منذ بداية الثورة السورية كان الصحافيون الذين انحازوا للثورة السورية أو حتى خالفوا رواية النظام المؤلّفة، هم الأكثر استهدافاً من قبل قواته وعناصر أمنه، ما دفعهم للّجوء خارج البلد. ومع تعرضهم للمضايقات حتى في مناطق سيطرة المعارضة، بسبب تعدد الفصائل المسيطرة، الأمر الذي أجبر معظم الصحافيين المنحازين للثورة على اللجوء إما إلى دول الجوار السوري أو إلى أوروبا.
ومن بين المهاجرين السوريين الى أوروبا، أكثر الفئات التي تجد صعوبة في العثور على فرصة عمل، هم الصحافيون والعاملون في مجال الإعلام، نظرًا لافتقادهم بشكل عام للغة أهل البلاد، بينما مهنتهم أساسها اللغة، خلافًا للمهن الأخرى التي قد لا تتطلب سوى قدر محدود من إتقان اللغة.
قلّة فقط من الدول الأوروبية فيها وسائل إعلام عربية أو ناطقة بالعربية، تتيح للصحافيين الوافدين فرصة للانضمام إليها. ويكاد الأمر ينحصر في دولتين اثنتين فقط، هما بريطانيا بالدرجة الأولى، وفرنسا بالدرجة الثانية، الأمر الذي جعل الصحافيين السوريين، وكذلك الصحافيين الفلسطينيين، القادمين من سورية، وعددهم بالعشرات، في حالة بطالة بشكل عام. وبينما استطاع عدد قليل الحصول على فرصة عمل، غالبًا ما تكون في وسيلة إعلام عربية عابرة للحدود، ولا تقع مراكزها ضمن القارة الأوروبية.
فؤاد عبد العزيز، صحافي سوري كان يعمل سابقاً في وكالة الأنباء السورية (سانا) قبل مغادرته سورية، على غرار عشرات الصحافيين الآخرين بسبب مواقفهم المعارضة لطريقة تعامل النظام مع الثورة. ويقول إنّه حين وصل إلى فرنسا قبل نحو عامين قادماً من الأردن الذي أمضى فيه عامين أيضاً، فوجئ بأن "إخواننا من باقي الجنسيات العربية والذين مضى على إقامتهم في أوروبا عشرات السنين لم يحاولوا تأسيس مشاريع إعلامية باللغة العربية تخاطب أبناء الدول التي يقيمون بها، رغم أن الحاجة لمثل هذه المشاريع باتت ملحة، نتيجة سوء الفهم الحاصل داخل المجتمعات الغربية نحو قضايانا العربية والإسلامية على وجه الخصوص".
ويضيف عبد العزيز أن عامل اللغة شكَّل حاجزًا كبيرًا أمام انخراط الإعلاميين السوريين في سوق العمل الأوروبي، وهي مسألة بحاجة لزمن طويل، ومَن استطاع العمل في هذه الوسائل استعان بمترجمين ينقلون كتاباتهم من اللغة العربية إلى لغة البلد الذي يعيشون فيه. "لكن في النهاية لا يمكن اعتبار هذه الكتابات على أنها فرص عمل، ولعلها تندرج في إطار نشاط الصحافي ذاته ورغبته ورغبة الوسيلة الإعلامية في تقديم نمط معين من المقالات ذات العلاقة
بهواجس الاندماج للمهاجرين أو بعض الآراء في القضايا السياسية التي تخص منطقتنا"، بحسب عبدالعزيز.
ويرى أن أهم العقبات التي تعترض تأسيس مشاريع إعلامية في أوروبا، تتمثل في التمويل، إضافةً للتوزع الجغرافي للصحافيين والذين ينتشرون على أرض الدولة الواحدة في أماكن متباعدة، الأمر الذي يحول دون اجتماعهم للتنسيق والإعداد لعمل إعلامي مشترك، مشيرًا إلى أنه ومجموعة من الصحافيين الموجودين في فرنسا فكروا في إطلاق صحيفة عربية في أوروبا، تكون بمثابة جسر لحوار الثقافات مع الأوروبيين، لكن الأسباب السابقة حالت دون ذلك.
