ويعزو مراقبون الحركة الدؤوبة بالمنطقة الخضراء إلى زيارة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى بغداد قبل يومين، وعقده اجتماعات مغلقة مع قادة الكتل، كل على انفراد، لتتضح معالم اتفاق سياسي جديد يتضمن رفض غالبية الأسماء المرشحة في جلسة نهاية الشهر الماضي للبرلمان، وإعطاء الكتل السياسية حق ترشيح وزراء لرئيس الحكومة، لكن ضمن شروط يفرضها العبادي.
ووفقا لمسؤول عراقي رفيع، تحدث من بغداد لـ"العربي الجديد"، فإن "رئيس الحكومة شرع، صباح اليوم، في مراجعة تقرير مقدم من لجنة مستشارين تم تكليفهم لمراجعة الأسماء المقدمة له من الأحزاب والكتل السياسية"، مضيفا أن "اللجنة قدمت تقريرا مفصلا عن كل مرشح لمنصب وزير في الحكومة الجديدة بطريقة العلامات".
ويشرح المسؤول العراقي، وهو موظف رفيع في أمانة مجلس الوزراء، مفصلا بقوله: "هناك مرشحون حصلوا على 9 من عشرة، وآخرون على 7 من عشرة، وهكذا، بحسب مسطرة ضوابط تم وضعها والقياس عليها"، مرجحا أن يتم تسليم الملف الكامل من الحكومة إلى رئيس البرلمان يوم غد، بشرط أن يتم حل مشكلة وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري، الذي يرفض مغادرة منصبه لقاء منحه منصب رئيس "التحالف الوطني"، الحاكم بالبلاد، والذي يضم كتل "الدعوة" و"التيار الصدري" و"المجلس الأعلى"، وكتلا شيعية أخرى.
وأكد المتحدث ذاته أنه، ووفق القانون، سيتم عرض الأسماء السابقة المقدمة من رئيس الحكومة للبرلمان، ويتم رفض أغلبها، فيتم تقديم أسماء بدلا عنها، وهذا هو السيناريو المرشح لجلسة الغد في حال انعقادها.
وحصل "العربي الجديد"، أمس الأحد، على تسريبات لأسماء وزراء جدد بحكومة العبادي، كان أبرزهم محمد علي الحكيم، سفير العراق في الأمم المتحدة، لمنصب وزير الخارجية بعد استبعاد الشريف علي ابن الحسين، فيما تم ترشيح فاضل عبد النبي، وكيل وزارة المالية الحالي، لمنصب وزير المالية، كما طرحت أسماء المهندس خالد حسن السامرائي، وكيل الوزير الحالي لوزارة الكهرباء، كوزير للوزارة نفسها، وموسى الموسوي، رئيس جامعة بغداد، للتعليم العالي، ومصطفى الهيتي للتخطيط، والنائب بالبرلمان الحالي عبد القهار السامرائي لوزارة التربية، فيما طرح اسم رجل أعمال وسياسي عراقي يدعى لاوس الأورفلي لتولي وزارة الزراعة، مع الإبقاء على وزيري الداخلية والدفاع.
ويعدّ الاتفاق الأخير بين العبادي والكتل السياسية، برعاية أميركية ودعم إيراني، بمثابة التفاف على مشروع الإصلاح الذي ينص، في بدايته، على أن تكون الحكومة من التكنوقراط، ولا تتدخل الأحزاب السياسية المشاركة بتسمية الوزراء، وأن لا يكون الوزير حزبيا أو سياسيا، بل مستقلا، وهو ما رحب به الشارع العراقي، إلا أن رفض الكتل، وبلوغ الأزمة السياسية مستويات خطيرة، استدعى وساطات إيرانية وأميركية لمنع انهيار حكومة العبادي، لاعتبارات عدة، أبرزها ملف الحرب على تنظيم "داعش"، ومساعي استرداد نحو ثلث العراق الذي لا زال تحت سيطرة التنظيم المتشدد.