شهدت معظم نقاط التماس بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلة، عصر ومساء اليوم الجمعة، مواجهات عنيفة بعد خروج الشارع الفلسطيني غضباً لحرق المستوطنين للرضيع علي دوابشة.
واندلعت المواجهات، بحسب ما أفادت مصادر محلية متفرقة لـ"العربي الجديد"، شمالي المدينة أطلق خلالها جنود الاحتلال الرصاص الحي والمعدني المغلّف بالمطاط، إضافة إلى قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع مخلّفاً عشرات الإصابات بحالات الاختناق عولجت جميعها ميدانياً.
وشهدت العديد من البلدات العربية في الداخل الفلسطيني وقفات احتجاجية غاضبة، ظهر ومساء اليوم الجمعة، دعت إليها اللجان الشعبية والفروع المحلية للأحزاب الوطنية، إثر العملية الإرهابية التي نفذها المستوطنون الإسرائيليون.
وأعادت هذه الجريمة إلى الاذهان العملية الإرهابية التي أدت إلى استشهاد الفتى محمد أبو خضير، قبل نحو عام، بعد تعذيبه وحرقه على يد مستوطنين إسرائيليين أيضاً.
وكانت بعض البلدات قد دعت في وقت سابق، لتنظيم تظاهرات احتجاجية، اليوم، نصرة للمسجد الأقصى المبارك وللنبي محمد، عليه الصلاة والسلام، واتخذت بعداً إضافياً بعد حادثة إحراق الرضيع، فاستنكر المتظاهرون الجريمة وطالبوا بمعاقبة المجرمين.
وفي مدينة الطيبة بالمثلث، أقدم ملثمون على إحراق إطارات في الشارع الرئيسي المحاذي للبلدة، تنديداً بجريمة إحراق الطفل، ما استدعى تدخل طواقم الإطفاء.
وفي مدينة بيت لحم، اندلعت المواجهات في بلدة الخضر، جنوبي المدينة، احترقت خلالها عشرات الدونمات من الأراضي نتيجة تعرضها لقنابل الغاز المسيل للدموع، في الوقت الذي أصيب فيه العشرات من الشبان خلال المواجهات التي اندلعت عند مدخل مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين، شمالي المدينة، تمكن خلالها الشبان من إحراق برج المراقبة المقام على النقطة العسكرية هناك بعد استهدافه بالزجاجات الحارقة، بينما اندلعت مواجهات مماثلة في بلدة تقوع، شرقي المدينة.
في غضون ذلك، أصيب شاب بالرصاص المغلّف بالمطاط خلال المواجهات العنيفة التي اندلعت عند مدخل مخيم الجلزون، شمالي مدينة رام الله، في الوقت الذي شهد فيه مدخل بلدة سلواد، شرقي المدينة، مواجهات مماثلة، إضافة إلى مواجهات أخرى مع الشبان في محيط سجن عوفر العسكري المقام غربي المدينة، وحاجز عطارة شمالاً.
كما اندلعت مواجهات عنيفة مع الشبان عند حاجز حوارة العسكري المقام جنوبي مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، في الوقت الذي تمكن فيه الشبان من إلقاء الحجارة باتجاه سيارات المستوطنين بالقرب من قرية دير استيا، غربي مدينة سلفيت، بينما تعرضت حافلة للمستوطنين للرشق بالحجارة بالقرب من ما يسمى بخط (90) الاستيطاني في مدينة أريحا، شرقي الضفة المحتلة.
إلى ذلك، شهدت عدة قرى وبلدات في القدس المحتلة مواجهات غاضبة بين الشبان المقدسيين وقوات الاحتلال، لا سيما في بلدة العيساوية والتي شهدت مواجهات عنيفة أصيب خلالها عشرات الشبان بالرصاص المعدني وحالات الاختناق، وأيضاً في حي الطور، وحي الصوانة، وسط المدينة، بينما اندلعت مواجهات عند حاجز مخيم شعفاط، شمالي المدينة، وبلدة عناتا، ومحيط حاجز قلنديا. كذلك اندلعت مواجهات أخرى عند الجدار العازل في بلدة أبوديس، جنوب شرقي المدينة.
