وقال بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي: "ينفي العراق ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطيّة سعوديّة بالطائرات المُسيّرة، ويؤكد التزامه الدستوري بمنع استخدام أراضيه للعدوان على دول الجوار".
وأضاف البيان أن الحكومة العراقية ستتعامل بحزم ضد كل من يحاول انتهاك الدستور، مشيراً إلى أن الحكومة شكّلت لجنة من الأطراف العراقية ذات العلاقة لمتابعة المعلومات والمستجدات.
وأكدت الحكومة العراقية أنها تتابع باهتمام بالغ التطوُّرات، مشيرة إلى أن التصعيد والحلول العسكرية يعقدان الأوضاع الإنسانيّة والسياسية، ويهدّدان الأمن الإقليميّ والدوليّ.
وجدد البيان دعوة العراق إلى التوجّه لحلٍّ سلمي في اليمن، وحماية أرواح المدنيّين، داعياً دول المنطقة والعالم إلى تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية، وإنهاء الحرب.
وفي السياق، أكد مسؤول عراقي أن قوات الجيش المنتشرة على طول الحدود العراقية الجنوبية والجنوبية الغربية، بدءاً من بادية السماوة ووصولاً إلى النخيب في الأنبار، لم ترصد أي نشاط غير قانوني قبيل حدوث الهجمات.
وأوضح المسؤول العراقي لـ"العربي الجديد" أن بلاده لا يمكن أن تضبط حدوداً طولها أكثر من 800 كم مع السعودية مع تعدد الجهات الحاملة للسلاح، مؤكداً في ذات الوقت أن بإمكان الأميركيين تحديد مكان انطلاق الطائرات المسيرة كونهم يغطون الأجواء العراقية بشكل كامل.
وكانت تقارير صحافية أميركية قد نقلت خلال الساعات الماضية عن مصادر لم تسمها قولها إن الهجوم الذي تعرضت له منشآت أرامكو تم بواسطة طائرات مسيرة أقلعت من العراق وليس اليمن، وفقاً لمعلومات أولوية.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مسؤولين في الخليج قولهم إن الخبراء يدرسون احتمال استخدام مهاجمي منشآت النفط السعودية صواريخ كروز أطلقت من العراق أو إيران، من دون استبعاد فرضية الطائرات المسيرة.
وقال مسؤول عراقي في مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لـ"العربي الجديد" إن جميع الافتراضات تقوم على أساس أن المسافة بين الحدود العراقية والمنشآت المستهدفة في العمق السعودي (بلدة بقيق) تبلغ نحو 600 كم، بينما تفوق المسافة بين اليمن والمنطقة المستهدفة 1300 كم، إضافة إلى ارتباط بعض الفصائل العراقية المسلحة بعلاقات جيدة مع طهران وإطلاق بعض تلك الفصائل تهديدات غير مسؤولة اتجاه السعودية"، على حد وصفه.
وأوضح أن قوات حرس الحدود/ المنطقة الخامسة، المسؤولة عن الحدود مع السعودية، نفت وجود أي نشاط عسكري، مستدركاً بالقول إن "الحدود المشتركة بين العراق والسعودية تبلغ 814 كم وهذه المسافة كبيرة جداً"، لافتاً إلى أن لدى الأميركيين مراصد وطائرات مراقبة وأقماراً صناعية وبإمكانهم تحديد ما إذا كانت الطائرات المسيرة انطلقت من الأراضي العراقية.
وشدد المسؤول العراقي على أن بلاده تريد الحفاظ على العلاقات الأخوية مع السعودية، مؤكداً أن العراق سبق أن أبلغ الرياض رسمياً في يونيو/ حزيران الماضي بأهمية تعزيز مراقبة الحدود من جانبها.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد اتهم إيران بالوقوف وراء الهجمات، مبيناً في تغريدة له على "تويتر"، مساء أمس، أن "طهران تقف وراء ما يقرب من 100 هجوم على المملكة العربية السعودية في حين يدعي روحاني وظريف الانخراط في الدبلوماسية.
وفي خضم كل الدعوات إلى وقف التصعيد، شنّت إيران الآن هجوماً غير مسبوق على إمدادات الطاقة في العالم. ولا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن".
وتابع بومبيو في تغريدة منفصلة: "ندعو جميع الدول إلى إدانة الهجمات الإيرانية علناً وبشكل لا لبس فيه. وستعمل الولايات المتحدة مع شركائنا وحلفائنا لضمان أن تظل أسواق الطاقة مزودة بشكل جيد وأن تُساءل إيران عن عدوانها".
الخبير بالشأن الأمني العراقي أحمد عباس السلطاني قال لـ"العربي الجديد" إن فشل الحكومة في سحب كتائب حزب الله والنجباء والخراساني من الحدود مع السعودية في النخيب وبادية السماوة وجرف الصخر يدفع إلى تعزيز فرضيات انطلاق الطائرات المسيرة من العراق، مشيراً إلى أن إيران يمكنها نقل صواريخ إلى العراق بشكل أسهل بأضعاف المرات من إيصالها إلى جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن.
ووفقاً للسلطاني، فإن "الأميركيين يملكون الإجابة، وقد تحمل الساعات المقبلة اتهامات مباشرة بوقوف مليشيات عراقية مرتبطة بإيران بالهجوم على أرامكو السعودية، وهو ما يعني أن الأمور ستتأزم بشكل أكبر، وقد تفسّر على أنها رد من المليشيات على استهداف مستودعات سلاحها في بغداد وديالى وصلاح الدين بالفترة الماضية".
ولفت إلى أنه في حال صحّ انطلاق الطائرات المسيرة من العراق، فإنه لا يمكن إدانة الحكومة العراقية بذلك، وأنها ستكون فقط ملزمة بالتعهد للعمل على عدم تكرارها وبذل مزيد من الجهد لمنع تحول الأراضي العراقية للاعتداء على الدول المجاورة.