من جهته، يُشير مصطفى عباس، الذي كان يعمل قبل مغادرته سورية محرراً في قناة "الدنيا" الموالية للنظام، ثم عمل في "تلفزيون الآن" عندما كان في تركيا، إلى أنّ المشاريع الإعلامية الخاصة في أوروبا تحتاج إلى تمويل غير متاح حاليًا، خاصةً أن الممولين السوريين غير مهتمين كثيرًا بمجال الإعلام. أما المموِّلون الأوروبيون فلهم شروطهم التي لا يستطيع تلبيتها إلا القليل، "إضافةً إلى غياب روح المبادرة لدى الصحافيين السوريين، وغياب فكرة العمل الجماعي إلى الآن".
اقــرأ أيضاً
أما رنا حاج إبراهيم، والتي قدمت إلى فرنسا قبل نحو عام من تركيا، بعد أن عملت في سورية كمحررة في جريدة "تشرين"، فتقول إنّها في الفترة الأولى عانت نوعًا من فقدان التوازن رغم أنها تتقن اللغة الفرنسية، بسبب انشغالها الكلي بأوراق الإقامة وتأمين المسكن وغيرها من الأمور. وتضيف: "حالياً عدت للاستكتاب في صحيفة عربية كنت أستكتب بها. ولم تنجح محاولاتي للكتابة بالصحافة الفرنسية، حيث لا توجد فرص عمل حتى للصحافيين الفرنسيين. فقد أرسلت سيرتي الذاتية لقنوات تلفزيونية، لكن نُمي إلي أن العمل فيها يحتاج إلى علاقات شخصية بالدرجة الأولى. والآن أحاول الابتعاد عن الصحافة والعمل كمترجمة".
ومن التجارب الناجحة في أوروبا تجربة وليد صوان، وهو صحافي فلسطيني سوري عمل سابقًا في القناة الإخبارية السورية بدمشق وتلفزيون "فلسطين اليوم" في بيروت. تمكن صوان الأسبوع الماضي من نشر أول مقال له باللغة الألمانية في إحدى الصحف النمساوية. ويقول صوان الذي وصل إلى النمسا قبل عام وسبعة أشهر فقط، إنه تمكن من إعداد المقابلة الصحافية بمساعدة صحافية نمساوية، "ساعدتني ببعض التعديلات اللغوية وتركيب الجمل، وكانت تجرية جيدة حفزتني كثير للمواظبة على هذا الطريق".
ويشرح صوان تجربته بالقول "في البداية كان الموضوع أشبه بمن ينحت بالصخر، كيف يمكن أن تكتب مادة صحافية بلغة جديدة ومختلفة كلياً عن اللغة العربية، لها خصوصيتها، وأسلوبها، مفرداتها؟ طريقة الكتابة الصحافية تختلف كلياً عن الكتابة العربية، لكن كان لابد من خوض هذا التحدي، خاصة أنه لدي الوقت الكافي لإعداد المادة". ويضيف "كانت تجربة ممتعة ومقلقة في الوقت نفسه. راودتني أسئلة كثيرة عند وصولي إلى النمسا، هل أرمي مهنتي وراء ظهري، كيف يمكن العمل كصحافي في بلد جديد؟ لكن عند بدء هذه التجربة وصلت إلى قناعة أن هناك إمكانية للعمل في المستقبل بلغة البلد الجديد، وهذه المادة كسرت حاجز الكتابة الصحافية باللغة الألمانية، وجعلت الأمر ليس مستحيلاً، وإن كان صعباً".
وخلافًا للصورة القاتمة في معظم الدول الأوروبية، يقول جابر الصيادي إن الوضع في بريطانيا مختلف تمامًا. ويضيف الصيادي، والذي وصل للعاصمة البريطانية قبل أكثر من عام وكان يعمل في القناة التركية العربية، أنّ "لندن تضم الكثير من المنصات الإعلامية بمختلف أنواعها وأشكالها، ما يجعل فرص العمل للصحافيين العرب متوفرة بشكل كبير، بل إن ثمة نقصاً في عدد الصحافيين لدى العديد من وسائل الإعلام العربية العاملة في مدينة لندن".
وعن تجربته الشخصية، يشير الصيادي إلى أنه "لم يجد أي صعوبة في الحصول على وظيفة في إحدى المحطات التلفزيونية العربية، خاصةً أنه يجيد اللغة الإنكليزية"، لافتاً إلى أن "لندن تضم عشرات وسائل الإعلام العربية والدولية، ولديها حاجة ماسة للصحافيين العرب، خاصةً أن المنطقة العربية باتت تتصدر الشهد الإعلامي في العالم".
