يستذكر طارق البدوي، قريب عمر، اللحظات الأخيرة، قائلاً لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس: "قبل إصابته بنحو 20 دقيقة، دار بيننا حديث عن كثافة الغاز المسيل للدموع، الذي أطلقه جنود الاحتلال في خلال المواجهات على مدخل المخيم، إذ إنّ منزلينا لا يبعدان عن الشارع الرئيسي إلا أمتاراً قليلة، وفيما كنت أحاول استكشاف الوضع الخارجي من النافذة، حذرني أحد الصحافيين من الخروج، ونصحني بإغلاق النافذة جيداً، وما هي إلا لحظات حتى اشتعلت ستارتها وطاولت ألسنة النيران شجرة أيضاً وعمود كهرباء بجانب نافذة منزل عمر، حينها ناداني قائلاً: طارق، أحضر الماء، ولعت النار في سلك الكهرباء".
حمل عمر قطعة قماش بيضاء اللون "منشفة"، ولوّح لجنود الاحتلال الإسرائيلي بها، لكن دون جدوى، إذ ما كان من أحدهم إلا أن أطلق النار عليه، فأصابته رصاصة حية في صدره، وسقط أرضاً، وفي تلك اللحظة أطل شاب برأسه ثم اختفى سريعاً، كما يظهر ذلك في فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. "كنت أصرخ قائلاً: (عمر إتصاوبت؟!)، لكنني لم أتمكن من كثافة رصاص الاحتلال من مساعدته". يتأسف طارق، مشيراً إلى أنّ "عمّ عمر لم يتمكّن أيضاً من إسعافه، حتى إنّه أُصيب برصاصة مطاطية في قدمه".
لم يتمكن كذلك بعض الصحافيين الموجودين في المكان من مساعدة عمر أو إنقاذه، إذ يروي الصحافي مصعب شاور، لـ"العربي الجديد"، مشاهداته بالقول إنّ "جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحيّ بكثافة، وكدت أصاب، إلا أنني نجوت، وأصيب بعدها عمر، حاولنا الاقتراب لإسعافه فأطلق الجنود الرصاص لمنعنا، لكننا عدنا بعد انسحاب جيش الاحتلال لإسعافه".
حمل كل من طارق البدوي والصحافي ساري جرادات، عمر، ونقلاه إلى مركبة أحد الجيران، لكن جنود الاحتلال عاودوا إطلاق الرصاص عليهم مرة أُخرى، حاولا إسعافه في عيادات وكالة "أونروا" في مخيم العروب، وفي الطريق كان طارق يطلب من عمر ألّا ينام، "عمر ما تنام، ما تنام!"، فيردّ عليه: "طارق ظهري بوجعني ريحلي ظهري"، وبعدما فشلت عيادات "أونروا" في علاجه، نقل بواسطة مركبة إسعاف بعد 35 دقيقة، إثر البحث عن طرق للخروج من المخيم الذي يغلقه الاحتلال، بواسطة مركبة إسعاف إلى المستشفى الأهلي في مدينة الخليل، وأُدخل عمر غرفة العمليات، لكنه بعد أكثر من ساعة فارق الحياة.
يقول طارق البدوي، لـ"العربي الجديد": "بعد دقائق معدودة خرج طبيبان من غرفة العمليات، أحدهما قال سريعاً: (عمر هيثم أحمد البدوي، يا نياله ربنا اختاره)، ثم أكمل عنه الطبيب الآخر: "عمر شهيد". ويؤكد طارق أنّ الشهيد كان قد طلب من والدته ليلة استشهاده، البحث له عن عروس، إذ أراد أن يُزَفّ مع أخيه أحمد الذي كان من المقرر زفافه بعد شهرين، غير أنّ عمر زُفّ شهيداً.