جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، تعيش قبائل عربية في دول تشاد ومالي والنيجر، تتمسك بهويتها وثقافتها ولغتها العربية التي ازدهرت في عهد السلطنات والممالك الإسلامية واستمرت حتى القرن التاسع عشر، قبل أن يزحف الفرنسيون لاحتلال المنطقة في القرن الماضي، ما تسبب في القضاء على ممالك دارفور وكانم وسلطنة وداي وسلطنة برنو وسلطنة سونغاي التي تم تغيير حدودها القديمة، واستبدالها بخرائط استعمارية، ما لبثت أن تحولت إلى دول وطنية تم تغييب العربية فيها، بفعل سيطرة التيار الفرانكفوني على الحكم والإدارة بها عقب الاستقلال.
عرب تشاد
يمكن تقسيم عرب تشاد إلى قسمين، الأول: عرب أصليون. والثاني: مجموعات قريبة من العرب من القبائل التي فقدت لغتها العربية وثقافتها وأصبحت أفريقية، وفق ما أوضحه الروائي والكاتب التشادي آدم يوسف، والذي لفت إلى أن اللهجة العربية في تشاد أقرب ما يكون إلى اللهجة السودانية، فيما يختلف شمال تشاد عن الجنوب، قائلاً في تصريح خاص لـ"العربي الجديد": "كلما اتجهنا جنوباً كانت اللغة العربية أقل فصاحة عنها في الشمال بسبب كثافة المعاهد الدينية والخطاب الديني الموجود في الشمال والذي يهتم باللغة العربية أكثر من الجنوب".
وينقسم عرب تشاد إلى مجموعتين الأولى: قبائل الحساونة التي جاءت إلى منطقة بحيرة تشاد عن طريق شمال أفريقيا خلال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وتضم تلك القبائل عرب الأصعالي، وأولاد سرار وأولاد علي، والدقنة وأولاد محارب، وبني وائل، وبني عامر، والعلوان، فيما تضم المجموعة الثانية: قبائل جهينة التي جاءت إلى تشاد عن طريق السودان خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين، وتضم تلك المجموعة عدداً كبيراً من القبائل، أكبرها أولاد راشد والحيماد، والحريكة، والسلامات والجعاتني وخزام، وبني هلبة.
وأضاف آدم يوسف، أنه لا يوجد إحصاء دقيق لعدد العرب في تشاد، قائلاً "المسألة مرتبطة بصراع بين المؤيدين للعرب والفرانكفونيين، إذ يميل العرب إلى تضخيم عددهم في حين يميل الفرانكفونيين إلى التقليل من عدد العرب في تشاد"، لكن يمكن القول، إن دخول العرب إلى تشاد ترافق مع دخول الإسلام إلى المنطقة في القرن الأول الهجري، وخلال تلك الفترة ازدهرت حضارة عظيمة كان ذروتها مملكة كانم ومن بين أهم رموزها أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الكانمي، الشاعر العربي والذي انتقل إلى بلاط الموحدين وأورد سيرته المؤرخون وكتاب السير العرب مثل ابن الأبار القضاعي، وابن خلكان.
ويعتبر عيسى القرعاني الناشط السياسي التشادي أن العرب في تشاد يعانون ظلماً حكومياً إذ تم تهجير عدد من العرب من قراهم ومناطقهم في جبل تبتسي كونهم محسوبين على النظام التشادي السابق الذي كان على رأسه حسين هبري (من أبناء قبيلة القرعان)، كما تم فرض شيوخ قبائل معينين من قبل السلطة على القبائل العربية، بالإضافة إلى عدم تفعيل اللغة العربية في الجهاز الحكومي، الذي تجرى معاملاته بالفرنسية.
ويختلف آدم يوسف مع القرعاني، قائلاً: "لا يوجد أي اضطهاد في تشاد، يمكن توصيف ما يجري بأنه صراع سياسي بين الحكومة والمعارضة والقبيلة تستخدم للحشد والاستقطاب، ومستقبل اللغة العربية في تشاد مبشر جداً، خصوصاً أن هناك إقبالاً كبيراً على الدراسة باللغة العربية في ظل تقديم العديد من المنح الدراسية من الدول العربية، ويضيف يوسف مبتسماً "لم يتبق إلا أن ننضم بشكل رسمي لجامعة الدول العربية حتى نصبح فعلياً دولة عربية، لكن حقيقة أنا لست من أنصار هذا الانضمام لأنه سوف يعزز الاستقطاب الثقافي في البلاد بين العرب والفرانكفونيين".
