أكدت منظمة الصحة العالمية وجود أكثر من ألف نوع من مبيدات الآفات يتم استخدامها في جميع أنحاء العالم لضمان عدم تضرر الغذاء أو تلفه بسبب الآفات. ولكل مبيد من هذه المبيدات خصائص مختلفة وآثار سمية متباينة.
وأوضحت المنظمة أن مبيدات الآفات يمكنها الوقاية من الخسائر الكبرى في المحاصيل، ومن ثم سيستمر قيامها بدور مهم في الزراعة. بيد أن التأثيرات الناجمة عن التعرض لمبيدات الآفات على الإنسان والبيئة تمثل هاجساً مستمراً.
وذكرت في تقرير لها، صدر الجمعة، استمرار وجود بعض مبيدات الآفات القديمة زهيدة الثمن لسنوات في التربة والمياه. لافتة إلى أنه قد تم حظر هذه المواد الكيميائية من الاستخدام الزراعي في البلدان المتقدمة، ولكن لا يزال يتم استخدامها في كثير من البلدان النامية.
وقالت إن "مبيدات الآفات تلعب دوراً بارزاً في إنتاج الغذاء؛ فهي تحمي ناتج المحاصيل أو تزيده وتزيد من عدد المرات زراعة المحصول الواحد".
ولا تُعتبر أي من مبيدات الآفات المصرح باستخدامها مع الغذاء في التجارة الدولية في الوقت الراهن سامة للجينات (أي تلحق الضرر بالحمض النووي "دنا"، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث طفرات او الإصابة بالسرطان). ولا تحدث الآثار الضارة المترتبة على مبيدات الآفات هذه إلا فوق مستوى مأمون معين من التعرض.
ومن الممكن، بحسب المنظمة، أن يستمر وجود العديد من مبيدات الآفات القديمة زهيدة الثمن (غير الحائزة على براءة اختراع) لسنوات في التربة والمياه، مثل ثنائي كلورو ثنائي فينيل ثلاثي كلورو الإيثان (دي دي تي) والليندين. وقد حظرت هذه المواد الكيميائية البلدان التي وقعت على اتفاقية استوكهولم لعام 2001؛ وهي معاهدة دولية تستهدف إنهاء أو تقييد إنتاج واستخدام الملوثات العضوية الثابتة.
إلا أن المنظمة لفتت إلى كون مبيدات الآفات سامة بطبيعتها وتنتشر رويداً رويدا في البيئة، ولهذا فإن إنتاجها وتوزيعها واستخدامها يقتضي صرامة التنظيم والمراقبة.
وأظهرت بيانات المنظمة أنها من ضمن الأسباب الرئيسية للوفاة بسبب التسمم الذاتي، ولاسيما في البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل. وقالت "قد يكون لمبيدات الآفات أثر سمي على الإنسان، ومن الممكن أن تؤدي إلى تأثيرات صحية حادة ومزمنة على حد سواء، حسب حجم وكيفية تعرض الأشخاص لها".
وتتمثل الفئات السكانية الأشد عرضة للخطر في الأشخاص الذين يتعرضون لمبيدات الآفات بشكل مباشر. وتشمل هذه الفئة العمال الزراعيين الذين يستخدمون مبيدات الآفات، وغيرهم من الأشخاص الموجودين في نفس المكان أثناء رش المبيدات وبعد رشها مباشرةً.
ويتعرض السكان بوجه عام، من غير الموجودين في نفس المكان عند استخدام مبيدات الآفات، لمستويات أقل بشكل ملحوظ من مخلفات مبيدات الآفات من خلال الغذاء والمياه.
وبحسب تقرير المنظمة، ينبغي ألا يتعرض أي شخص لكميات غير مأمونة من مبيدات الآفات، وكذلك توفير الحماية الكافية للأشخاص الذين يقومون برش مبيدات الآفات على المحاصيل الزراعية، أو في المنازل، أو في الحدائق. أما الأشخاص الذين لا يشتركون بشكل مباشر في رش مبيدات الآفات، فينبغي عليهم الابتعاد عن المكان أثناء الرش وبعده مباشرة.
كذلك يجب أن يكون الغذاء الذي يتم بيعه أو التبرع به (مثل المعونات الغذائية) ممتثلاً للتنظيمات الخاصة بمبيدات الآفات، لا سيما الحدود القصوى لمخلفات المبيدات. ويتعين على من يزرعون غذاءهم بأنفسهم أن يتبعوا تعليمات الاستخدام المعنية عند استخدام مبيدات الآفات، وأن يحموا أنفسهم عن طريق ارتداء القفازات وأقنعة الوجه عند الضرورة.
ويمكن للمستهلكين أن يحدّوا من مدخول مخلفات مبيدات الآفات عن طريق تقشير أو غسل الفواكه والخضراوات، وهو ما يقلل أيضاً من الأخطار الأخرى المنقولة بالغذاء مثل البكتيريا الضارة.
وتسعى المنظمة إلى حظر مبيدات الآفات الأشد سمية بالنسبة للإنسان، فضلاً عن مبيدات الآفات التي يستمر وجودها في البيئة لأطول فترة زمنية، وحماية الصحة العمومية عن طريق وضع حدود قصوى لمخلفات مبيدات الآفات في الغذاء والمياه.
وتدعو إلى الامتثال بالممارسات الزراعية الجيدة عند استخدام مبيدات الآفات لإنتاج الغذاء، سواء للاستهلاك المحلي أو بغرض التصدير، وذلك بغض النظر عن الحالة الاقتصادية للبلد المعني. وإلزام المزارعين خفض كمية مبيدات الآفات المستخدمة إلى الحد الأدنى الضروري لحماية محاصيلهم. ومن الممكن أيضاً، في ظروف معينة، إنتاج الغذاء من دون استخدام مبيدات الآفات.
وتتولى منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة، المسؤولية عن تقييم مخاطر مبيدات الآفات على الإنسان، سواء من خلال التعرض المباشر أو من خلال المخلفات الموجودة في الغذاء، كما تتولى المسؤولية عن إصدار التوصيات اللازمة لتوفير سبل الحماية.
(العربي الجديد)