العراق: ارتفاع حاد في الإيجارات في بغداد

30 ديسمبر 2018
تصاعد مشاكل سوق العقارات (أحمد الروبي/ فرانس برس)
+ الخط -
زادت شكاوى الأهالي من الارتفاع الحاد للإيجارات وأسعار العقارات في العاصمة العراقية بغداد، خلال الفترة الأخيرة، وتفاقم مناطق السكن العشوائي، بينما أرجع مسؤولون أزمة السكن إلى الزيادة السكانية وجشع الملاك.
ويقول علي عبدالصمد، وهو سائق أجرة يسكن في شقة من غرفتين، بمنطقة السعدون بالعاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد" إن "أغلب العراقيين لا يملكون سكناً محترماً، أو حتى قطعة أرض، وأنا واحد من هؤلاء الذين لديهم مشكلة سكن متوارثة".

ويكمل عبد الصمد أن "الأزمة تتفاقم يوماً بعد يوم، مع غياب الجهات المسؤولة عن حل مشكلة ارتفاع الإيجارات التي زادت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، ولم يظهر حل واحد للمشكلة التي بلغت أعداد المتضررين منها ملايين الأشخاص".
وأوضح أن "إيجارات الوحدة السكنية تصل إلى مليون دينار شهرياً (800 دولار)، في حين أن متوسط ايجار الوحدة الصغيرة بلغ 500 ألف دينار (380 دولاراً)، وهو مبلغ خيالي أمام رواتب موظفي الدولة"، مشيراً إلى أن معظم دخله يكفي بالكاد إيجار الشقة التي يسكنها.

من جهته، يشير وسام العزاوي، وهو يسكن في بيت صغير يعرف محلياً بـ"المشتمل" في منطقة حي الجهاد ببغداد، إلى أن "الموظف البسيط الذي يعتمد على مصدر دخل واحد، لا يستطيع دفع إيجار منزل أو حتى شقة، إلا في حال كان لديه أكثر من وظيفة، كون الإيجارات مرتفعة جداً، وفي بعض الأحيان يذهب كل الراتب الشهري لغرض دفع الإيجار، ولهذا نجد أغلب الموظفين يعملون بعد انتهاء دوامهم الرسمي، كسائقي تاكسي أو في محال تجارية وغيرها من الأعمال الحرة".

ويقول العزاوي في حديثهِ مع "العربي الجديد"، إن "صاحب البيت الذي أسكن فيه، دفعني إلى التوقيع على عقد إيجار لمدة سنة واحدة، وإيجار مرتفع وسيزيده في السنة الجديدة، وإذا لم أقبل في العام المقبل، فسيطالبني بالخروج من المنزل".
ويضيف أن الحكومة العراقية المركزية والحكومات المحلية في جميع المحافظات ليس لها أي تدخل بقضية الإيجارات وتحديد أسعارها، ولا تكلف نفسها بمتابعة هذا الملف المهم ومراقبة الأسواق وتخفيف أزماتنا المعيشية وسط غلاء يطاول السكن وجميع السلع والخدمات الضرورية".

وحسب البيانات الرسمية، سجل معدل التضخم في العراق ارتفاعاً في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي 0.3%، مقارنة بشهر اغسطس/ آب الذي سبقه. وأكدت وزارة التخطيط في بيان لها، ارتفاع أقسام الأغذية والمشروبات بنسبة 1%، والسكن والصحة بنسبة 0.2%، والاتصالات والتعليم بنسبة 0.1%".
ولم تفلت الأحياء الراقية في بغداد من أزمة السكن إذ يشكو رعد المحاويلي، الذي يسكن في المنصور، أحد الأحياء الراقية، من "مطالبة صاحب البيت بدفع الإيجار سنوياً، بشكل مسبق".

ويقول المحاويلي لـ"العربي الجديد"، إن "صاحب العقار الذي استأجرت منه، يشكو من عدم انتظام المستأجرين في دفع الإيجارات بشكل منتظم شهرياً، لذلك فقد طالبنا الشهر الماضي، بأن نتهيأ خلال العام الجديد، لدفع إيجار كامل يتضمن 12 شهراً، وهو لا يبالي لأحوالنا".
وفي المقابل، يعلّق صاحب عمارة سكنية في منطقة الكرادة وسط بغداد، اشترط عدم ذكر اسمه، على ملف ارتفاع الإيجارات، قائلاً إن "ما لا يعرفه السكان في العمارة التي أملكها وغيرها من العمارات السكنية التي يملكها آخرون، أننا ندفع أموالاً لجهات مسلحة بحجة حماية المنطقة، وهذا الأمر ينعكس على الإيجار الذي نفرضه على المستأجرين، ومع كل عام تطالبنا مجموعات مسلحة مرتبطة بالحكومة العراقية، بزيادة المبالغ".

ومن جانبه، يوضح المسؤول المحلي في مجلس محافظة بغداد وليد الزوبعي، أن "ارتفاع أسعار الإيجارات يعود إلى عدة أسباب على رأسها النمو السكاني الكبير". 
ويشرح الزوبعي لـ"العربي الجديد"، أن "أعداد السكان تتصاعد دون وجود إجراءات مقابلة للتعامل مع احتياجاتهم، ويتزامن هذا الارتفاع مع جشع أصحاب المنازل المؤجرة، حيث يرفعون قيمة الإيجارات استغلالاً لحاجة الناس الملحة إلى السكن، وحكومتنا المركزية لا تهتم بملف بناء مجمعات سكنية من قبل الدولة لتخفيف أزمة السكن وارتفاع الإيجارات".

إلى ذلك، يبيَّن القانوني العراقي علي التميمي، في اتصالٍ هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "القانون العراقي نصَّ على تحديد نسبة مئوية فقط لزيادة الإيجارات دون التدخل في تفاصيل التعاقد، ما يجعل القانون حبراً على ورق، وفيه إجحاف وظلم للمستأجرين، حيث يمنح حرية لأصحاب العقارات السكنية في تحديد الرقم الذي يريدون".
وطالب التميمي بتعديل ومراجعة هذا القانون، كونه صدر في عهد كان نظام الحكم فيه يعتمد على مبدأ الاشتراكية أما اليوم فالعراق رأسمالي بامتياز، والعراقيون اليوم بحاجة لقانون يحمي المستأجر من سلطة أصحاب الأملاك".


المساهمون