أطلقوا عليه الرصاص فأصابوه، ولفقوا له تهمة فاعتقلوه، وتركوه عرضه للألم داخل محبسه من دون أن يعالجوه. هذا هو اليوم حال الطبيب المصري الشاب صلاح جلال، الذي يبلغ من العمر 34 عاماً، ويعاني من إهمال طبي متعمد يهدده بالموت داخل محبسه بسجن ليمان طره، جنوبي القاهرة، على خلفية إصابته بطلق ناري في الظهر برصاص الشرطة، قبيل اعتقاله في عام 2015 بتهمة الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين.
ودشن ناشطون مصريون وسم #أنقذوا_صلاح_جلال، لمطالبة السلطات بالإفراج الصحي عن جلال، لما يعانيه من مضاعفات صحية خطيرة نتيجة حرمانه من تلقي العلاج، ورفض إدارة السجن كافة الطلبات المقدمة منه بتوفير الرعاية الصحية اللازمة، أو الاستجابة لمطالبه بإجراء عملية جراحية على نفقته الشخصية، ما يعرض حياته لخطر الموت من جراء الإهمال الطبي، ليلحق بالمئات من المعتقلين الذين لاقوا حتفهم داخل السجون المصرية خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأصيب جلال بطلقتين في اليد والظهر، خلال أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، ولم يستطع استكمال العلاج بسبب مطاردته من قبل أجهزة الأمن، حتى قبض عليه هو وزوجته داخل القطار أثناء توجهه لزيارة والدته، وتعرض للضرب المبرح آنذاك أمام زوجته، قبل ترحيله إلى مقر جهاز الأمن الوطني السابق بمنطقة "لاظوغلي" بوسط القاهرة لاستكمال "حفل التعذيب".
وبحسب التقارير الصادرة عن إدارة الخدمات الطبية بمصلحة السجون المصرية، فإن جلال يعاني من إصابة مباشرة في الظهر أدت إلى كسر في الفقرة القطنية الخامسة، وكسر وانحلال الفقرتين القطنيتين الرابعة والخامسة، وزيادة معدل تكون العظام في منطقة الكسر، مبينة أنه يشكو من ألم شديد في العصب الوركي (عرق النسا) في الرجل اليمنى واليسرى، وعدم القدرة على تحريك الرجل اليسرى، وتدهور حالته للأسوأ.
ويعاني جلال كذلك من وجود مياه على المخ، وخلل في الأنزيمات، ما يؤدي لإصابته بفقدان الوعي بشكل شبه يومي. وسبق أن دخل في إضراب كلي عن الطعام لأكثر من 45 يوماً في نهاية عام 2018، اعتراضاً منه على الإهمال الطبي المستمر في حقه على مدى 4 سنوات كاملة، وهو ما أسفر عن دخوله في غيبوبة تامة، وإيداعه غرفة العناية المركزة في المستشفى التابع للسجن.
ووثقت صفحة "الحرية للدكتور صلاح جلال" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تورط مدير مستشفى سجن ليمان طره، محمد عبد المنعم، والضابط الطبيب أحمد فؤاد، في حقن المحاليل المسكنة لآلام جلال بمادة "الكورتيزون"، والتي تشكل خطورة على حياته، فضلاً عن اعتداء ضابط السجن محمد خضر عليه بالضرب بشكل مستمر، وإصابته إصابات بالغة، على الرغم من تدهور حالته الصحية.
وأفادت الصفحة بأن جلال يتحرك الآن على "نقالة"، لأنه لم يعد يستطيع المشي أو الجلوس أخيراً، بعد أن كان يشهد له الجميع بالسيرة الطيبة، وخدمته لبلده، قبل اعتقاله تعسفياً في مطلع عام 2015، إذ كان يستقبل الفقراء في عيادته من كل صوب، من دون أن يتقاضى أية رسوم مقابل الكشف عليهم، مؤكدة أنه كان يحلم بوطن أفضل، ودفع مقابل حلمه السجن من دون أي دليل أو تهم واضحة.