قليلة هي الموضوعات التي يتفق عليها الشارع العراقي، لكن وصف عام 2014 بعام الحزن أو العام الأسود، اتفق عليه الجميع، حيث يمضي العام محملا بذكريات قاسية وأوجاع حلت في أغلب منازل العراقيين، بفعل الانهيار الأمني والأزمات السياسية والفتن الأهلية وأزمة اقتصادية خانقة جعلت الجميع يصف السنة التي تستعد للرحيل بأنها "عام الشؤم".
ولعل أبرز الآلام التي خلفها عام 2014 هو التهجير القسري والنزوح من الديار بفعل الهجوم الواسع لتنظيم داعش على مدن شمال وغرب ووسط العراق، واستخدام الجيش العراقي القصف العشوائي والبراميل المتفجرة وانتشار جرائم مليشيات الحشد الشعبي.
ويقول رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري لـ"العربي الجديد" إن "أزمة النزوح والتهجير القسري بسبب التداعيات الأمنية الأخيرة في العراق بعد سيطرة تنظيم داعش على نينوى، وتلاها ديالى والأنبار وأجزاء من كركوك، تعتبر الأسوأ في العراق.
ويضيف الجبوري: "على مجلس النواب والحكومة العراقية تقديم المساعدات عبر لجنة النازحين".
مشيرا إلى أن "النزوح وتردي الأمن والتهجير القسري للعراقيين تعتبر العنوان الأبرز للعام، ويعمل مجلس النواب مع الحكومة لتقديم ما هو أفضل، ونأمل أن يكون العام المقبل عام عودة المهجرين إلى مناطقهم، وتشكيل قوات الحرس الوطني التي تتولى مهمة حماية كل منطقة، وتنكسر شوكة داعش وتعود هي ومن أتى معها إلى خارج الأراضي العراقية التي دنسوها باسم الإسلام".
من جهتهِ يعتبر النائب عن التحالف الكردستاني شاخوان عبد الله، "العام 2014 واحدا من أقسى الأعوام على الشعب العراقي، بسبب مشاكل النزوح القسري لأكثر من ثلاثة ملايين عراقي، مبينا أن الحكومة العراقية لم تقدم بشكل جيد الخدمات ولم تؤمن لهم السكن؛ فهذا الملف كبير ويحتاج إلى معالجة سريعة لوقف ما يعاني منه هؤلاء النازحون".
ويقول رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أرشد الصالحي لـ"العربي الجديد" إن العام 2014 يعتبر عام التهجير القسري والنزوح للعراقيين بامتياز، وحقوق الإنسان انتهكت للقوميات وهذا ما لم يسجله تاريخ العراق منذ احتلال هولاكو للبلاد، "انتهكت الحرمات وسلب المال والدار والنساء تحت غطاء الإسلام والإسلام منهم براء"، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 750 ألف عائلة تركمانية مهجرة من تلعفر ونينوى وصلاح الدين وديالى؛ وهم يعيشون في ظروف معيشية وإنسانية صعبة".
ويشير الصالحي إلى أن "لجنة حقوق الإنسان البرلمانية تعمل على توثيق هذا التهجير والنزوح القسري للعوائل؛ لأنها تعتبر واحدة من الجرائم بحق الإنسانية لأن المدنيين يجب أن يكونوا في مأمن عن أي حروب، وداعش يحاول تصوير نفسه حامي للسنة وهو لا يمثل أهل السنة؛ فهو صنيعة يراد منها استغلال الإسلام لمواضيع يعلمون هم أنفسهم إلى ما يراد منهُ".
ويضيف "الظاهر أنهم أداة لتغير ديمغرافيا المنطقة ورسم خارطة جديدة للشرق الأوسط، والجميع يعلم ذلك، فهم يقتلون ويسلبون وينهبون تحت غطاء الدين".
ويتوزع نحو ثلاثة ملايين نازح على سبعة عشر مخيما بالعراق غالبيتها في إقليم كردستان وبغداد، بينما تشير تقارير طبية إلى مقتل ما لا يقل عن 100 ألف عراقي خلال عام 2014 وإصابة نحو 200 ألف آخرين.
وتقول مقررة لجنة حقوق الإنسان لقاء الوردي، إن "داعش والمليشيات مشكلة كبيرة تواجه الشعب العراقي، لأن الاثنين يقتلون ويهجرون الناس؛ وبهذا يعتبر العراق من أكثر البلدان في العالم مع سورية في تسجيل التهجير والنزوح القسري، والعديد من الأطفال والنساء والطاعنين في السن ماتوا بسبب هذه الأحداث وهي أبرز سمة للعام 2014".
من جانبه قال رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم لويس روفائيل الأول لـ"العربي الجديد"، إن "النزوح القسري والتهجير الحدث الأبرز للعام 2014، والمسيحيون في العراق تعرضوا لكارثة إنسانية كبيرة لم يشهد مثلها التاريخ الحديث، الآن أكثر من 150 ألف عائلة مسيحية تعيش في ظروف صعبة وقاسية وهي بحاحة للدعم الحكومي، والأعياد تمر عليهم وهم بعيدون لأول مرة عن مناطقهم، وعلى الحكومة تحرير مناطقهم ليعود السكان إليها".
وتظهر احصاءات محلية ودولية حجم الدمار الذي لحق بالعراق لهذا العام، فبحسب وزارة التخطيط في إقليم كردستان العراق والمنظمة الدولية للهجرة، فإن نصف أعداد النازحين يقيمون في كردستان، بينهم نحو 25 ألف طالب في المراحل الدراسية المختلفة.
أما أعداد القتلى والمصابين، فقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف في شهر نوفمبر/تشرين الثاني: إن قرابة 12 ألف شخص قتلو وأصيب نحو 22 ألفا آخرون منذ بداية عام 2014.
وأوضحت مفوضية حقوق الإنسان العراقية (غير حكومية) أن نحو 1500 طفل توفوا في مخيمات النازحين بالعراق، منذ العاشر من يونيو/ حزيران الماضي، بينما اعتبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في بيان أن 2,7 مليون طفل عراقي يتأثرون بالصراع، ويعتقد أن 700 طفل تعرضوا للإصابة والقتل وحتى الإعدام.
مساجد العراق كان لها حصتها في الصراع، وحسب شبكة حراك الاخبارية فقد تعرض قرابة 200 مسجد إلى الضرر، بين حرق وهدم والاستيلاء عليها خلال العمليات العسكرية ودخول المليشيات إلى المحافظات السنية.
ولم تسلم المنازل والمساحات الزراعية والمبان الحكومية من الضرر، وأكثر من 250 مليار دينار المبلغ الذي تحتاجه محافظة ديالى شمال شرق بغداد لإصلاح مبانيها، بحسب محافظ ديالى، عامر المجمعي، ويمكن من خلالها قياس حجم الضرر لخمس محافظات أخرى.