اقــرأ أيضاً
أما بالنسبة للمشاريع الإعلامية، فربما هناك صعوبات عدة، منها رأس المال المرتفع لتأسيس أي وسيلة إعلامية، إضافةً إلى النقص الحاد في عدد الصحافيين العرب المحترفين في بريطانيا، بينما تفرض الدولة شروطًا تعجيزية على استقدام الموظفين من خارج البلاد.
ويتحدث المخرج فراس فياض الذي يدير مع زوجته اليسار حسن إذاعة "صوت راية" التي تبث من مدينة إسطنبول التركية، عن جوانب أخرى مهمة من وحي تجربته، تتعلق بالإجراءات المعقدة أمام أي مشروع إعلامي، والتي تبدأ بالحصول على إذن العمل المرتبط بالحصول على الإقامة، وشروط التوظيف ونسبة التوظيف مقابل المواطنين من تلك الدولة. ويستطرد بالقول "في تركيا مثلاً يسمح لك بالترخيص كشركة إنتاج أو منظمة، وليس كوسيلة إعلامية، بينما تسمح دول أخرى فقط بالترخيص كمنظمة".
ويشير فياض إلى أن العمل في بلد أجنبي كثيرًا ما يستدعي "ترك خبرتك جانبًا أو اعتبار خبرتك التي مارستها ببلد آخر لا تنفع في هذا البلد، وعليك اتباع دورات تأهيلية، خاصة أن أغلب الوظائف التي تحصل عليها أو التي تمارسها ترتبط فعليًا بمواضيع بلدك أو البلدان التي تنطق باللغة نفسها، ولهذا تبقى الحاجة إليك مرتبطة بمواضيع بلدك". ويلفت فياض إلى أن القوانين في البلدان الأجنبية ليست منفتحة غالباً، وتشوبها البيروقراطية.
ومن بين المهاجرين السوريين الى أوروبا، أكثر الفئات التي تجد صعوبة في العثور على فرصة عمل، هم الصحافيون والعاملون في مجال الإعلام، نظرًا لافتقادهم بشكل عام للغة أهل البلاد، بينما مهنتهم أساسها اللغة، خلافًا للمهن الأخرى التي قد لا تتطلب سوى قدر محدود من إتقان اللغة.
قلّة فقط من الدول الأوروبية فيها وسائل إعلام عربية أو ناطقة بالعربية، تتيح للصحافيين الوافدين فرصة للانضمام إليها. ويكاد الأمر ينحصر في دولتين اثنتين فقط، هما بريطانيا بالدرجة الأولى، وفرنسا بالدرجة الثانية، الأمر الذي جعل الصحافيين السوريين، وكذلك الصحافيين الفلسطينيين، القادمين من سورية، وعددهم بالعشرات، في حالة بطالة بشكل عام. وبينما استطاع عدد قليل الحصول على فرصة عمل، غالبًا ما تكون في وسيلة إعلام عربية عابرة للحدود، ولا تقع مراكزها ضمن القارة الأوروبية.
فؤاد عبد العزيز، صحافي سوري كان يعمل سابقاً في وكالة الأنباء السورية (سانا) قبل مغادرته سورية، على غرار عشرات الصحافيين الآخرين بسبب مواقفهم المعارضة لطريقة تعامل النظام مع الثورة. ويقول إنّه حين وصل إلى فرنسا قبل نحو عامين قادماً من الأردن الذي أمضى فيه عامين أيضاً، فوجئ بأن "إخواننا من باقي الجنسيات العربية والذين مضى على إقامتهم في أوروبا عشرات السنين لم يحاولوا تأسيس مشاريع إعلامية باللغة العربية تخاطب أبناء الدول التي يقيمون بها، رغم أن الحاجة لمثل هذه المشاريع باتت ملحة، نتيجة سوء الفهم الحاصل داخل المجتمعات الغربية نحو قضايانا العربية والإسلامية على وجه الخصوص".
ويضيف عبد العزيز أن عامل اللغة شكَّل حاجزًا كبيرًا أمام انخراط الإعلاميين السوريين في سوق العمل الأوروبي، وهي مسألة بحاجة لزمن طويل، ومَن استطاع العمل في هذه الوسائل استعان بمترجمين ينقلون كتاباتهم من اللغة العربية إلى لغة البلد الذي يعيشون فيه. "لكن في النهاية لا يمكن اعتبار هذه الكتابات على أنها فرص عمل، ولعلها تندرج في إطار نشاط الصحافي ذاته ورغبته ورغبة الوسيلة الإعلامية في تقديم نمط معين من المقالات ذات العلاقة
ويرى أن أهم العقبات التي تعترض تأسيس مشاريع إعلامية في أوروبا، تتمثل في التمويل، إضافةً للتوزع الجغرافي للصحافيين والذين ينتشرون على أرض الدولة الواحدة في أماكن متباعدة، الأمر الذي يحول دون اجتماعهم للتنسيق والإعداد لعمل إعلامي مشترك، مشيرًا إلى أنه ومجموعة من الصحافيين الموجودين في فرنسا فكروا في إطلاق صحيفة عربية في أوروبا، تكون بمثابة جسر لحوار الثقافات مع الأوروبيين، لكن الأسباب السابقة حالت دون ذلك.
