يسعى رئيس الجمهورية العراقيّة، فؤاد معصوم، لإنقاذ مشروع المصالحة الوطنيّة قبيل انهياره، لما له من مخاطر كبيرة على التعايش السلمي بين العراقيين، فيما يؤكّد سياسيّون عدم الجدوى من محاولة انتشال المشروع، بسبب وقوف كتل سياسيّة وأحزاب متنفّذة في وجهه.
وفي بيان صحافي صدر عن مكتب معصوم، كشف الرئيس العراقي عن "الانتهاء من مشروع المصالحة في البلاد، وأنّه سيطلق بعد عيد الأضحى المبارك".
وقال معصوم إنّ "النقاش حول المصالحة الوطنية طوال السنوات العشر الماضية كان مجرد كلام لا طائل منه، وكان أشبه بالجدل البيزنطي"، مشيراً إلى "وجود مشروع متكامل للمصالحة بين الأطراف العراقية تم الانتهاء منه، ومن المتوقع أن يتم طرحه بعد العيد؛ ليكون هنالك مفهوم للمصالحة مع كل الفئات الداخلية".
وأوضح أنّ "المشروع يتضمن رؤية شاملة، خصوصاً بعد أن تم حصر موضوع المصالحة بيد الرئاسات الثلاث، بعد أن كان مشتتاً بين عدة جهات".
وأشار معصوم إلى أنّ "التظاهرات الحالية في البلاد كانت ضرورية لإيقاظ السياسيين من سباتهم الطويل، نظراً للأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تعانيها البلاد"، منتقداً "عدم تشاور رئيس الوزراء حيدر العبادي معنا، في ما أقدم عليه من حزم إصلاحات، لكنها كانت ضرورية بهدف تحقيق مراجعة شاملة لكل شيء، لا سيما وأنّنا نمرّ بأوضاع بات من الصعب التعامل معها، دون إحداث مراجعة جادة لكل شيء".
من جهتها، حثّت لجنة مؤسسات المجتمع المدني البرلمانيّة "إشراك مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين في مشروع المصالحة الوطنية وتعديل الدستور".
وقال مقرر اللجنة، مناضل الموسوي، في بيان صحافي، إنّ "لجنة مؤسسات المجتمع المدني النيابية استضافت الخبير الدولي بشؤون المصالحة الجنوب أفريقي فاني دو تويت ضمن وفد البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP) لمناقشة المصالحة الوطنية في العراق وتعديل الدستور وزيادة عملية مشاركة المواطنين في المصالحة".
وأشار إلى أنّ "المصالحة ضرورية جدّاً في الظرف الراهن، نتيجة للظروف الصعبة والحرجة التي يمر بها البلد"، داعياً إلى "ترك الآليات التقليدية والاعتماد بصورة أكبر على مؤسسات المجتمع المدني ودورها في تحقيق المصالحة والسلام".
من جهته، عدّ النائب عن التحالف الوطني، حسين الزبيدي، حديث معصوم عن إطلاق المشروع بعد العيد، محاولة أخيرة لإنقاذ المشروع من الفشل.
وقال الزبيدي لـ"العربي الجديد"، إنّ "مشروع المصالحة أثبت فشلاً كبيراً طوال السنوات الماضية، بسبب الخلافات بين الكتل السياسية والأزمات المستعرة بينها"، مشيراً إلى أنّ "هناك كتلاً سياسية لا تريد للمشروع أن يطبّق خوفاً من تأثيره على مصالحها، كما أنّ قادة الأحزاب الطائفيّة تعدّ المشروع إفشالاً لأجنداتها".
وأشار إلى أنّ "كل تلك التحدّيات وقفت بوجه إمضاء المشروع وتعطيله، وأنّ التحديات لا زالت قائمة حتى اليوم"، مبيناً أنّ "رئيس الجمهوريّة يحاول إنفاذ المشروع خوفاً من فشل العبادي بإصلاحاته، وما قد يتبع ذلك من تغيرات سياسيّة في البلاد، قد يكون لها تأثير على التعايش السلمي بين المكونات العراقيّة".
ورجّح، "فشل جهود معصوم بإنقاذ المشروع".
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، قد دعا الأمم المتحدة إلى لعب دور في إطار تعزيز المصالحة الوطنية؛ ودعم الجهود التي تبذل في هذا المجال، مؤكّداً على أهمية دور المنظمة الدولية في دعم التشريعات النيابية التي من شأنها تعزيز البناء الديمقراطي وتنفيذ التوافقات بين القوى الوطنية.
يشار إلى أنّ حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، كانت قد تحدّثت طوال ثماني سنوات عن مشروع المصالحة الوطنيّة، وخصصّت له لجاناً خاصّة، ووزيراً خاصّاً للمصالحة، فضلاً عن موازنة طائلة، دون أنّ تتقدم حتى خطوة واحدة بتنفيذ المشروع، فيما يُتهم المالكي بتعطيل المشروع والتعامل بنهج طائفي عرقل تمريره.
اقرأ أيضاً: "الحشد الشعبي" تستعين برجال الدين للإفتاء بدعمها مالياً