أعلن الجيش العراقي، السبت، تولي قواته إدارة جميع المنافذ البرية والبحرية للبلاد، باستثناء منافذ إقليم الشمال، بهدف منع الفساد والتجاوزات فيها.
وقالت قيادة العمليات المشتركة (تتبع للجيش) في بيان إنها "خصصت قوات أمنية لجميع المنافذ الحدودية بالبلاد، لإدارتها وإنفاذ القانون فيها ومكافحة التجاوزات وظواهر الفساد وإهدار المال العام".
وذكرت قيادة العمليات، في بيانها، أن "القوات الأمنية انتشرت في منافذ البلاد كافة وهي مخولة بجميع الصلاحيات القانونية لمحاسبة أي حالة تجاوز ومن أي جهة كانت".
وأشارت إلى أنه "تم تحديد مسؤولية الحماية للمنافذ كافة على قطعات الجيش العراقي، وهي المنافذ البحرية (أم قصر الشمالي، أم قصر الجنوبي، أم قصر الأوسط، خور الزبير)، والمنافذ البرية (الشلامجة، بدرة، المنذرية، سفوان، القائم، طريبيل، الشيب، زرباطية، أبو فلوس، عرعر)".
باشرت قيادة عمليات #البصرة وحسب توجيهات القائد العام للقوات المسلحة ونائب قائد العمليات المشتركة والتوجيهات المباشرة من قائد عمليات البصرة بتأمين محيط منفذ الشلامجة بإنشاء خندق وساتر ترابي لغرض قطع الطرق الترابية التي كانت تستخدم لعمليات التهريب من قبل ضعاف النفوس. pic.twitter.com/A9EnR0bXto
— وزارة الدفاع العراقية (@modmiliq) July 24, 2020
وأوضحت أن "هناك 10 منافذ برية و4 بحرية أصبحت بحماية كاملة، للمنفذ والحرم الجمركي، وأن هذه القوات مخولة بجميع الصلاحيات القانونية لمحاسبة أي حالة تجاوز، ومن أي جهة كانت".
وكانت وزارة الدفاع العراقية قد قالت في بيان سابق إنها لم تنشر أي قوات من الجيش في منافذ إقليم الشمال، حيث تتولى قوات البشمركة المسؤولية الأمنية.
والأسبوع الماضي، قال ممثل الإقليم في بغداد فارس عيسى، في تصريحات لوكالة "الأناضول"، إن "مؤسسات اتحادية من شرطة الجمارك والجوازات تعمل داخل المعابر في كردستان، فيما تتولى البشمركة حماية تلك المنافذ وفقا للقانون".
وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مؤخرا، إن "هناك هدرا كبيرا يقدر بمليارات الدولارات، نتيجة عدم سيطرة الدولة على المنافذ الحدودية البرية والبحرية، جراء وجود جماعات خارجة عن القانون تحاول السيطرة على الأموال"، لافتا إلى أنه "تم وضع خطة للسيطرة على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية، وسنرفد الدولة بمليارات الدولارات من تلك المنافذ".
وحسب مسؤولين عراقيين تحدثوا سابقا لـ"العربي الجديد"، فإن الكاظمي أوعز بتشكيل خلية عمل مشتركة بين وزارات الدفاع والداخلية والمالية وجهاز المخابرات، بهدف إنهاء ملف الحدود البرية والبحرية وضبط عملها بعيدا عن تدخل الأحزاب والجماعات المسلحة، مؤكدين أن الخلية ستباشر عملها قريبا.
وفي محاولة للسيطرة على المنافذ الحدودية، قدمت هيئة المنافذ الحدودية مقترحاً لرئيس الوزراء بإرسال قوات أمنية لمواجهة أي تدخل خارجي.
وقال رئيس هيئة المنافذ عمر الوائلي، في تصريح صحافي، مؤخرا، إن "هيئة المنافذ قدمت مقترحا إلى الكاظمي بخصوص إرسال قوات أمنية معززة لأمن المنافذ، بغرض ضمان عمل آمن للكوادر العاملة في داخل المنفذ الحدودي، وإشعارهم بالعمل في بيئة جيدة ولمواجهة أي تدخل خارجي من قبل بعض العصابات الخارجة عن القانون".
وأقدم الوائلي على "إعفاء مدير منفذ زرباطية مع إيران العميد ضياء حسين جاسم ومعاونه العميد خالد حسوني جبر سلمان من منصبيهما، بسبب تقصير بأداء الواجب".
وقال أحد المسؤولين إن "المنافذ مع إيران تستأثر بنحو 80 في المائة من عمليات الفساد المالي".
وقبل هذه الخطوة كانت معابر العراق تخضع لإدارة قوات مشتركة تتبع لوزارة الداخلية.
