وبعد أكثر من 6 ساعات من التداول بين أعضاء المجلس الوطني، أعلن رئيس المؤتمر، جامع المعتصم، عن اختيار العثماني أمينا عاما جديدا لـ"العدالة والتنمية"، بحصوله على 1006 أصوات من أصل 1943 صوتا، فيما حصل منافسه، الذي يشغل أيضا مهمة رئيس الفريق النيابي للحزب بمجلس النواب، على 912، فيما تم إحصاء 25 صوتا ملغى، قال مراقبون إنها كانت كافية لقلب التصويت لو صوّت أصحابها لمصلحة الأزمي.
وشكل الفارق البسيط بين أصوات كل من الأزمي والعثماني (14 صوتا فقط) تذكرة عبور لرئيس الحكومة لقيادة الحزب، وهو الذي أكد، قبل بدء جلسة الانتخاب السري للمؤتمرين، الذين يبلغ عددهم 1943 فردا، أنه "من غير المنطقي ألا يترأس رئيس الحكومة الحزب الذي ينتمي إليه".
وحسمت نتيجة التصويت مرحلة عسيرة من تاريخ حزب "العدالة والتنمية"، طفت خلالها لأول مرة خلافات حادة بين تيارين اثنين، واحد يناصر ولاية ثالثة لبنكيران، وتيار آخر يقوده الوزراء يؤيد العثماني لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة.
وبهذه النتيجة يكون حزب "العدالة والتنمية" قد طوى رسميا صفحة بنكيران، بعد أن قاده خلال أكثر من 8 سنوات إلى معارك انتخابية حامية، فاز خلالها تقريبا بجميع المحطات الانتخابية، بدء من انتخابات البرلمان في 2011، ومرورا بانتخابات البلديات في 2015، ثم انتهاء بانتخابات أكتوبر 2016، والتي فرزت قيادة الحزب للحكومة لولاية ثانية، لكنها أطاحت بنكيران نفسه لعجزه عن تشكيل الحكومة مدة تجاوزت 5 أشهر كاملة.
وتقلد العثماني الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية سنة 2004، وسلم القيادة بعده إلى بنكيران في عام 2008، بينما شغل هو منصب رئيس المجلس الوطني للحزب، كما عمل وزيرا للخارجية في النسخة الأولى من حكومة بنكيران، قبل أن يتم الاستغناء عنه في التعديل الحكومي الذي أجراه بنكيران عقب خروج حزب الاستقلال من الحكومة.
وعُرف العثماني بكونه شخصية هادئة تميل إلى "الصمت" والمهادنة وقلة الكلام، وهي طباع تقع على النقيض تماما من سلفه بنكيران، الذي اشتهر بعفويته وحبه للحديث أمام وسائل الإعلام، ومشاكساته السياسية التي لا تنتهي.
كما أن الأمين العام الجديد لـ"العدالة والتنمية" فقيه، إذ لديه مؤلفات كثيرة في الفقه والدعوة، وهي انشغالات فكرية ومهنية لم تأخذه من مهنته الأصلية كطبيب نفسي.
وكان التنافس على خلافة بنكيران قد انحصر بين العثماني والأزمي، عقب انسحاب ستة مرشحين من قيادات الحزب، هم عمدة مدينة الدار البيضاء، عبد العزيز العماري، ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، والقيادي في الحزب وعضو الأمانة العامة السابق، عبد العزيز أفتاتي، ووزير التجهيز والنقل، عبد العزيز الرباح، وعمدة مدينة سلا، جامع المعتصم، ونائب الأمين العام للحزب، سليمان العمراني.
وتوقع مراقبون حضروا المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية، في وقت سابق، فوز العثماني، مؤكدين أن "المنطق الحزبي والسياسي" يذهب إلى انتخابه أمينا عاما للحزب، مادام الحزب يقود الحكومة، مثلما كان الحال عليه في ولاية بنكيران، الذي كان زعيما للحزب وفي الوقت نفسه رئيسا للحكومة.
وقال مناصرون للعثماني إن انتخابه سينتج عنه "نوع من الانسجام بين القيادة السياسية للحزب والمسؤوليات الحكومية، على مستوى التوجهات واتخاذ القرارات"، فيما كان يمكن أن يتسبب انتخاب الأزمي، المقرب من بنكيران، في "هيمنة" تياره داخل الحزب مقابل تيار ما يسمى بـ"تيار الاستوزار".
وفي السياق ذاته، يرتقب أن يتم الإعلان، في وقت لاحق اليوم، عن نتائج انتخاب أعضاء المجلس الوطني، الذي يعد بمثابة "برلمان الحزب"، وهو المجلس الذي يتشكل من 160 عضوا، منهم 40 امرأة و53 شابا وشابة.