وقام الشبان المقدسيون بإلقاء زجاجات حارقة على منزل للمستوطنين في بلدة بيت حنينا، شمالي المدينة، وإحراق الحشائش المقابلة له قبل أن يتمكنوا من الفرار.
كما شهدت نقاط تماس متفرقة في الضفة الغربية والقدس المحتلة مناوشات خفيفة رشق خلالها الشبان الفلسطينيون جنود الاحتلال بالحجارة، بعد استهدافهم بقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع وذلك بعد خروجهم تلبية للدعوات الغاضبة في الشارع الفلسطيني للانتفاضة انتقاماً لدماء الشهيد الطفل الرضيع علي دوابشة (عام ونصف العام) الذي أحرقته جماعة يهودية متطرفة، فجر اليوم الجمعة، في منزله بقرية دوما، جنوبي مدينة نابلس، وأصابت والديه وشقيقه بجروح بالغة الخطورة.
الناشط ذياب عكري، عضو اللجنة الشعبية في قرية كابول الجليلية، شارك في التظاهرة الاحتجاجية في قريته، وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "التظاهرة اليوم رد فعل على أكثر من جريمة، من بينها جريمة إحراق الطفل البشعة اليوم، والممارسات الفاشية التي يتعرّض لها شعبنا والانتهاكات اليومية التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك ومختلف مقدساتنا. رأينا أنه من واجبنا رفع صوتنا ضد سياسات الحكومة الإسرائيلية، التي توفر للمستوطنين مظلة لتنفيذ جرائمهم".
من جهته، قال عضو اللجنة الشعبية في قرية مجد الكروم، عز الدين بدران، في حديث لـ"العربي الجديد": "يجب أن لا نصمت على هذه الجرائم الناجمة عن ممارسات الاحتلال، فماذا نتوقع من الاحتلال سوى حرق الأطفال وقتل الأبرياء ومصادرة الأراضي والأملاك والتدمير؟ إن ما عاناه اليهود عبر التاريخ، يطبّقه الإسرائيليون اليوم على أبناء شعبنا. طالما بقي الاحتلال سيبقى حرق الأطفال مستمراً".
أما رؤوف حمود، عضو اللجنة الشعبية، فأوضح لـ"العربي الجديد"، أن الدعوة للتظاهرة في مجد الكروم، كانت قبل وقوع جريمة إحراق الطفل، نصرة للمسجد الأقصى المبارك، "في ظل الانتهاكات المتواصلة التي يتعرض لها من قبل المستوطنين والاحتلال، ولكن بعد الجريمة البشعة كان علينا أن نوجّه اهتمامنا لهذه القضية أيضاً، وهذا أضعف الإيمان وأقل الواجب".
وأضاف حمود: "هذه الجريمة امتداد لجرائم اليمين والمستوطنين، ونعتقد أن حكومة إسرائيل العنصرية والمدعومة من اليمين المتطرف الفاشي وخطاب نتنياهو التحريضي، هي أمور تغذي جرائم المستوطنين، وتشكّل أرضية خصبة لها. إنها جرائم مستمرة ولا رادع من قبل الحكومة الإسرائيلية أو القضاء الإسرائيلي. إنها تعيد للأذهان أيضاً جريمة استشهاد الفتى محمد أبو خضير. لو كان الأمر معاكساً وكان الفاعلون فلسطينيين، لرأينا عقاباً جماعياً، ولكانت الضفة الغربية ستغلق وستشهد مئات المعتقلين".
وأصدر رئيس حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، واصل طه، بياناً حمّل فيه "نتنياهو وحكومته المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة النكراء التي ارتكبت في بلدة دوما"، مؤكداً أن "استمرار الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي يعني المزيد من جرائم الحرب في القدس والأقصى ومدننا وقرانا في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وأكد التجمع أن "الرضيع علي سيبقى شاهداً هو ومحمد أبو خضير على وحشية الاحتلال الإسرائيلي، ووقوداً لمسيرة الحرية والاستقلال. وروح الرضيع الشهيد علي الدوابشة ستبقى تلاحق الغزاة المحتلين حتى تُطهَّر وتُحرَّر الأرض الفلسطينية المحتلة والقدس والأقصى من الاحتلال".
اقرأ أيضاً: إصابة عشرات الفلسطينيين بمسيرات الجدار والتنديد بحرق الرضيع دوابشة