استعدادات ميدانية
ميدانيا، ووفقا للمعطيات في منافذ البصرة، فقد أقدمت القوات المكلفة بأمنها على اتخاذ إجراءات عسكرية تحسبا للمواجهة مع مافيات الفساد.
وقالت وزارة الدفاع العراقية، في بيان لها، إن "قيادة عمليات البصرة، وحسب توجيهات رئيس الوزراء ونائب قائد العمليات المشتركة والتوجيهات المباشرة من قائد عمليات البصرة، باشرت بتأمين محيط منفذ الشلامجة بإنشاء خندق وساتر ترابي لغرض قطع الطرق الترابية التي كانت تستخدم لعمليات التهريب".
وأكد مسؤول عسكري في منفذ الشلامجة أن "هناك معلومات تؤشر إلى أن بعض الفصائل التي كانت تسيطر على تلك المنافذ تعتزم القيام بأعمال تخريب، وقد تقدم على مواجهة القوات التي تمسك المنافذ"، مبينا لـ"العربي الجديد" أن "القوات الخاصة بدأت تصل الى عدد من المنافذ، وستصل تباعا خلال الأيام المقبلة، وأنها مجهزة بأحدث الأسلحة وأنظمة للمراقبة، وأن لديها أوامر مباشرة من رئيس الوزراء بمواجهة أي قوة أو جهة خارجة عن القانون تحاول منع تلك القوات من السيطرة على المنافذ".
ولم يستبعد المسؤول العسكري "حصول مواجهات في بعض المنافذ مع بعض الجهات الخارجة عن القانون، والتي تضررت من قرارات ضبط المنافذ".
لجنة الأمن البرلمانية رجحت إمكانية بسط السيطرة على المنافذ، وفقا لتلك الإجراءات، وقال عضو اللجنة النائب سعد مايع، في بيان، إن لجنته "بحثت ضبط المنافذ ومنع الفساد المستشري فيها"، مؤكدا أن "انتشار المعابر غير الشرعية وتعدد الدوائر التابعة لوزارات المالية والداخلية والصحة والنقل والتجارة والتخطيط والسياحة وغيرها، والبالغ عددها 14 دائرة، والعاملة في الحرم الجمركي، فضلاً عن التداخل في الصلاحيات وعدم الارتباط إدارياً وفنياً بهيئة المنافذ الحدودية، من أهم الأسباب التي تسهم في تنامي الفساد وتشتيت كل الجهود الرامية للقضاء عليه".
وأكد، أن "ربط عمل الدوائر الحكومية بهيئة المنافذ الحدودية وإدخال التكنولوجيا الحديثة للسيطرة على حركة الأشخاص والمواد والبضائع الداخلة إلى البلاد والخارجة منها، وإخضاع جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية لسلطة الحكومة المركزية، بما فيها المنافذ الوسطى والشرقية والغربية والجنوبية والشمالية على حد سواء، فضلاً عن إغلاق المعابر غير الشرعية التي تعتبر من أهم الثغرات المؤثرة على أمن البلد واقتصاده الوطني، ستسهم بالسيطرة عليها، وإنهاء الفساد فيها".
وحسب تصريحات سابقة لنواب عراقيين، فإن المنافذ الحدودية تخضع لسيطرة متنفذين سياسيين وفصائل مسلحة وقادة أمنيين فاسدين، في وقت لا تحصل الحكومة على موارد من المنافذ الرسمية إلا بنحو 10 بالمائة فقط، وفقا لمسؤولين حكوميين.
ويمتلك العراق 22 منفذا حدوديا منها 9 برية مع دول الجوار، وهي زرباطية والشلامجة والمنذرية والشيب مع إيران، وسفوان مع الكويت، وطريبيل مع الأردن، والوليد مع سورية، وعرعر وجديدة عرعر مع السعودية، كما تمتلك البلاد منافذ بحرية في محافظة البصرة جنوبي البلاد، ومنافذ إقليم كردستان شمالي العراق.
ويواجه العراق أزمة مالية كبيرة انعكست على مختلف القطاعات، وعطّلت إقرار مشروع موازنة 2020 الذي أعد في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، والبالغ نحو 115 مليار دولار وبعجز يبلغ قرابة 18 مليار دولار.
وكشفت اللجنة المالية في البرلمان العراقي عما وصفته بالموارد الضائعة للعراق، التي تجب استعادتها وإضافتها إلى الموازنة.
وقال مقرر اللجنة المالية النيابية أحمد الصفار، في بيان سابق له، إن ما بين 20 و30 موردا ماليا للعراق يجب أن تدخل ضمن موازنة العام الحالي، وبسبب الفساد لم تدخل في السنوات الماضية.