من جهته، يُشير مصطفى عباس، الذي كان يعمل قبل مغادرته سورية محرراً في قناة "الدنيا" الموالية للنظام، ثم عمل في "تلفزيون الآن" عندما كان في تركيا، إلى أنّ المشاريع الإعلامية الخاصة في أوروبا تحتاج إلى تمويل غير متاح حاليًا، خاصةً أن الممولين السوريين غير مهتمين كثيرًا بمجال الإعلام. أما المموِّلون الأوروبيون فلهم شروطهم التي لا يستطيع تلبيتها إلا القليل، "إضافةً إلى غياب روح المبادرة لدى الصحافيين السوريين، وغياب فكرة العمل الجماعي إلى الآن".
ويضيف عباس الذي وصل إلى فرنسا قبل سبعة أشهر فقط، أنه ما زال في مرحلة التعامل مع الأوراق الخاصة بإقامته في فرنسا، ولم يصل بعد إلى التفكير الجاد بالعمل، وإن كان أنجز بعض التقارير التلفزيونية لصالح "تلفزيون الآن" الذي عمل معه سابقًا، و"تطلب ذلك منه الكثير من التعب والسفر بالنظر إلى أنّه يقيم حاليًا في بلدة صغيرة بعيدة جدًا عن العاصمة باريس".
ويلفت عباس إلى مسألة كانت موضع شكوى صحافيين آخرين، وهي "استفحال ظاهرة الناشطين الإعلاميين الذين يقدمون أنفسهم في الدول الأوروبية كصحافيين، ويتصدرون المشهد هناك". ويضيف: "كل من حمل كاميرا وصور مقطعاً ما بات يعتبر نفسه صحافياً، ويقدم نفسه أمام الغرب كصحافي رغم أنه لم يدرس الصحافة، وليس بالضرورة أن يكون ممتلكاً لأدواتها. هؤلاء الناشطون كان لهم جهود مشكورة في إيصال صورة ما يجري في سورية للعالم، ولكنهم عندما انتقلوا لأوروبا وقدموا أنفسهم كصحافيين محترفين وأغلبهم غير مؤهلين، باتوا عبئاً على المهنة".
ويلفت عباس إلى مسألة كانت موضع شكوى صحافيين آخرين، وهي "استفحال ظاهرة الناشطين الإعلاميين الذين يقدمون أنفسهم في الدول الأوروبية كصحافيين، ويتصدرون المشهد هناك". ويضيف: "كل من حمل كاميرا وصور مقطعاً ما بات يعتبر نفسه صحافياً، ويقدم نفسه أمام الغرب كصحافي رغم أنه لم يدرس الصحافة، وليس بالضرورة أن يكون ممتلكاً لأدواتها. هؤلاء الناشطون كان لهم جهود مشكورة في إيصال صورة ما يجري في سورية للعالم، ولكنهم عندما انتقلوا لأوروبا وقدموا أنفسهم كصحافيين محترفين وأغلبهم غير مؤهلين، باتوا عبئاً على المهنة".
أما رنا حاج إبراهيم، والتي قدمت إلى فرنسا قبل نحو عام من تركيا، بعد أن عملت في سورية كمحررة في جريدة "تشرين"، فتقول إنّها في الفترة الأولى عانت نوعًا من فقدان التوازن رغم أنها تتقن اللغة الفرنسية، بسبب انشغالها الكلي بأوراق الإقامة وتأمين المسكن وغيرها من الأمور. وتضيف: "حالياً عدت للاستكتاب في صحيفة عربية كنت أستكتب بها. ولم تنجح محاولاتي للكتابة بالصحافة الفرنسية، حيث لا توجد فرص عمل حتى للصحافيين الفرنسيين. فقد أرسلت سيرتي الذاتية لقنوات تلفزيونية، لكن نُمي إلي أن العمل فيها يحتاج إلى علاقات شخصية بالدرجة الأولى. والآن أحاول الابتعاد عن الصحافة والعمل كمترجمة".
