بعد أيام على استعادة القوات العراقية مدعومة بمليشيات الحشد وطيران التحالف الدولي السيطرة على مدينة الشرقاط التابعة لمحافظة صلاح الدين شمال العراق، لا تزال الشرقاط غارقة بدخان النيران المنبعثة من المباني التي تم قصفها، وشوارعها خالية إلا من حركة الجنود وأفراد المليشيات الذين يحرصون على تفتيش كافة مبانيها.
وتسعى الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين إلى إعادة السكان للمدينة تحت أي ظرف وبأي ثمن، خوفا من أن تتحول هي الأخرى إلى معقل جديد للمليشيات على غرار مدينة جرف الصخر وبيجي التي حولتها مليشيات الحشد إلى معسكرات كبيرة لها، وترفض الانسحاب منها لإعادة السكان إليها.
وقال رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد عبد الجبار الكريم إنه "بعد أن أنهت القوات المشتركة عملية تطهير قضاء الشرقاط سنبدأ بإعادة النازحين خلال الأسبوع المقبل".
أما القيادي بقوات العشائر محمد ناجي الجبوري فقد أكد أن "العمل جار مع رئيس الوزراء لعدم تأخير إعادة الأهالي إلى مدينتهم وبسرعة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "أغلب السكان يعيشون في مخيمات وبيوتهم تنتظرهم".
ولفت الجبوري إلى أن "الشرطة وفرق الإطفاء والدفاع المدني دخلوا المدينة، ويرفعون المتفجرات والمواد الحربية المختلفة لإعادة السكان البالغ عددهم نحو 300 ألف".
ويقدر رئيس منظمة صلاح الدين الإغاثية محمد عمران حجم الدمار في المدينة بين 10 إلى 18 في المائة، غالبيته في البنى التحتية.
وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "داعش انسحب قبل خراب المدينة، والمدينة تضررت نتيجة القصف الجوي والصاروخي طيلة العامين الماضيين"، لافتا إلى أن "حاجة المدينة إلى معالجات بيئية سريعة، مع انتشار أمراض وأوبئة ناجمة عن القوارض والحشرات التي تنتشر في كل مناطقها". وقال "هذه أول مرة تخلو فيها المدينة من أهلها".
والشرقاط مدينة تاريخية قديمة تعود تسميتها إلى الكلمة الآشورية "آشوركات" بمعنى "مدينة الذئاب" بين ثلاث محافظات عراقية.
وتعد المنطقة مركزا لمدينة آشور التاريخية، بالإضافة إلى أنها محاطة بالتلال من عدة جهات؛ فمن الجنوب تحدها تلال الخانوكة، ومن الغرب تحدها تلال الجميلة، ومن الشمال تلال الجرناف، مع وجود تلال أخرى متفرقة جعلتها تاريخيا منطقة تتحصن فيها الجيوش.
ويقطن الشرقاط نحو 300 ألف نسمة جميعهم من العشائر العربية السنية، وأبرزها شمر، والجبور، والجميلة، واللهيب، والعبيد، والدليم، وعشائر عربية أخرى. وتعرف أيضا باسم مدينة الأدباء والشعراء، وتمتاز بطبيعة ساحرة. كما تضم المدينة الموقع الأثري الآشوري الذي يرجع إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، ما يجعل المدينة من أقدم مدن العراق والمنطقة العربية.
ويقسم الشرقاط نهر دجلة إلى قسمين، يطلق على الأول اسم الساحل الأيمن، والثاني الساحل الأيسر. ويشكل الساحل الأيمن مركز القضاء، والأيسر يمثل ريف المدينة. كذلك تلاصق الشرقاط مدينة الحضر التاريخية المشهورة.
ويقول رئيس بلدية الشرقاط علي الدودح لـ"العربي الجديد" إن "نسبة الأضرار التي لحقت بمدينة الشرقاط تصل إلى 10 بالمائة".
ويبيّن أن "عملية تحرير الشرقاط تعتبر نظيفة بالقياس مع باقي مناطق محافظة صلاح الدين"، مؤكدا أن "قلعة آشور لم يفجرها تنظيم الدولة الإسلامية، والموقع الأثري لا يزال كما هو ولم يحدث فيه أي تخريب".
وأضاف "نعمل على إعادة ترتيب المدينة بأقصى سرعة، وتوفير الخدمات، وطي صفحة سيطرة داعش عليها".