العراقيون تحت سيف المجاعة

17 نوفمبر 2014
انتشار الفقر في العراق (أحمد الربيعي/فرانس برس/getty)
+ الخط -
أدت سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) على عدد من المناطق العراقية الشمالية والغربية، إلى موجة نزوح كبيرة طالت نحو مليوني عراقي حتى الآن، نحو المحافظات الجنوبية والوسطى. أما تداعيات الاشتباكات والقتال فقد طالت أكثر من 20 مليون إنسان في كل أنحاء العراق. وقد انعكست الأزمة بطبيعة الحال على مؤشرات الفقر والبطالة المتفاقمة أصلاً بعد العام 2003. كما ارتفعت حدة المشكلات الاجتماعية والمعيشية، وصولاً إلى نشوء مجاعة تحوم فوق آلاف العراقيين، أما السلطات العراقية، فبعيدة عن إيجاد أي حلول للأزمة.

المجاعة تضرب البلاد
يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان مسرور أسود محيي الدين، إنّ "المجاعة في العراق هي وليدة سياسات خاطئة وفساد استشرى في البلد". ويبيّن أنّ "نظام البطاقة التموينية الذي عمل به في فترة التسعينيات، كان نظاماً ناجحاً بشكل كبير، ولم يبق أحد في البلاد إلّا وله حصة تموينية متكاملة تصله كل شهر مجاناً".
ويضيف أنّ "الفساد الإداري والمالي الذي انتشر بعد العام 2003 في البلاد والذي تفاقم في الحصة التموينية وعدم إدارتها بشكل صحيح تسبب بانقطاعها لأشهر عن المواطن وعدم انتظامها، ووصول بعض المواد دون غيرها، فضلاً عن قطع حصة حليب الأطفال، تسبب بانتشار المجاعة في البلاد بعد نشوء الأزمة الأمنية الأخيرة".
ويتابع محيي الدين: "لقد جاءت أزمة النزوح وعدم وجود فرص عمل في البلاد لتفاقم المشكلة، والآن آلاف الأطفال النازحين يعانون المجاعة، ولولا المساعدات من الأهالي لكانت الأزمة قد تطورت أكثر".
ويلفت إلى أنّ "أولياء الأمور عاطلون عن العمل وهم أساساً ليسوا من العوائل الغنية، لذا فإن المجاعة شملت آلاف العوائل وخصوصاً النازحة منها". ويشير الى "عدم وجود إحصائية دقيقة حتى الآن لنسب المجاعة في البلاد".
من جهتها ترى الباحثة الاجتماعية سوسن عبد الرحمن، أنّ "الفساد هو الأساس في انتشار المجاعة في البلاد، لكنّ الفساد له أسبابه وهي تكمن بالسياسات الحكومية الخاطئة والمتسترة على المفسدين".
وتضيف عبد الرحمن خلال حديثها مع "العربي الجديد"، أنّ "البطالة التي تسبب المجاعة، تنتشر حالياً في أغلب المحافظات العراقية، وتقل نسبياً في مراكزها". وتلفت إلى أنّ "العائلات في القرى تقتات على ما تنتجه المواشي، أما في المدن فالعائلات التي لا تجد عملاً ولا مصدر رزق سيقتلها الجوع، حيث يعاني 75% من العراقيين حالياً من سوء التغذية".

الفقر واجراءات الحكومة
من جهة أخرى، أكد وزير العمل العراقي السابق نصار الربيعي منتصف العام الجاري 2014، أن نسبة البطالة في العراق تتجاوز 46% من عدد سكانه، وأن أكثر من 300 ألف شاب يدخلون سوق العمل سنوياً".
ويقول المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأوضاع الأمنية الراهنة التي تشهدها البلاد، عقب سيطرة مسلحي تنظيم داعش على عدد من المدن العراقية والتي تسببت بموجة نزوح كبيرة رفعت من نسبة الفقر في البلاد من 19% الى 30%". ويضيف أنّ "الارقام التي وصلت إليها نسب الفقر ما زالت ضمن نطاق التوقعات، وأنّ الوزارة لم تتمكن حتى الآن من إصدار أرقام رسمية بهذا الشأن".
ويؤكد الهنداوي أنّ "نحو مليوني نازح في البلاد يعيشون حالياً أوضاعاً اقتصاديةً وإنسانيةً صعبةً جداً"، مشيراً الى أنّ "هناك حلولاً سيتم الشروع بتنفيذها قريباً".
من جهته، يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية مسرور أسود محيي الدين لـ"العربي الجديد"، إنّ عدد الفقراء في العراق سجل في العام الماضي 6 ملايين و900 ألف فقير، لكن في هذا العام أصبح بين 9 و10 ملايين عراقي تحت خط الفقر". وينتقد محيي الدين "عجز الحكومة عن وضع استراتيجية لمواجهة الفقر، بل إنّ حلولها ترقيعية فقط".
أما الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان فيشكك بقدرة الحكومة على تدارك التفاقم المستمر لأزمتي الفقر والبطالة، ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "حالة الاستنزاف اليومية لموارد الدولة المخصصة للتنمية في غير مجالاتها، والجيش الجرار من العاطلين من العمل يعقّد من حل الأزمة". ويشير أنطوان الى "ضرورة العمل على تنفيذ الخطط الحكومية الرامية الى التقليل من الفقر والبطالة". ويدعو الحكومة الى "العمل على إيجاد فرص عمل للشباب النازحين، والعمل على تحسين الخدمات الطبية وإنشاء مجمعات سكنية في مدن النازحين الأصلية.
المساهمون