العريضي عن التحرّكات الروسية للحلّ: سورية لا تتشكل طائفياً وشخصانياً

29 يونيو 2020
العريضي: حل الأزمة لا يكون إلا بتطبيق القرارات الدولية(الأناضول)
+ الخط -
بدأت التحركات الروسية لجهة إيجاد صيغة حل جديد للأزمة السورية تلقى صدى داخل أوساط المعارضة السورية والسياسيين المعارضين، ما حدا بالمتحدث باسم "الهيئة العليا للمفاوضات" وعضو اللجنة الدستورية، يحيى العريضي، إلى أن يؤكد على أن إيجاد مخرج للأزمة لا يكون إلا بتطبيق القرارات الدولية، وأن غير ذلك يعد "استمراراً بالغوص في المستنقع".

وشهدت الأيام الماضية حراكاً دبلوماسياً روسياً، تمثل بلقاء نائب وزير الخارجية الروسي مع الرئيس الأسبق لـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" معاذ الخطيب، بهدف بحث إطار للحل في سورية، وسبق ذلك لقاء جمع سكرتير البعثة الروسية الدائمة إلى الأمم المتحدة في جنيف بـ"شخصيات مؤثرة من العلويين"، لنقاش إمكانية صياغة عقد اجتماعي جديد بين مكونات الشعب السوري.

وعلى ذلك، أشار العريضي في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أنّ "روسيا مشتركة بصناعة القرارات السياسية في سورية، إلا أنها لم تكن جادة في تكريس حل سياسي، والدليل على ذلك أن (بيان جنيف) واضح ويتحدث عن حل سياسي، والقرار 2245 واضح وكذلك يتحدث عن انتقال سياسي، وأهم بند في هذين القرارين هو وقف إطلاق النار، فلماذا اخترعت مسار أستانة ليتخصص بالمسألة العسكرية".

وأوضح أنه "من خلال هذا المسار(أستانة) حولت روسيا وقف النار الشامل إلى (مناطق خفض تصعيد) وعادت وقضمتها، وهذا إجهاض للبند الأساسي في القرار الدولي، ومن ثم جعلت من هذه المناطق مقدمة لإعادة الاستبداد عليها، وإمعاناً في تخريب مسار جنيف أدخلوا إلى أستانة بعداً سياسياً، عندما اقتطفوا من القرار الدولي المسألة الدستورية وحاولوا تقديم دستور لوفد المعارضة".

وتابع العريضي: "كل ذلك يشير إلى عدم جدية حقيقة في إنجاز حل، إلا على قياس رؤية النظام الاستبدادية وقياس مصالح روسيا في البلاد، الأمر الذي لا يستقيم لا مع المعارضة ولا مع السوريين".

وأوضح العريضي أن "المستجد الآن هو استشعار روسيا بالجدية الحقيقية في الموقف الأميركي، وعدم جدوى المقاربات الروسية بتفصيل عملية سياسية كما تشاء، وظهور ملفات الإدانة للنظام ولا سيما ملف الكيماوي والجرائم التي ظهرت بتسريبات قيصر وإقرار القانون، والإصرار الدولي على اقتلاع إيران، وفشل النظام بالتجاوب الفعلي مع روسيا، وفساد النظام وثبوت فشله وعدم قابليته للتأهيل، بالإضافة إلى أنه ورغم (الإنجاز العسكري) الذي حققته روسيا مؤخراً، إلا أنه يبقى بلا معنى ويظهر مشوهاً ونقطة سوداء في تاريخها، من دون أن يكون مرفقاً بإنجاز سياسي، وكل تلك العوامل باتت تضغط على روسيا".

ولفت إلى أنه "وبناء على كل هذه المعطيات، تسعى روسيا إلى وضع مقاربات أخرى بالتواصل مع أشخاص ومع مكونات، والرسالة من ذلك أمران، الأول هو التملص من القرارات الدولية، والثاني ضرب مصداقية أي جسم معارض معترف به ليكون جزءا من العملية السياسية التفاوضية".


هذا هو الحل
وبخصوص لقاء الروس مع شخصيات سورية ومجموعات بناء على خطوط طائفية، بالإشارة إلى اجتماع السكرتير الروسي في جنيف مع شخصيات علوية، قال العريضي: "لا يمنع من اللقاء بشخصيات ومكونات بناء على بعد مذهبي، لكنه ليس الطريق السليم لإيجاد حل سياسي في سورية. ولا نريد لسورية أن تتشكل طائفياً أو شخصانياً".

وأكد أن الحل "يكمن بالقرار الدولي 2254 بإيجاد جسم سياسي انتقالي يشرف على فترة انتقالية لا مكان فيها لمنظومة الاستبداد، يعمل هذا الجسم بمساعدة دولية، وإذا شاءت روسيا تستطيع أن تكون جزءاً من ذلك وربما تقوده، يهيئ الجسم الانتقالي لبيئة محايدة وآمنة، ويكلف لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد، ومن ثم إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، بدءاً من البلديات وحتى الرئاسة، لتكون المواطنة هي السائدة، وتعبر عن حرية السوريين".

ويبدو أن التحركات لإيجاد مقاربة جديدة للحل والبحث في إمكانية صياغة عقد اجتماعي جديد انطلاقاً من مواقع تتخذ بعداً مذهبياً ودينياً، ليست محصورة بالدور الروسي، إذ علمت "العربي الجديد" أن "مجلس الكنائس العالمي" دعا صحافيين ونشطاء سوريين من مكونات سورية مختلفة، أمس الأول السبت، للتحاور في مبادرة نحو "أسس العيش المشترك وبحث محددات لعقد اجتماعي سوري"، بنقاش 20 بنداً.

وتتضمن هذه البنود السيادة وشكل الدولة المستقبلي ومتضمنات الدستور المقبل، ودوره في صيانة الحريات العامة والخاصة، ودور المرأة في الحكم، وعلاقة المكونات السورية في ما بينها، ومهمة الجيش والأجهزة الأمنية، بالإضافة لقضايا التعليم وعودة المهجرين وتعويضهم.

وبالتواصل مع "مجلس الكنائس العالمي"، أشار محمد خير، الوزير المشارك في المبادرة من داخل المجلس، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "المبادرة قامت على أساس مجتمعي ووطني بامتياز، حيث سهل المجلس حواراً شاملاً للسوريات والسوريين لم تستثن منه المكونات الدينية أو ذات البعد الديني كما الإثنية منها".

والواضح أن مبادرات على هذا النحو ستظهر في الأيام والفترة المقبلة، لإشراك شرائح أوسع من السوريين، مذهبياً وعرقياً واجتماعياً، بوضع صياغة جديدة للحل يكون عنوانها "العقد الاجتماعي" الجديد، من خلال منصات ومواقع وجهات مختلفة، لتكون مخرجاتها حاضرة أمام جهود الحل، الذي من الواضح أن الإجماع الدولي والإقليمي على إقراره بات جدياً، لا سيما مع بدء تنفيذ "قانون قيصر"، وتفشي الخلافات داخل بنية النظام السوري، الذي بات يشكل عبئاً حتى على حلفائه.