بدأت الدعاوى القضائية تنهال على محاكم القضاء الإداري على مستوى مصر، مطالبة ببطلان نتائج الجولة الأولى من المرحلة الأولى، التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات مساء أمس الأول، وذلك بسبب ما تضمنته من نتائج مغايرة لما تم إعلانه داخل مقار اللجان الفرعية والعامة، وبسبب المخالفات العديدة التي شهدتها الانتخابات، بدءاً باستبعاد قوائم أو مرشحين، وانتهاءً بالسماح بدخول المال لعبة الانتخابات عبر الرشى والحشد بالسيارات، وارتكاب مخالفات لضوابط الدعاية خلال عملية التصويت.
ولم تشدد اللجنة العليا الرقابة على هذه المخالفات في ظل عاملين مهمين اتسمت بهما الانتخابات، الأول هو غضب القضاة من سوء توزيعهم على اللجان وإقامتهم في أماكن سيئة وبعيدة عن مقار اللجان، وغياب المئات منهم، وضم العديد من اللجان الفرعية إلى مجاوراتها، فتكاسل القضاة عن إثبات المخالفات والإبلاغ عنها. أما العامل الثاني فهو ضعف إقبال الناخبين، وحتى ترتفع النسبة قليلاً غضت اللجنة وقضاتها، وحتى القضاة المشرفون على اللجان الفرعية، الطرف عن صور فجة من الحشد بالسيارات والحافلات وإجبار الموظفين على التصويت ودفع الرشى الانتخابية أمام اللجان، بالإضافة إلى السماح بتسيير الدعاية في وضح النهار، على الرغم من منعها بقانون مباشرة الحقوق السياسية وقرارات اللجنة.
وعلى الرغم من كل هذه المخالفات، التي تثير بعضها دعاوى قضائية رفعت بشأن معظم الدوائر، وبصفة خاصة على دوائر محافظة الجيزة، مثل البدرشين وأوسيم وإمبابة والهرم وقسم الجيزة، إلا أن هذه الدعاوى، في حال قبولها وصدور أحكام فيها ببطلان الانتخابات في تلك الدوائر، لن تؤثر على العملية الانتخابية برمتها، بل سيقتصر أثرها على إعادة الانتخابات من بدايتها في تلك الدوائر فقط، وذلك بعد تشكيل مجلس النواب فعلياً وانعقاده.
وأثارت بعض الدعاوى مشاكل أخرى تشبه مشكلة دائرة الدقي والعجوزة، التي فاز فيها الصحافي، عبدالرحيم علي، وهي إعلان أرقام للمرشحين تكون في مجموعها أكبر أو أقل من عدد الأصوات الإجمالي للدائرة، مما يطرح شكوكاً حول سلامة الانتخابات والشائعات التي ترددت عن اتّباع الدولة وسائل غير مشروعة لزيادة نسبة المشاركة على الورق.
غير أن ثمة دعويين تشكلان خطراً حقيقياً على الاستحقاق الانتخابي برمته، والطريف أنهما مقامتان من تيارين مقرّبين لنظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وجاءتا على خلفية استئثار قائمة "في حب مصر" بكل مقاعد القوائم في قطاع الصعيد وغرب الدلتا والبالغ عددها 60 مقعداً.
اقرأ أيضاً: ارتدادات زلزال "المقاطعة" المصري: بدء مسلسل الانسحابات
الدعوى الأولى مقامة من أحمد الفضالي، الممثل القانوني لقائمة تحالف "تيار الاستقلال"، الذي يترأسه، والجبهة المصرية بدعم من المرشح الرئاسي الأسبق، أحمد شفيق، وهي القائمة التي كانت اللجنة العليا قد استبعدتها، ثم صدر حكم قضائي بإدراجها باسم "قائمة مصر" في الانتخابات على مستوى قطاع الصعيد، ونفذت اللجنة العليا الحكم قبل الاقتراع بنحو 9 أيام.
ذكر الفضالي أن قائمته تم تغيير اسمها من "مصر" إلى "قائمة الجبهة المصرية وتيار الاستقلال"، وهو الأمر الذي أفقده آلاف الأصوات، نظراً لعدم اعتياد المواطنين على الاسم الانتخابي الجديد للقائمة، مؤكداً أنه لم يبلغ به ولم يطلبه. وكان الفضالي يرغب في أن تُكتب قائمته بالاسم الأول "مصر"، حتى يسهل اختيارها ويستأثر أيضاً بأصوات المواطنين غير العالمين بالفوارق بين القوائم المختلفة، نظراً لاشتراك معظمها في كلمة "مصر" مثل "في حب مصر، فرسان مصر، نداء مصر". كما طالب الفضالي بمنح قائمته فترة مناسبة للدعاية الانتخابية، نظراً لما تعرّض له من ظلم لإتاحة وقت دعاية أطول للقوائم المنافسة، التي لم ترفضها اللجنة العليا ولم تلجأ للقضاء ليتم إدراجها.
أما الدعوى الثانية فأقامها تيار "الصحوة الوطنية"، الذي تديره القاضية السابقة، تهاني الجبالي، والذي يؤكد أنه تعرض لظلم من اللجنة العليا بسبب عدم استجابتها لطلب رسمي قدّمته القائمة لتعديل أسماء أعضاء القائمة لقطاع الصعيد، خلال الموعد القانوني لذلك. وعلى الرغم من ذلك طبعت اللجنة العليا الجداول المعلقة خارج اللجان الفرعية، والتي تضم أسماء كل أعضاء القوائم، من دون التعديلات التي أدخلتها هذه القائمة.
هاتان الدعويان تهددان، في حال قبولهما من محكمة القضاء الإداري، انتخابات القوائم في قطاع الجيزة والصعيد بالإعادة، ونظراً لكبر عدد المرشحين الذين نجحوا في هذا القطاع والبالغ 45 نائباً، فإن اللجنة العليا ستكون في مأزق حقيقي، إما بإعادة الانتخابات في هذا القطاع قبل تشكيل باقي البرلمان، أي بالتزامن مع انتخابات المرحلة الثانية، أو بتشكيل البرلمان ثم إجراء هذه الانتخابات بصورة تكميلية، وهو ما سيكلف الدولة مزيداً من الأموال بعد انتهاء العملية الانتخابية فعلياً، وسيجعل صورة البرلمان غير سائغة، بانعقاده دون 45 نائباً.
اقرأ أيضاً: النتائج الرسمية: 26% نسبة المشاركة في انتخابات مصر