الشهيد عورتاني.. قتله جنود الاحتلال ولفقوا له تهمة الطعن

03 اغسطس 2016
قتلوا الشهيد ويتموا الأبناء (العربي الجديد)
+ الخط -



"محمد الزعيم وعلي وجود"، ثلاثة أطفال بعمر الورود، أصبحوا من عصر الأحد الماضي أيتاماً، بعدما قرر بضعة جنود إسرائيليين أن يقتلوا والدهم عند حاجز عسكري إسرائيلي جنوبي مدينة نابلس، دون سبب وبذرائع كاذبة، كان قد كذبها شهود عيان رأوا كيف قتل الجنود الشهيد.

رامي عورتاني، أو كما يحب أن يناديه أهله وأصدقاؤه رامي الزعيم، يبلغ من العمر 31 عاما، يعمل حلاقا في صالون شارع الجامعة بمدينة نابلس، قتله جنود الاحتلال الأحد الماضي بذريعة محاولته تنفيذ عملية طعن، عند حاجز حوارة، جنوب المدينة، إلا أن روايات من كانوا هناك بمحض الصدفة كذّبت رواية الاحتلال.

فوزي شحادة، فلسطيني من قرية عوريف، جنوب نابلس، كان في طريقه إلى مدينة نابلس، قال في حديث لـ"العربي الجديد": "بعد أن اجتزت دوار الحاجز، لاحظت أن جنديين إسرائيليين يقومان بتفتيش مركبة قديمة على مسلك الخارجين، وصاحب السيارة الشهيد عورتاني يقف بجانبه، فجأة بدأ أحد الجنود يركض باتجاه الغرب، وهو يركض تعثر ووقع على الأرض، ومن ثم حاول النهوض والعودة باتجاه المركبة".

ويتابع: "كانت المسافة بيني وبين الجنود والشهيد، لا تزيد عن مترين، حين عاد الجندي الذي تعثر وهو يركض، سحب سلاحه وأطلق ثلاث رصاصات على الشاب، ورأيته وهو ملقى على الأرض ودمه ينزف، وكنت حينها قد خففت من سرعة مركبتي لدرجة التوقف، وبعد ذلك حضرت إلى مكان الحادث قوات كبيرة من جيش الاحتلال وأعلنوا أن الحاجز منطقة عسكرية مغلقة".

لم يلحظ الشاهد أية إشارة لعملية ينوي الشهيد تنفيذها، سواء كانت طعنا أم دهسا، فقد كان جنود الاحتلال يقومون بتفتيش السيارة، وكافة أبوابها مفتوحة، ويشير شحادة إلى أن السيارة من النوع القديم، وحسب قراءته، فإنه غالبا ستكون السيارة قد انزلقت وذهب الشهيد لإيقافها، فاعتقد الجنود أنه ذهب لجلب أداة ليطعن بها، فقتلوه.



شهود عيان من سائقي المركبات العمومية أكدوا، لـ"العربي الجديد"، أنه وعلى مدار الأيام الثلاثة الأخيرة قبل استشهاد رامي، كان جنديان إسرائيليان يقفان على الحاجز، ويتعمدان إيقاف المركبات الخصوصية، ويقومان بتفتيش السيارة بشكل دقيق، بالإضافة إلى التعامل مع الشبان والسائقين بطريقة قمعية ويقومون بالتنكيل بهم أثناء التفتيش.

ثلاث رصاصات كانت كافية لتغلق صالون حلاقة اعتاد الكثير من طلبة جامعة النجاح الوطنية والعشرات من أبناء الحي أن يذهبوا إليه للحلاقة، وكانت كفيلة أيضا بأن ترمّل زوجة في ريعان شبابها، وتيتّم ثلاثة أطفال بعمر الورود كانوا قد تعلقوا بوالدهم وأحبوه إلى درجة أنهم كانوا يرافقونه في غالبية مشاويره.

ليس هذا فحسب، فعائلة الشهيد المكونة من ثلاثة أشقاء وثلاث أخوات، أكبرهم علي الذي توفي قبل 14 عاما غرقا في بركة سباحة، وقد سمى الشهيد ابنه الثاني على اسمه، أيضا، فقد الشهيد والدته قبل أربعة أعوام بعد صراعها مع مرض السرطان، ليرحل برصاص جنود الاحتلال الذين قتلوه خوفا وعمدا وإعداما مباشرا.

قريب الشهيد وصديقه، منذر رمضان، لا يكاد يصدق أنه سيمر يوما على صالون الحلاقة ويراه مغلقا، فقد اعتاد دائما على إلقاء التحية، لم يتوقع يوما أن يفقده ويغيب عن عينه، فقد كان محبوبا للجميع، دائما يمازح زبائنه وأصحابه، يسلم على المارين ويدعوهم لشرب القهوة، لم يؤذ أحدا، يسامح الجميع، وفق ما وصفه رمضان.

ويقول رمضان: "من المستحيل أن يكون الشهيد قد ذهب لتنفيذ عملية"، مؤكدا أن جنود الاحتلال قاموا بإعدامه عمدا لمجرد خوفهم وجبنهم، مشيرا إلى أن أحد زبائنه كان قد هاتف الشهيد وسأله عن مكانه لأنه يريد أن يحلق شعره، فأخبره بأنه ذاهب إلى بلدة حوارة لشراء قطعة للسيارة كونه يعرف أحد المحلات المختصة ببيع قطع السيارات القديمة.

ويرى رمضان بأن الاحتلال الإسرائيلي يخفي جريمة إعدام الشهيد عورتاني، فحاجز حوارة مليء بكاميرات المراقبة، وهو يستطيع أن يكشف ما صور أثناء الحدث، ويبيّن الحقيقة التي سيخفيها جنود الاحتلال، لافتا إلى أن عائلة الشهيد ستقوم برفع شكوى ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي على جريمتهم.

لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بقتل الشاب عورتاني، فقد حرم عائلة الشهيد من رؤيته ووداعه حتى هذه اللحظة، فمنذ استشهاده قرر الاحتلال أن يحتجز الجثمان في ثلاجات الموتى إلى موعد غير معلوم، في حين أن العائلة تصر على استرداد جثمان ابنها وتشريحه، ومن ثم مواراته الثرى بما يليق بمقام الشهداء.