حملة التنظيم طالت العشرات من عناصر الفصائل المسلحة التي رفضت سابقاً مبايعته واختارت تجميد عملها، وفقاً لشروط المحكمة الشرعية المركزية الخاصة بتنظيم "داعش" في يونيو/ حزيران من العام الماضي. كما تطاول الإعدامات والاعتقالات ضباطاً من الجيش العراقي السابق فضلاً عن عناصر الشرطة والجيش والصحوات والبعثيين والإخوان المسلمين وزعماء قبائل كان قد أعلن "داعش" قبول توبتهم. وتأتي الحملة الجديدة بذريعة أنهم "مشاريع خيانة مستقبلية ضد دولة الخلافة الإسلامية".
ووفقاً لمصادر محلية في الموصل وكركوك والفلوجة والرمادي والقائم والرطبة فضلاً عن بلدات أخرى، تحدثت معها "العربي الجديد"، فإن التنظيم أعدم العشرات خلال يومين، واعتقل المئات أيضاً من منازلهم فيما مصير هؤلاء لا يزال مجهولاً.
اقرأ أيضاً: قرار أميركي بفصل العراق عن سورية في محاربة "داعش"
يوضح مصدر مطلع من داخل مدينة الموصل، التي يتخذها "داعش" عاصمة له، لـ"العربي الجديد"، أن "الأوامر جاءت من زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، بشكل شخصي، بسبب مخاوف لدى التنظيم من وجود خطة أميركية جاهزة لإقناع فصائل مسلحة وعشائر وشخصيات تحظى بشعبية كبيرة للانتفاض ضد التنظيم في سيناريو شبيه بتجربة الصحوات في العام 2006، عندما سيطر تنظيم القاعدة بزعامة أبو مصعب الزرقاوي على الأنبار ومدن أخرى وتمكنت العشائر من دحره خلال أشهر قليلة".
ووفقاً للمصدر فإنّ "التنظيم يروّج لما يسميه خطوات استباقية أو وقائية ضد بذور الخيانة والتجسس والانقلاب"، على حد وصفه. كما يشير المصدر إلى أنّ "داعش ضاعف من بطشه في المدينة بشكل غير مسبوق".
من جهته، يؤكد أحد شيوخ قبيلة دليم في الأنبار، الشيخ محمود العبد، لـ"العربي الجديد" قتل التنظيم لستة من كبار قادة الجيش السابق كانوا قد رفضوا سابقاً الانضمام إليه. ويشير الزعيم القبلي البارز في محافظة الأنبار إلى أن التنظيم بات أكثر عدوانية مع الأهالي، ولا يسلم منه إلا قلة. ويلفت العبد إلى أنّ "التسريبات تتحدث عن وجود معلومات توفرت لداعش أخيراً حول وجود اتصالات أميركية مع قيادات سنية لترتيب حراك مسلح من داخل المدن التي يسيطر عليها التنظيم".
ووفقاً للعبد، فإنّ النهج السائد لدى "داعش" حالياً هو "القتل على الشبهة، إذ أفتى بالتخلص من المشكوك بهم على الرغم من عدم التيقن من نواياهم الحقيقية وهل سيكونون بالفعل ضده بما يسميه المشاريع الأميركية أم لا".
أما في كركوك، فيفيد القيادي في التحالف الكردستاني، سامان سعيد الجاف، لـ"العربي الجديد" أنّ "داعش أعدم 34 عنصراً من جماعة جيش الطريقة النقشبندية الخميس الماضي"، متحدثاً عن مشروع أطلق عليه التنظيم "تنظيف المدن".
ويلفت الجاف إلى أنّ "عمليات الاغتيال والاعتقالات التي تنفذها مفارز الأمن الداخلي في تنظيم داعش في الحويجة والرياض وقرى أم الخناجر جنوب وجنوب غرب كركوك جاءت بشكل مفاجئ".
من جهته، يرى الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة، إبراهيم الفهداوي، أنّ "تصفية داعش لعناصر وقادة في الفصائل المسلّحة جاءت على خلفيّة عدم تعاونهم معه في المعارك".
ويقول الفهداوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفصائل المسلّحة في المحافظات التي تخضّع لسيطرة داعش بقيت طوال هذه الفترة كخلايا نائمة وحدّت من نشاطاتها، ولم تكن لا مع ولا ضد التنظيم، فيما سعى التنظيم الى ضمّها تحت رايته والسيطرة عليها وعلى تحركاتها، لكنه لم يستطع طوال تلك الفترة كسبها، الأمر الذي دفعه لتصفية عناصرها الآن".
ووفقاً للفهداوي، فإنّ "داعش لا يريد قوة منافسة له أبداً، فضلاً عن كونه يخشى من وجود أيّ تنظيم أو فصيل مسلح، حتى إذا كان ضعيف النشاط".
ويشير الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة إلى أنّ "داعش يسعى إلى بناء دولة الخلافة وتقوية دعائمها، وهو ما يجعله يعتبر أنّ أيّ تجمع وأي تنظيم مهما كان حجمه هو تهديد لدولته". ووفقاً للفهداوي فإن نظرة "داعش" تقتصر على إمّا أن تكون الأطراف معه أو ضدّه أي أنه لا حل وسط لديه. ويلفت الفهدواي إلى أنّ "داعش استطاع أخيرا أن يقصي المليشيات عن أغلب المحافظات، وهو اليوم يعيد تنظيم صفوفه ويستعد للمعركة الكبرى في الأنبار مع القوات الأميركيّة. وهو الأمر الذي يحتم عليه التخلّص من كل شخص أو جهة مشبوهة بالنسبة له قد يكون لها تأثير سلبي على التنظيم".
ويرى الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة أنّ "الوقت ضيّق بالنسبة لداعش، إذ إنه مع الاستعدادات الأميركية لشنّ هجوم واسع ضدّه في الأنبار، فلا حلّ لديه إلّا عمليات التصفية للتنظيمات الأخرى، ولن يبذل أيّ جهد أو محاولات لكسبها إلى جانبه، على غرار محاولته في بداية دخوله الموصل ومن ثم المحافظات الأخرى".
اقرأ أيضاً: لائحة بمسؤولين عراقيين ممنوعين من دخول المقرات الأميركية