الصحافة الإسرائيلية توزع مسؤوليات مقتلة يهود بيتسبرغ

28 أكتوبر 2018
الصحافة: الهجوم نتيجة طبيعية لتعاظم مظاهر التطرف القومي (Getty)
+ الخط -

حمّل عدد من المعلقين الإسرائيليين الرئيس الأميركي دونالد ترامب المسؤولية عن بلورة البيئة التي أفضت إلى عملية إطلاق النار في الكنيس اليهودي في بيتسبرغ، والتي أسفرت عن مقتل 11 يهودياً أميركياً على الأقل وجرح العشرات.

ورأى بعض المعلقين أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو لعبت دورا في انكشاف اليهود الأميركيين أمام الخطاب العنصري لترامب من خلال مواقفها السلبية والتمييزية ضد تيار اليهودية الإصلاحية، الذي تنتمي إليها الأغلبية الساحقة من اليهود الأميركيين.

وقال حامي شليف، معلق الشؤون الأميركية في صحيفة "هارتس" إن الخطاب الشعبوي والعنصري لترامب ضد الأقليات الإثنية والدينية خلال حملته الانتخابية هو المسؤول المباشر عن مقتل اليهود في الحادثة، على اعتبار أن منفذ عملية إطلاق النار برر فعلته بأنها جاءت انتقاما لدور اليهود في الدفاع عن المهاجرين.

 وفي مقال نشرته "هآرتس" اليوم، رأى شليف أن منفذ عملية إطلاق النار في الكنيس تأثر بأجواء الخوف والشك التي زرعها خطاب ترامب في أوساط الكثير من الأميركيين البيض.

وأعتبر شليف أن عملية إطلاق النار في الكنيس ستمثل حدثا "تأسيسيا" يؤذن بانتهاء حالة الشعور بالأمن لدى اليهود الأميركيين، التي كانت تميزهم عن اليهود الذين يعيشون في أوروبا، وتدلل لهم على أنه لا يمكن الركون إلى نظام الحكم الأميركي في ضمان سلامتهم.

وتوقع شليف أن تؤثر حادثة إطلاق النار في بيتسبيرغ سلبا على حظوظ الجمهوريين في الانتخابات التكميلية للكونغرس في نوفمبر المقبل. وهاجم شليف بقوة نتنياهو متهما إياه بالنفاق بسبب موقف حكومته العدائي ضد اليهودية الإصلاحية التي تنتمي إليها الأغلبية الساحقة من اليهود الأميركيين.

من جانبها، اتهمت أورلي أوزلاي، معلقة الشؤون الأميركية في صحيفة "يديعوت أحرنوت" ترامب بالمسؤولية عن خلق الظروف التي شجعت منفذ عملية إطلاق النار في الكنيس اليهودي على ارتكاب جريمته.

وفي مقال نشرته الصحيفة اليوم، أشارت أوزلاي إلى أن المنظمات العنصرية والمجموعات التي تجاهر بتوجهاتها المعادية للعنصرية "رفعت رأسها" بعد انتخاب ترامب نتيجة خطابه العنصري الذي منحها الفرصة للإفصاح عن أفكارها وترويجها.

وأشارت إلى أن من بين التيارات المحسوبة على مؤيدي ترامب مجموعات يطلق عليها "White Power" تؤمن "بنقاء العنصر الأبيض وتفوقه"، معتبرة أن جماعات معادية للسامية استغلت الأجواء التي رافقت فوز ترامب وباتت تجاهر بمواقفها الأيديولوجية.

وشددت على أنه على الرغم من تنديد ترامب بإطلاق النار في الكنيس، إلا أنه في المقابل لم يحرص على النأي بنفسه عن الجماعات "المعادية للسامية"، ولم يسعَ للفصل بين الخطاب الذي يتبناه والخطاب الذي تعكف هذه الجماعات على التشبث به.

وشددت على أن ترامب لا يمكنه الاستغناء عن الخطاب العنصري، الذي يسمح بتعاظم الجماعات المعادية للسامية، على اعتبار أن النواة الصلبة لجمهور مؤيديه تحبذ هذا الخطاب وتتغذى عليه.


نتيجة طبيعية لتعاظم مظاهر التطرف القومي

أما شلومو شامير، معلق الشؤون الأميركية في صحيفة "معاريف"، فقد اعتبر أن حادثة إطلاق النار في بيتسبرغ تمثل نتيجة طبيعية لتعاظم مظاهر التطرف القومي داخل الولايات المتحدة.

وفي مقال نشره موقع الصحيفة اليوم الأحد، نقل شامير عن أحد قياديي اليهود في الولايات المتحدة، قوله إن خطاب ترامب المستخف بالأقليات منح القوميين المتطرفين الشعور بأنه بإمكانهم المس بهذه الأقليات دون خشية من عواقب أفعالهم".

واعتبر شامير أن حادثة إطلاق النار في الكنيس تدلل على أن الجماعات المعادية للسامية في الولايات المتحدة باتت تعمل بدون مواربة وباتت أكثر "تطرفا ودموية".

وتوقع المعلق الإسرائيلي أن تمثل حادثة "بيتسبرغ" فاتحة لمزيد من العمليات "الدموية" التي ستستهدف اليهود الأميركيين، مشيرا إلى أنه حتى قادة اليهود الأميركيين المحسوبين على المعسكر الجمهوري باتوا مقتنعين بدور ترامب في بعث الأجواء التي سمحت للجماعات المعادية للسامية بالعمل.


تراجع دعم الأميركيين لإسرائيل

من ناحية ثانية، ذكرت صحيفة "هارتس" في عددها الصادر اليوم الأحد أن استطلاعا أجري في الولايات المتحدة دلل على تراجع كبير لدعم الأميركيين لإسرائيل بسبب تماثل إسرائيل مع سياسات ترامب.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاستطلاع الذي أجراه معهد "يو غاب" خلص إلى حدوث تراجع كبير على دعم القطاعات الداعمة للحزب الديمقراطي في أوساط الأميركيين، سيما الشباب، النساء، وذوي التوجهات الليبرالية، والمنتمين للأقليات.

وحسب الاستطلاع فإن نسبة اليهود الأميركيين الذين يرون في إسرائيل "حليفاً" تراجعت من 47% في العام 2015 إلى 37% فقط في العام 2018.

وحسب الاستطلاع فإن 46% من الأميركيين المهاجرين رأوا في إسرائيل حليفا، مقابل 29% من النساء فقط، و25% في أوساط الشباب، في حين اعتبر 25% من المهاجرين والنساء إسرائيل دولة "صديقة".

وحسب الاستطلاع فإن 22% من ذوي الأصول اللاتينية يرون في إسرائيل حليفا، مقابل 19% في أوساط السود.