الصين... نموذج بروباغندا رديئة

03 ابريل 2020
تتبنى الصين شعبوية انتهازية (Getty)
+ الخط -

ألا يفترض بانتشار وباء كورونا المستجد في الولايات المتحدة، أن ينسف نظرية المؤامرة التي أطلقتها الصين؟ في الواقع، يبدو الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، أكثر ميلاً نحو تبنّي شعبوية انتهازية، مع تشاؤم بعض الشعوب في زمن الحجر والعزلة، ورؤية نعوشٍ بلا مودّعين.

ويبدو حُكّام بكين، في سوريالية ما فوق السياسة والإعلام، لاهثين خلف انتهازيةٍ أوسع، تلميعاً للصورة، ليس في الخارج فحسب، بل إلى حدٍّ كبير في الداخل. وعليه، وعلى الرغم من "المساعدات" الصينية لإيطاليا، والمشكوك بجدواها الطبية في أكثر من دولة، إلا أن صحافة الصين، الخاضعة للنظام، لم تتردد بتوجيه الاتهام لروما المنكوبة كمصدرٍ للوباء. فصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" ذهبت في 24 مارس/آذار الماضي، إلى تحوير كلام مدير معهد ماريو نيرغي للأبحاث الصيدلانية، البروفيسور الإيطالي جيوسيبي ريموزي، لاعتبار إقليم لومبارديا (شمال إيطاليا) مصدر الوباء. بالطبع، خرج الرجل لاحقاً ليكذب التحريف، مؤكداً أن مصدر الوباء "بلا أدنى شك هو الصين"، وهو يقصد أنه منتشر في الصين منذ أشهر قبل الإعلان الرسمي عنه.

لكن هذا الإصرار الرسمي الصيني على رمي الكرة نحو الآخرين لا يتعلق بمسائل أخلاقية، ولا بالحقيقة التي يدفع البشر حيواتهم ثمناً لتغييبها، أو تأجيلها. فتجربة بكين مع "الحقيقة" دفع ثمنها طبيب صيني، حذّر مبكراً من تفشي الفيروس في منطقة ووهان، كما أخفي قسرياً صحافيون ورجال أعمال، كالعادة.

وسياسة "الكرم" و"الانتصار" الساحق، كعادة الأنظمة الشمولية، تستهدف كسب نقاط في الخارج، فيما العين الواسعة على الداخل الصيني. فقد استغل الحزب الحاكم كثيراً مسألة "الكرامة الوطنية"، حدّ انتقاد أوروبا أخيراً لقبولها مساعدات تايوان، وحتى أصبح المشهد، الذي رصده مراسلون وأجانب مقيمون في البلد، ينحو إلى شعبوية وعنصرية، تتجاوز ما تعرض له الآسيويون بداية انتشار الفيروس، إن في أوروبا أو في أميركا. بل يُتهم بالعنصرية، والتعدي على كرامة وثقافة البلد، كل من ينتقد الإبقاء على أسواق الحيوانات الحيّة للأكل، ومنها منظمة "حقوق الحيوان"، التي تظاهر أنصارها أخيراً في جنيف.

ثمّة أيضاً مخاطر سياسية جمّة، يحذر منها كتّاب وساسة غربيون وسط الهلع. كأن يجري تبنّي النموذج الصيني في "السيطرة" والحكم، ليس فقط في السياسات العالمثالثية، بل حتى لدى معسكر اليمين المتطرف غربياً.

وليس سرّاً أن قوانين طوارئ، وتخيل ديمومة سياسة تسيير الشعوب كالقطيع، تثير إعجاب بعض الأنظمة العربية الديكتاتورية. فتُنكر بداية انتشار الوباء، لكنها سريعاً تود تقليد "انتصار الصين على الفيروس"، إمعاناً في مزيد من تكميم الأفواه، والحجر على العقول قبل الأجساد، وتشجيع نشر التخلّف والجهل.

دلالات