لم يكن سعد الجميلي يعلم أن نهاية علاقته بـ"النرجيلة" سيكتبها مقهى فخم يرتاده الميسورون، في بغداد، وهو الذي أدمن على تدخينها لخمسة أعوام، في مقاه شعبية.
المقهى الفخم، الذي يعدل ثمن جلسة تدخين "النرجيلة" فيه خمسة أضعاف سعرها في المقاهي الشعبية، فتح أمامه ما كان مغلقاً، ليجد خلاله سعد، الذي أكمل عقده الثالث مطلع العام الحالي، أن مخدرات تدخل في تحضير مواد "النرجيلة".
ويطلق العراقيون على "الأرجيلة" أو ما يعرف بـ"الشيشة" في دول أخرى، "النرجيلة"، التي أخذت منذ نحو عشر سنوات تنتشر بشكل كبير، ليس فقط في المقاهي، بل صارت في أكثر البيوت.
يقول الجميلي لـ"العربي الجديد" إنه شعر بشيء غريب منذ أن بدأ بتدخين "النرجيلة" في ذلك المقهى ملبياً دعوة صديقه، موضحاً "شعرت بدوار ثم نعاس، فكففت عن التدخين، وقلت لصديقي كيف تشعر وأنت تدخن هذا، قال إنه يشعر بارتياح كبير، لذلك هو لا يُفوّت يوماً دون تدخينها في هذا المقهى".
وأضاف "صديقي يقول إنهم في هذا المقهى يضيفون شيئاً من الكحول، وهذا سبب ارتفاع تكلفتها" لكن للجميلي رأياً آخر، مبيناً "تأكدت أن الكثير من المقاهي تخلط المعسل بمواد مخدرة ليفعل مفعوله ويدمن الناس على تدخين هذا النوع؛ لأجل تحقيق عوائد مالية مرتفعة ومستمرة".
مقهى فخم آخر، وسط العاصمة العراقية، أكد صاحبه لمراسل "العربي الجديد" أنه يلبي رغبة زبائنه، الذين يطلبون إضافة نوع من الكحول إلى "النرجيلة" وينفي أنه يستخدم مواد مخدرة، كما يؤكد أن له "خلطة سرية" خالية من الكحول، وهذا سبب اعتياد زبائنه ارتياد مقهاه، رافضاً الكشف عن خلطته، مدعياً أنها "سر المهنة".
لكن زياد عبد الرحمن (26 عاماً)، وكان يمتهن تحضير "النرجيلة" في عدد من المقاهي، أكد بحسب اطلاعه وعلاقاته بزملاء المهنة أن كثيراً من المقاهي تعمد إلى وضع "حبوب مخدرة" في خلطة "النرجيلة"، كاشفاً لـ"العربي الجديد"، أن "هناك أيضاً من يستخدم مواد مخدرة أخرى كالحشيشة والبانجو، وأيضاً بعضها تضيف الكحول لزبائنها الخاصين".
فيما يقول عصام الهموندي، وهو صاحب مقهى شعبي في بغداد، يمتنع عن تقديم "النرجيلة"، مُطلقاً على نفسه "مناهض لانتشارها"، إن "هذا النوع من التدخين صار ظاهرة خطيرة تفتك بالشباب الذين يقبلون على النرجيلة بكثرة".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن لديه معلومات وافية عن ما يجري في العديد من المقاهي، موضحاً "بعضهم يخلطون الحبوب المخدرة، أبرزها ما يسمى "أبو الحاجب" و"أبو صليبة"، إنها زهيدة الثمن لكنها قوية المفعول، أيضاً هناك من يستخدم أنواعاً من الحشيشة".
وكشف أن "هذه المواد يتم تحضيرها وخلطها مع مختلف أنواع المعسل من قبل صاحب المقهى أو من ينوب عنه، ومع مفعولها المخدر الذي يعطي نوعاً من النشوة والاسترخاء، يعتاد الشخص على تدخينها بشكل يومي، وأحياناً تصل إلى أربع أو خمس مرات في اليوم الواحد؛ بعد أن أصبح مدمناً على هذا الصنف، وفي هذا المقهى تحديداً، الذي يتحفظ على سر خلطته".
المخيف في الأمر، بحسب ضابط في وزارة الداخلية العراقية، طلب عدم الكشف عن هويته، أن هناك ما يتعدى الربح الوفير والسريع لأصحاب المقاهي، كاشفاً أن من يقف وراء انتشار المخدرات في العراق مليشيات مسلحة؛ غايتها نشر الإدمان بين الشباب.
وأضاف الضابط لـ"العربي الجديد" "لدي معلومات مؤكدة من خلال متخصصين في متابعة قضايا المخدرات، الكثير من المقاهي تعود لقياديين في المليشيات، وجميع تلك المقاهي تقدم النرجيلة التي تحوي المخدرات"، لافتاً إلى أن نشر الفساد بين صفوف الشباب بأشكال مختلفة؛ أخذت بالانتشار بعد غزو العراق في 2003.
اقرأ أيضاً الأردن: 4 قضايا مخدرات في المدارس أسبوعيا