اقــرأ أيضاً
عرب النيجر
تتمركز القبائل العربية في شمال وشمال شرق النيجر عند الحدود مع ليبيا والجزائر، وفق ما أفاد به "العربي الجديد" الكاتب والروائي الليبي الجنسية والمولود في النيجر، حسين بن قرين درمشاكي، والذي أوضح أن أهم القبائل العربية هي درمشاكي وكنته والبراريش والخنيشات وأولاد سليمان والجعافرة وبني عثمان، وينتشر العرب في مدن ومناطق مثل التضامن وبزوقر وازناق وبئر قصير ومدينة أجاوين وعين الجيفة ووادي الرقراق.
وذكر درمشاكي، أن عرب النيجر لهم وجود قوي داخل مؤسسات الدولة والبرلمان والوزارات ومناصب مستشاري ومساعدي الرئيس، غير أن اللغة العربية لا تدرس بشكل رسمي في البلاد، وتابع موضحاً "فقط منظمات أهلية وخيرية هي التي تعنى بنشر الثقافة واللغة العربيتين، الأمر يحتاج إلى تبنٍ رسمي من قبل الدولة حتى تنتشر العربية أكثر".
اقــرأ أيضاً
عرب مالي
يقول الأكاديمي والباحث الأزوادي، سيد بن بلة، أن شعب أزواد الذي يبلغ عدده 4 ملايين نسمة ويقطن في الشمال المالي مكون من أربع قوميات، هي الطوارق والعرب والسونغاي والفولان، ويدين الأزواديون بالإسلام وينتمون إلى المذهب المالكي، ولفت إلى أن الأزواديين كانوا يتبعون التاج المغربي حتى جاء الاستعمار الفرنسي وألحقهم بالدولة المالية.
ويؤكد الناشط العربي الأزوادي محمد كنته مع بن بلة، أن عرب الإقليم ينتمون إلى قبائل ينتسب بعضها إلى عقبة بن نافع فاتح المغرب العربي مثل قبيلة كنتة بالإضافة إلى قبائل عربية أخرى مثل البرابيش وأولاد سليمان وأولاد داوود وأهل أروان وتدبوكهو أولاد عمران وغيرهم ويضاف إلى هذه القبائل العربية الأصيلة قبائل الطوارق التي استعربت وتكلمت العربية.
ولفت بن بلة إلى أن فرنسا لدى احتلالها أزواد فرضت لغتها على المجتمع وسيطر على الحكم عقب خروج الاستعمار تيار فرانكفوني محسوب عليها، ما دفع الأزواديين إلى إرسال أبنائهم إلى البلاد العربية للدراسة، حتى لا يفقدوا لسانهم وثقافتهم في حين أن أغلب الأزواديين الذي اندمجوا في التعليم فقدوا لغتهم العربية لصالح الفرنسية باستثناء القلة التي تدرس التعليم التقليدي.
عرب تشاد
يمكن تقسيم عرب تشاد إلى قسمين، الأول: عرب أصليون. والثاني: مجموعات قريبة من العرب من القبائل التي فقدت لغتها العربية وثقافتها وأصبحت أفريقية، وفق ما أوضحه الروائي والكاتب التشادي آدم يوسف، والذي لفت إلى أن اللهجة العربية في تشاد أقرب ما يكون إلى اللهجة السودانية، فيما يختلف شمال تشاد عن الجنوب، قائلاً في تصريح خاص لـ"العربي الجديد": "كلما اتجهنا جنوباً كانت اللغة العربية أقل فصاحة عنها في الشمال بسبب كثافة المعاهد الدينية والخطاب الديني الموجود في الشمال والذي يهتم باللغة العربية أكثر من الجنوب".
وينقسم عرب تشاد إلى مجموعتين الأولى: قبائل الحساونة التي جاءت إلى منطقة بحيرة تشاد عن طريق شمال أفريقيا خلال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وتضم تلك القبائل عرب الأصعالي، وأولاد سرار وأولاد علي، والدقنة وأولاد محارب، وبني وائل، وبني عامر، والعلوان، فيما تضم المجموعة الثانية: قبائل جهينة التي جاءت إلى تشاد عن طريق السودان خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين، وتضم تلك المجموعة عدداً كبيراً من القبائل، أكبرها أولاد راشد والحيماد، والحريكة، والسلامات والجعاتني وخزام، وبني هلبة.
