خطف ريناتو سانشيز الأضواء من جميع النجوم في منتخب البرتغال، ليؤكد للمباراة الثانية على التوالي أنه القطعة الأهم في تكتيك المدرب، فرناندو سانتوس، بعد أداء رائع أمام كرواتيا ثم بولندا، في الطريق نحو نصف نهائي يورو 2016.
ورغم وجود عدد كبير من الأسماء العملاقة كرونالدو، ناني، موتينهو، وحتى كواريزما، فإن سانشيز هو اللاعب الأكثر تأثيراً على نتائج برازيل أوروبا، نظرا لما يقدمه من مردود إيجابي في الدفاع والهجوم معا.
أيام بنفيكا
صنع ريناتو شهرته مع الفريق الأول لبنفيكا خلال الموسم الماضي، ليخطفه سريعا بايرن ميونخ قبل مان يونايتد وبقية الأباطرة الكبار. ويعتبر ريناتو سانشيز اللاعب الأميز في الدوري البرتغالي مؤخرا، مع تقديمه مستوى رائعا هذا الموسم، رغم أنه من مواليد 1997، لكنه يملك نضجا حقيقيا وشخصية قوية تؤهله للتعامل مع كافة المواقف المعقدة في عالم المستديرة.
سانشيز هو الارتكاز المتكامل، يدافع ويهاجم في آن واحد، سريع دون الكرة، ويجيد الاحتفاظ بها تحت ضغط، مع تميّزه في القيام بالواجبات الدفاعية، كالعرقلة، الافتكاك، والقطع، بالإضافة إلى تسديداته الصاروخية من أماكن بعيدة باتجاه المرمى، لذلك يستخدمه المدرب روي فيتوريا في أكثر من خانة بالوسط، كلاعب ارتكاز دفاعي، وكوسط مساند، وأحيانا كساعد هجومي في الثلث الأخير.
هكذا كان تعليقنا الخاص على اللاعب بعد مباراة بنفيكا وبايرن في عصبة الأبطال، فريناتو مع بنفيكا لاعب وسط مساند، يصعد كثيرا لأداء الشق الهجومي، ويعود لمساندة زميله لوبومير فيسا في خانة الارتكاز الدفاعي، ومع لعب فريقه السابق بثنائي متقدم في الأمام، فإن الشاب اليافع يحصل على دور محوري في المركز 10 بالملعب، كصانع لعب حقيقي في الثلث الأخير، يحصل على الكرات ويسدد بقوة مع اختراقات عمودية تجاه منطقة الجزاء.
سلاح البرتغال
يلعب المدرب، فرناندو سانتوس، بخطة قريبة من 4-4-2 شكل الجوهرة، ومع عدم وجود مهاجم صريح في تشكيلته، يتحول الفريق البرتغالي إلى استخدام الثنائي ناني ورونالدو في خانة الهجوم، واللعب برباعي صريح في المنتصف على شكل "الدياموند"، بوضع ويليام كارفاليو في مركز الارتكاز الدفاعي، أمامه سيلفا ثم موتينهو، مع التمركز على طرفي الوسط بكلٍّ من جواو ماريو وريناتو سانشيز.
دياموند خطة مميزة لأنك تلعب بمحورين، واحد في الخلف والآخر في الأمام، لذلك فأنت تلعب بشكل طولي وبالتالي 4-4-2، تخلق مشاكل كثيرة للخصم، لكن دفاعيا هناك مخاطرة قوية بسبب وجود مساحات كبيرة في دائرة المنتصف على الأطراف، وهذا ما حدث في الشوط الأول من المباراة، بسبب قوة بولندا في ما يخص تحرك الأجنحة.
لجأ سانتوس إلى حلول سريعة وساعده في ذلك ريناتو سانشيز بالأخص، لأنه لاعب وسط صريح من الأساس، لذلك دخل بعض الشيء إلى العمق، مع عودة ناني إلى الطرف قليلا مكانه، ليملأ الفراغات الشاغرة ولمساندة كارفاليو دون الكرة، مما يدل على تضاعف قيمة الصغير، في كونه لاعباً هجومياً ذا ميول دفاعية، تساعد كثيرا فريقه الذي يلجأ إلى العودة إلى الخلف، ومحاولة اللعب على المرتدات فقط.
المهارة أساس
مهما تطورت الخطط وتعقدت الأمور التكتيكية، تبقى المهارة عنصراً رئيسيّاً في أية مباراة، ويمتاز ريناتو بقدرته على المراوغة والنجاح في مهارة 1 ضد 1، وبالتالي يلعب في أكثر من مركز دون إرهاق، فاللاعب يستطيع الانطلاق من العمق، كذلك حصل على وظيفة الجناح في اليورو، من خلال قيامه بدور أندريا جوميش على يسار الارتكاز، ثم تحوله إلى مركز الجناح الداخلي الأيمن أمام بولندا، ليحصل على الكرة ويقطع في العمق خلال تسديدة هدف التعادل.
قام ريناتو بعمل 10 مراوغات صحيحة في البطولة حتى الآن، مع تميزه بشدة في الاستحواذ والسيطرة على الكرة، فاللاعب يعتبر أهم محطة في البرتغال خلال الهجوم، لأنه يستطيع الحفاظ على الهجمة بسهولة، من خلال دقة تمرير قوية وتحكم مذهل في المساحات الضيقة، إنه 3 في 1، لاعب ارتكاز مساند، وصانع لعب هجومي، وجناح عند الحاجة في توليفة الفريق المرشح للفوز بالبطولة.
دخل نجم بايرن تاريخ أوروبا بعد تسجيله هدفاً في مرمى بولندا، ويستطيع المواصلة في نفس الطريق خلال المباريات المقبلة، خصوصا أن طريق فريقه نحو اللقب ليس صعبا، فالبرتغال واجهت كرواتيا وبولندا، ويتبقى لها فريق ثالث بعيد عن ألمانيا وإيطاليا وفرنسا نحو النهائي، ليصبح كل شيء وارداً في قادم المواعيد.