ركز كثير من الاختبارات على سمات وقدرات الطيور. ومنها الفري (السمان) والدواجن والحمام في الأسر. وعلى الرغم من قلة الدراسات الميدانية على الطيور البرية الطليقة، فقد ثبت أنّ الغربان والببغاوات تعيش بصورة اجتماعية وتمتلك مقدمة دماغية كبيرة نسبياً، الأمر الذي قد يمكّنها من امتلاك قدرات إدراكية أكبر من تلك الموجودة لدى غيرها من الطيور.
ولأنّ القدرة على العدّ تعتبر مقياساً للذكاء، فقد أجريت العديد من الاختبارات على أنواع مختلفة، وتبيّن في النهاية أنّ الببغاوات هي الأفضل لأنها تستطيع العد حتى الرقم ستة. بينما تعد الغربان حتى الثلاثة. لكنّ غراب البحر الذي يستخدمه صيادو الأسماك في الصين يستطيع إدراك العدد سبعة. فهو يغطس مربوطاً بخيط برجله كي لا يهرب، وعلى عنقه سوار(ربطة) يمنعه من ابتلاع السمك كي لا يشبع، فيمتنع عن الصيد لصاحبه. ولأنّ عادة الصينيين هي أن يعطوا غراب البحر سمكة بعد كل سبع غطسات كترضية له، فإنّ هذا الغراب يتوقف عن طاعة أوامر الصياد ويرفض الأوامر والترهيب والتخويف بعد الغطسة السابعة طالباً فك السوار عن عنقه كي يصطاد لنفسه سمكة، بينما رفاقه الذين لم يبلغوا الغطسة السابعة فإنهم يستمرون بعملهم.
أما عن الاختبارات المتعلقة بالزمن، فقد تبيّن أنّ طائر أبو زريق هو الغراب الوحيد الملون في الشرق الأوسط الذي يحسب حساب المستقبل. فهو يخبئ البلوط وما شابه من ثمار تحت التراب تحسباً للأيام المقبلة متخوفاً من عدم الحصول على طعام في الشتاء. لكنّ فعلته هذه تساهم بنمو الغابات لأنه ينسى أين كان قد خبأ تلك الثمار.
وفي اختبار المرآة تفوز الغربان أيضاً هذه المرة. فالعقعق، وهو طائر أبيض وأسود وطويل الذنب، هو الوحيد الذي يتمكن من إدراك المرآة. فلما وضع أمام المرآة وقد ألصقت تحت منقاره الأسفل لصقة ملونة صغيرة لا يستطيع رؤيتها، سرعان ما حاول إزالة هذه اللصقة عن منقاره بعدما رأى صورتها في المرآة. وهذا ما لم تدركه الطيور الأخرى.
أما في ما يتعلق باستعمال بعض أنواع الطيور لأدوات تمكنها من الحصول على طعامها، كالشوحة أو الرخمة المصرية التي تتناول الحجر بمنقارها وتضرب به على بيض النعام لتكسره وتتغذى على محتواه، فإنّ بعض الطيور تستعمل العيدان لنكش الديدان واليرقات من ثقوب جذوع الأشجار. ولعلّ أهمها غربان أميركا واليابان فيعرف عنها أنها تضع الجوز أمام عجلات السيارات أثناء وقوف هذه الأخيرة عند الإشارة الضوئية الحمراء وتعود إلى مكان قريب لتنتظر الإشارة الخضراء ومرور العجلات على الجوز وكسره، ولكنها لا تهرع لتناوله إلا بعد أن تصبح الإشارة حمراء.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)
اقرأ أيضاً: الطيور... كيف ومتى ولماذا تنام؟