"رايتس ووتش": اعتقال تعسفي وتعذيب الأطفال المشتبه في انتمائهم لـ"داعش" بالعراق

06 مارس 2019
اعترافات منتزعة تحت التعذيب (موقع هيومن رايتس ووتش)
+ الخط -


قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير أصدرته اليوم الأربعاء، إن سلطات حكومتيّ العراق وإقليم كردستان اتهمت مئات الأطفال بالإرهاب لانتمائهم المزعوم إلى تنظيم "داعش"، مشيرة إلى أنّ المحاكمات تستند غالبا إلى اتهامات ملفقة واعترافات منتزعة تحت التعذيب.

ويُظهر تقرير "لازم كلّكم تعترفون: الانتهاكات ضد الأطفال المشتبه في انتمائهم إلى داعش في العراق"، أن السلطات العراقية وسلطات إقليم كردستان تعتقل وتلاحق غالبا الأطفال الذين لهم أي صلة مزعومة بداعش، وتعذبهم لانتزاع الاعترافات، وتحكم عليهم بالسجن بعد محاكمات سريعة وغير عادلة. هذا في الوقت الذي يعترف القانون الدولي بأن الأطفال المجندين من الجماعات المسلحة هم في المقام الأول ضحايا ينبغي إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع.

وقالت جو بيكر، مديرة المناصرة في قسم حقوق الطفل في المنظمة: "يُحتجز الأطفال المتهمون بالانتماء إلى داعش، ويُعذبون ويُحاكمون بغض النظر عن مستوى مشاركتهم مع التنظيم. هذا النهج القمعي ظالم وسيخلق عواقب سلبية دائمة للعديد من هؤلاء الأطفال".

ويقول الأطفال العراقيون الذين احتجزوا للاشتباه في تورطهم مع التنظيم، إنهم يخشون العودة لبيوتهم عقب إطلاق سراحهم، لأن توقيفهم يصنَّفهم تلقائيا كدواعش، ما يُعرّضهم لهجمات انتقامية.

فيما أوضح أطفال محتجَزون لدى حكومة إقليم كردستان، إنهم يخشون إعادة اعتقالهم من قبل القوات الاتحادية العراقية إذا عادوا إلى المناطق الخاضعة لبغداد. ولفت التقرير إلى أن "هذه الوصمة قد تؤدي إلى انفصال دائم عن أُسرهم ومجتمعهم".

وبحسب التقرير، تستخدم السلطات العراقية وسلطات إقليم كردستان عمليات تدقيق أمنية تشوبها عيوب كثيرة وتؤدي غالبا إلى احتجاز ومقاضاة الأطفال بغض النظر عما إذا كانت لديهم علاقة بداعش ومدى تورطهم مع التنظيم. على سبيل المثال، قال معتقل (17 عاما)، إنه كان يعمل في مطعم يقدم الطعام لـ"داعش" في الموصل، ويعتقد أن اسمه مُدرَج في قائمة "المطلوبين" لأن التنظيم أخذ هويته ليدفع أجره.

ولفت التقرير إلى أنه كثيرا ما يُبلغ الجيران عن تورّط أفراد مع "داعش" بأدلة ضعيفة أو من دون دليل، أو بسبب خلافات شخصية.

وتُقدّر "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات العراقية وسلطات إقليم كردستان كانت تحتجز في نهاية 2018 حوالي 1.500 طفل بسبب انتمائهم المزعوم إلى داعش. ووفقا للسلطات الحكومية العراقية، أُدين 185 طفلا أجنبيا على الأقل بتهم الإرهاب وحكم عليهم بالسجن.

في نوفمبر/تشرين الثاني، قابلت المنظمة 29 شخصا احتجزتهم حكومة إقليم كردستان كأطفال لارتباطهم المزعوم بداعش، وأقارب 8 أطفال اعتقلتهم السلطات العراقية كمشتبه بانتمائهم إلى "داعش" ومناصري حماية الطفل ومحامين محليين وخبراء قانونيين آخرين. في 2017، زارت المنظمة عدة مراكز احتجاز في الأراضي الخاضعة لبغداد حيث يُحتجز أطفال يشتبه بانتمائهم لداعش.

ومعظم الأطفال الذين اعترفوا بارتباطهم بـ"داعش" أثناء مقابلتهم، قالوا إنهم انضموا بسبب الحاجة الاقتصادية أو بسبب ضغط الأقران أو العائلة، أو للهروب من المشاكل العائلية أو لاكتساب مكانة اجتماعية، وعمل البعض كحراس أو طباخين أو سائقين. 

وأوضح التقرير أنه "غالبا ما تُعذب قوى الأمن الأطفال عند القبض عليهم ليعترفوا"، وقد أبلغ 19 من أصل 29 صبياً وشاباً احتجزتهم حكومة إقليم كردستان عن تعذيبهم بما في ذلك الصدمات الكهربائية والضرب بالأنابيب البلاستيكية أو الكابلات الكهربائية أو القضبان وإجبارهم على أوضاع مجهدة. وقال أحد الأطفال (17 عاما)، إن المحققين قالوا له: "عليك أن تعترف بأنك كنت مع داعش. حتى ولو لم تفعل، فعليك الاعتراف".

قال العديد من الأطفال المعتقلين لدى حكومة إقليم كردستان إنهم أبلغوا قاضٍ بأن اعترافاتهم انتُزعت بالتعذيب، لكن القاضي تجاهلهم. ورغم اشتراط القانون العراقي وقانون إقليم كردستان على السلطات تمكين وصول المتهمين إلى محامين، قال معظم الفتيان إنهم لا يعرفون ما إذا كان لديهم محام، وأن جلسات الاستماع والمحاكمات لم تستمر أكثر من 5 أو 10 دقائق.

في العراق الاتحادي، يُحتجز الأطفال أحيانا مع البالغين في ظروف مكتظة وغير صحية، من دون إمكانية الوصول إلى التعليم أو إعادة التأهيل أو الاتصال بعائلاتهم. أبلغ الأطفال المحتجزون في إصلاحية النساء والأطفال في أربيل عن ظروف أفضل تشمل الطعام الجيد والفصل عن المعتقلين البالغين. إلا أن الأطفال المشتبه في انتمائهم لداعش لا يتلقون أي تعليم ويُتركون في غرفهم لفترات قد تصل إلى 48 ساعة متواصلة ويُحرمون من الاتصال بأسرهم أثناء الحبس الاحتياطي. وأفاد البعض بأن حراس الإصلاحية يضربونهم بسبب ما اعتبروه سوء سلوك.

 


ودعت المنظمة من خلال تقريرها، الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان إلى تعديل قوانين مكافحة الإرهاب لوقف احتجاز ومحاكمة الأطفال لمجرد الانتماء لداعش والاعتراف بأن القانون الدولي يحظر تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة.

كما طالب بالإفراج عن كل الأطفال الذين لم يتركبوا جرائم أخرى وضمان إعادة تأهيلهم وإدماجهم، إضافة إلى معاملة الأطفال الذين ارتكبوا جرائم عنف أخرى وفقا للمعايير الدولية لقضاء الأحداث، ووقف استخدام التعذيب والتحقيق مع المسؤولين عنه ومحاسبتهم.

وقالت بيكر: "معاملة العراق وحكومة إقليم كردستان القاسية للأطفال أقرب للانتقام الأعمى من جرائم داعش منها للعدالة. الأطفال المشاركون في النزاعات المسلحة لديهم الحق في إعادة التأهيل والإدماج، وليس التعذيب والسجن".

(العربي الجديد)