يثير قرار رئيس الحكومة العراقيّة، حيدر العبادي، بتحويل مليشيا "الحشد الشعبي" إلى قوة رسميّة مخاوف من تحويلها لحرس ثوري عراقي على غرار الحرس الثوري الإيراني، خصوصا مع قرب انطلاق عمليّات تحرير الموصل من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش)، وما يترتب على ذلك من نتائج سلبيّة تؤثّر على التعايش السلمي في المحافظة وفي البلاد.
وفي هذا السياق، اعتبر نائب عن تحالف القوى العراقيّة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "قرار العبادي باعتبار مليشيا الحشد جهة رسميّة، لم يكن متوقعاً، وقد خيّب كل آمالنا بتحرير العراق من الأجندات الطائفيّة"، مضيفاً أنّ "العبادي تجاهل كافة الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها الحشد، والتي تم توثيقها، وآخرها جريمة الصقلاويّة، كما تجاهل كل النداءات التي أطلقتها المنظمات الدوليّة ومنها الأمم المتحدة التي طالبت بإجراء تحقيقات نزيهة ومهنية بجرائم الحشد".
ورأى النائب الذي طلب عم الكشف عن اسمه أنّه "من غير الممكن أن يقدم العبادي على خطوة كهذه، والتي تعد تجاوزا على الشعب العراقي الرافض لوجود مليشيا الحشد، ولمشاركته في المعارك"، متسائلاً عن "مصير المختطفين لدى الحشد، والذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن".
كما أشار إلى أنّ "هذه الخطوة ستجعل من المليشيا قوة رسمية عراقيّة على غرار الحرس الثوري الإيراني، وتستعد لتنفيذ أجندتها الطائفية وتوغل بدماء العراقيين"، محذراً من "خطورة ذلك، خصوصاً بعد انتهاء معارك التحرير، لتبدأ مرحلة التصفيات الطائفية على يد الحشد".
من جهته، حذّر الخبير السياسي، عبد الرحمن الشمري، في حديث مع "العربي الجديد"، من "خطورة قرار العبادي على التعايش السلمي في العراق".
وقال إنّ "قرار العبادي قرار غير مدروس، وجاء بضغوط إيرانيّة ومن قبل قادة التحالف الوطني، والذي يهدد بإسقاط حكومة العبادي"، معتبراً أنّ "هذه الجهات ضغطت على العبادي مستغلة الأزمة السياسيّة التي تمرّ بها حكومته واستقالة الوزراء والضغط الشعبي، الأمر الذي أجبر العبادي على القبول بها، حفاظا على موقعه وحكومته".
وأضاف أنّ "القرار جاء متزامناً مع قرب عمليّات تحرير الموصل، ما يعني أنّ المطالبات بعدم مشاركة الحشد في المعركة أصبحت غير مجدية، لأنّ الحشد أصبح قوة رسميّة ولا يمكن لأي جهة أن ترفض مشاركته". وبحسب الشمري فإنّ "القرار سيحمي الحشد من أيّ مساءلة قانونيّة وأي تحقيق بشأن الجرائم التي ارتكبها، والتي يستمر التحقيق بها، ومنها الجرائم التي يتم التحقيق بها".
في المقابل، عدّت مليشا بدر، قرار العبادي "نصرا كبيرا لها". وقال النائب عن المليشيا، رزاق محيبس، في بيان صحافي، إنّ "قرار ضم الحشد الشعبي للقوات المسلحة رسميّا، نصر كبير للعراق ودعم للأجهزة الأمنيّة، لما يتمتع به أفراد الحشد من بطولة وخبرة ووطنية عالية"، مشيراً إلى أنّ "الحشد الشعبي أنقذ العراق من إرهاب وبطش داعش، ووضع البلد على بر الأمن والأمان".
كما شدد على "أهميّة الاستمرار بتقديم الدعم الكامل للحشد المقدّس، حتى تحرير الشرقاط والموصل وكافة المدن العراقية من الإرهاب"، مبينا "ضرورة نبذ الخلافات الداخلية وتقوية الجبهة الداخلية للوقوف صفّاً واحداً بوجه التحديات، والتي تواجه البلد، وتؤثّر على جميع العراقيين".
يشار إلى أنّ الحكومة العراقيّة تغضّ الطرف عن انتهاكات مليشيا "الحشد الشعبي" وآخرها التي ارتكبتها في الفلوجة على الرغم من كشفها من قبل جهات داخليّة ومنظّمات دولية.
وكانت الأمم المتحدة قد كشفت تقارير عن انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان تعرض لها النازحون من مدينة الفلوجة، مطالبة الحكومة بالتحقيق في الموضوع، ومحذّرة من تزايد أعمال العنف الطائفي في العراق، بينما أكّدت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" أنّ الحكومة تتكتّم على نتائج تحقيق بشأن انتهاكات الحشد.