ومن التجارب الناجحة في أوروبا تجربة وليد صوان، وهو صحافي فلسطيني سوري عمل سابقًا في القناة الإخبارية السورية بدمشق وتلفزيون "فلسطين اليوم" في بيروت. تمكن صوان الأسبوع الماضي من نشر أول مقال له باللغة الألمانية في إحدى الصحف النمساوية. ويقول صوان الذي وصل إلى النمسا قبل عام وسبعة أشهر فقط، إنه تمكن من إعداد المقابلة الصحافية بمساعدة صحافية نمساوية، "ساعدتني ببعض التعديلات اللغوية وتركيب الجمل، وكانت تجرية جيدة حفزتني كثير للمواظبة على هذا الطريق".
ويشرح صوان تجربته بالقول "في البداية كان الموضوع أشبه بمن ينحت بالصخر، كيف يمكن أن تكتب مادة صحافية بلغة جديدة ومختلفة كلياً عن اللغة العربية، لها خصوصيتها، وأسلوبها، مفرداتها؟ طريقة الكتابة الصحافية تختلف كلياً عن الكتابة العربية، لكن كان لابد من خوض هذا التحدي، خاصة أنه لدي الوقت الكافي لإعداد المادة". ويضيف "كانت تجربة ممتعة ومقلقة في الوقت نفسه. راودتني أسئلة كثيرة عند وصولي إلى النمسا، هل أرمي مهنتي وراء ظهري، كيف يمكن العمل كصحافي في بلد جديد؟ لكن عند بدء هذه التجربة وصلت إلى قناعة أن هناك إمكانية للعمل في المستقبل بلغة البلد الجديد، وهذه المادة كسرت حاجز الكتابة الصحافية باللغة الألمانية، وجعلت الأمر ليس مستحيلاً، وإن كان صعباً".
وخلافًا للصورة القاتمة في معظم الدول الأوروبية، يقول جابر الصيادي إن الوضع في بريطانيا مختلف تمامًا. ويضيف الصيادي، والذي وصل للعاصمة البريطانية قبل أكثر من عام وكان يعمل في القناة التركية العربية، أنّ "لندن تضم الكثير من المنصات الإعلامية بمختلف أنواعها وأشكالها، ما يجعل فرص العمل للصحافيين العرب متوفرة بشكل كبير، بل إن ثمة نقصاً في عدد الصحافيين لدى العديد من وسائل الإعلام العربية العاملة في مدينة لندن".
وعن تجربته الشخصية، يشير الصيادي إلى أنه "لم يجد أي صعوبة في الحصول على وظيفة في إحدى المحطات التلفزيونية العربية، خاصةً أنه يجيد اللغة الإنكليزية"، لافتاً إلى أن "لندن تضم عشرات وسائل الإعلام العربية والدولية، ولديها حاجة ماسة للصحافيين العرب، خاصةً أن المنطقة العربية باتت تتصدر الشهد الإعلامي في العالم".
ويتحدث المخرج فراس فياض الذي يدير مع زوجته اليسار حسن إذاعة "صوت راية" التي تبث من مدينة إسطنبول التركية، عن جوانب أخرى مهمة من وحي تجربته، تتعلق بالإجراءات المعقدة أمام أي مشروع إعلامي، والتي تبدأ بالحصول على إذن العمل المرتبط بالحصول على الإقامة، وشروط التوظيف ونسبة التوظيف مقابل المواطنين من تلك الدولة. ويستطرد بالقول "في تركيا مثلاً يسمح لك بالترخيص كشركة إنتاج أو منظمة، وليس كوسيلة إعلامية، بينما تسمح دول أخرى فقط بالترخيص كمنظمة".
ويشير فياض إلى أن العمل في بلد أجنبي كثيرًا ما يستدعي "ترك خبرتك جانبًا أو اعتبار خبرتك التي مارستها ببلد آخر لا تنفع في هذا البلد، وعليك اتباع دورات تأهيلية، خاصة أن أغلب الوظائف التي تحصل عليها أو التي تمارسها ترتبط فعليًا بمواضيع بلدك أو البلدان التي تنطق باللغة نفسها، ولهذا تبقى الحاجة إليك مرتبطة بمواضيع بلدك". ويلفت فياض إلى أن القوانين في البلدان الأجنبية ليست منفتحة غالباً، وتشوبها البيروقراطية.