "داعش" لتصفيتها
شكوك حول حقيقة موته
وتعتمد الولايات المتحدة، وفق المصادر الأمنية، على شبكة جواسيس لنقل نتائج ضرباتها الجوية في العراق وسورية، وقد تكون حصلت منهم على تأكيد لمقتل القادولي، لكن ذلك يبقى بحاجة للتأكيد من التنظيم نفسه.
وعلى غير العادة، فإن المعلومات عن الرجل، متوفرة، فهو من أسرة معروفة في محافظة نينوى شمال العراق.
ويبقى المجال مفتوحاً، أمام شكوك واسعة، حول صحة هذا الإعلان كونه يأتي بعد أقل من شهر على إعلان "البنتاغون" مقتل أبو عمر الشيشاني بغارة جوية، أصدر التنظيم على إثره بياناً نفى فيه صحة ذلك.
وفي مطلق الأحوال، إن صحت الرواية الأميركية، فإن "داعش" يكون قد خسر أهم ستة قيادات في صفوفه، بينهم عسكريون، خلال العامين الأخيرين، بعد مقتل سمير الخليفاوي المعروف بحجي بكر، وعدنان اسماعيل المعروف بأبي عبد الرحمن البيلاوي، وفاضل الحيالي المعروف بأبي مسلم التركماني، واسماعيل لطيف السويداوي المعروف بأبي مهند السويداوي، ووسام الزبيدي المعروف بأبي نبيل الأنباري، وقد قُتل في ليبيا".
اقرأ أيضاً:"صيد الضباع": خطة التحالف لتصفية 32 قيادياً من "داعش"