وأضاف آدم يوسف، أنه لا يوجد إحصاء دقيق لعدد العرب في تشاد، قائلاً "المسألة مرتبطة بصراع بين المؤيدين للعرب والفرانكفونيين، إذ يميل العرب إلى تضخيم عددهم في حين يميل الفرانكفونيين إلى التقليل من عدد العرب في تشاد"، لكن يمكن القول، إن دخول العرب إلى تشاد ترافق مع دخول الإسلام إلى المنطقة في القرن الأول الهجري، وخلال تلك الفترة ازدهرت حضارة عظيمة كان ذروتها مملكة كانم ومن بين أهم رموزها أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الكانمي، الشاعر العربي والذي انتقل إلى بلاط الموحدين وأورد سيرته المؤرخون وكتاب السير العرب مثل ابن الأبار القضاعي، وابن خلكان.
ويعتبر عيسى القرعاني الناشط السياسي التشادي أن العرب في تشاد يعانون ظلماً حكومياً إذ تم تهجير عدد من العرب من قراهم ومناطقهم في جبل تبتسي كونهم محسوبين على النظام التشادي السابق الذي كان على رأسه حسين هبري (من أبناء قبيلة القرعان)، كما تم فرض شيوخ قبائل معينين من قبل السلطة على القبائل العربية، بالإضافة إلى عدم تفعيل اللغة العربية في الجهاز الحكومي، الذي تجرى معاملاته بالفرنسية.
ويختلف آدم يوسف مع القرعاني، قائلاً: "لا يوجد أي اضطهاد في تشاد، يمكن توصيف ما يجري بأنه صراع سياسي بين الحكومة والمعارضة والقبيلة تستخدم للحشد والاستقطاب، ومستقبل اللغة العربية في تشاد مبشر جداً، خصوصاً أن هناك إقبالاً كبيراً على الدراسة باللغة العربية في ظل تقديم العديد من المنح الدراسية من الدول العربية، ويضيف يوسف مبتسماً "لم يتبق إلا أن ننضم بشكل رسمي لجامعة الدول العربية حتى نصبح فعلياً دولة عربية، لكن حقيقة أنا لست من أنصار هذا الانضمام لأنه سوف يعزز الاستقطاب الثقافي في البلاد بين العرب والفرانكفونيين".
عرب النيجر
تتمركز القبائل العربية في شمال وشمال شرق النيجر عند الحدود مع ليبيا والجزائر، وفق ما أفاد به "العربي الجديد" الكاتب والروائي الليبي الجنسية والمولود في النيجر، حسين بن قرين درمشاكي، والذي أوضح أن أهم القبائل العربية هي درمشاكي وكنته والبراريش والخنيشات وأولاد سليمان والجعافرة وبني عثمان، وينتشر العرب في مدن ومناطق مثل التضامن وبزوقر وازناق وبئر قصير ومدينة أجاوين وعين الجيفة ووادي الرقراق.
وذكر درمشاكي، أن عرب النيجر لهم وجود قوي داخل مؤسسات الدولة والبرلمان والوزارات ومناصب مستشاري ومساعدي الرئيس، غير أن اللغة العربية لا تدرس بشكل رسمي في البلاد، وتابع موضحاً "فقط منظمات أهلية وخيرية هي التي تعنى بنشر الثقافة واللغة العربيتين، الأمر يحتاج إلى تبنٍ رسمي من قبل الدولة حتى تنتشر العربية أكثر".
عرب مالي
يقول الأكاديمي والباحث الأزوادي، سيد بن بلة، أن شعب أزواد الذي يبلغ عدده 4 ملايين نسمة ويقطن في الشمال المالي مكون من أربع قوميات، هي الطوارق والعرب والسونغاي والفولان، ويدين الأزواديون بالإسلام وينتمون إلى المذهب المالكي، ولفت إلى أن الأزواديين كانوا يتبعون التاج المغربي حتى جاء الاستعمار الفرنسي وألحقهم بالدولة المالية.
ويؤكد الناشط العربي الأزوادي محمد كنته مع بن بلة، أن عرب الإقليم ينتمون إلى قبائل ينتسب بعضها إلى عقبة بن نافع فاتح المغرب العربي مثل قبيلة كنتة بالإضافة إلى قبائل عربية أخرى مثل البرابيش وأولاد سليمان وأولاد داوود وأهل أروان وتدبوكهو أولاد عمران وغيرهم ويضاف إلى هذه القبائل العربية الأصيلة قبائل الطوارق التي استعربت وتكلمت العربية.
ولفت بن بلة إلى أن فرنسا لدى احتلالها أزواد فرضت لغتها على المجتمع وسيطر على الحكم عقب خروج الاستعمار تيار فرانكفوني محسوب عليها، ما دفع الأزواديين إلى إرسال أبنائهم إلى البلاد العربية للدراسة، حتى لا يفقدوا لسانهم وثقافتهم في حين أن أغلب الأزواديين الذي اندمجوا في التعليم فقدوا لغتهم العربية لصالح الفرنسية باستثناء القلة التي تدرس التعليم التقليدي.