سُمع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الأربعاء، سحب القوات الأميركية من سورية، لدى الجار العراقي، مع اعتبار مسؤول حكومي، في بغداد أنه "لا يوجد أي تهديد إرهابي وشيك للعراق من خلال الأراضي السورية بعد الانسحاب الأميركي"، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الخطوة ستدفع إلى تعزيز التعاون مع نظام بشار الأسد بالمناطق التي سيشغلها بعد الانسحاب الأميركي، تحديداً في محور البو كمال ودير الزور".
جاء ذلك في وقتٍ تصاعدت فيه دعوات قوى سياسية وفصائل مسلحة مقرّبة من إيران بـ"وجوب انسحاب واشنطن أيضاً من العراق على غرار ما حدث بسورية". وبحسب مسؤول في مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فإن "القوات العراقية والحشد الشعبي ينتشرون على طول 600 كيلومتر من الحدود بين العراق وسورية، ولا خوف من وجود تهديد وشيك على العراق بسبب الانسحاب الأميركي من مناطق شرق سورية وشمال شرقها".
وأضاف أن "القوات العراقية قادرة على التعامل مع الملف الحدودي بشكل مريح ولا خطر على مدنه الحدودية مع سورية، كالقائم وحصيبة وربيعة والبعاج من قبل داعش". ولفت إلى أن "الجانب العراقي سيعزز تعاونه مع نظام الأسد والأطراف الأخرى الفاعلة في المناطق الحدودية"، في إشارة إلى الفصائل المرتبطة بإيران. وأشار إلى أن "هذا يعني إنعاشا لمركز التنسيق الرباعي أو التحالف الرباعي الروسي الإيراني العراقي والسوري في الفترة المقبلة، حيث كان الوجود الأميركي في المناطق السورية الحدودية أبرز معوقات تطوير مهامه الجوية والبرية والاستخبارية".
من جانبه، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حسن شاكر لـ"العربي الجديد"، إننا "كحكومة وقوات أمن قادرين على إدارة الملف الأمني، ولا يوجد قلق لدينا، أما في الجانب السوري فنريد أن نعرف من سيشغل المكان الأميركي في سورية، النظام أم الأكراد أم داعش؟ إذا كان الانسحاب مؤمّنا ومنسّقا فلا خوف عليه، لكن الخوف من وجود مسرحية أخرى. وعلى كل حال لدينا قوات حالياً على الحدود، قادرة على التعامل مع أي خطر يهدد الأراضي العراقية".
أما زميله في اللجنة ذاتها، بهاء الدين النوري، فأفاد لـ"العربي الجديد"، بأن "داعش حالياً أضعف بكثير من أن يشكّل خطراً على العراق، لكن نعتقد أن هناك استراتيجية أميركية وإعادة ترتيب أوراق من خلال هذه الخطوة الأخيرة، ويجب على العراق بدوره أن يتخذ خطوات تنسيق مع الطرف الفاعل الذي سيحكم المناطق السورية الحدودية وهو النظام السوري".
بدوره، أوضح الخبير أحمد الحمداني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "المناطق التي سينسحب منها الأميركيون في شرق سورية وشمال شرقها، أكثر مما هو مطروح، كون تأثير الأميركيين كان على مناطق قريبة من تواجدهم أيضاً، وليس في البقع التي ينتشرون فيها فقط". وأضاف "أجد أن العراق ليس له خيار سوى التنسيق مع دمشق والإيرانيين بطبيعة الحال وحتى الأتراك، في مناطق يُعتقد أنهم سيفرضون فيها معادلة جديدة إذا ما بدأت العملية التركية فعلاً"، مؤكداً أن "التنف وهجين وشعثة والباغوز والبوكمال والناصية وبلدات وقرى سورية تمتد على طول يبلغ نحو 600 كيلومتر بين العراق وسورية، تتطلّب بالتأكيد تنسيق، وهو ما قد يدفعنا للتنبؤ بأن تصبح العلاقة بين بغداد والنظام في دمشق أكثر قوة وعلانية. وقد نشهد تبادل زيارات على مستوى قادة كلا البلدين بالفترة الأخيرة". واعتبر أن "فرح وارتياح القوى المسلحة والسياسية المقرّبة من إيران في العراق لهذا الحدث، يدفع للحديث عن نوع التحرك المقابل للمعسكر المضاد لواشنطن كالأتراك والإيرانيين والروس بالفترة المقبلة".