كما تمكن "داعش"، يوم الثلاثاء، من إنهاء ما بدأه يوم الإثنين، حين أعلنت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم عن تمكّن مقاتليه من السيطرة على خناصر وقاعدة الدفاع الجوي المجاورة لها، ونحو 12 قمة مرتفعة في المنطقة الصحراوية، التي يمرّ بها الطريق الوحيد الذي يصل مناطق سيطرة النظام في حلب وريفها بمناطق سيطرته في ريف حماة.
كما ذكرت الوكالة في بيانات متتالية نشرتها على موقعها على الإنترنت، أن "مقاتلي التنظيم استخدموا في هجومهم الذي استمر يومين عدة سيارات مفخخة لاستهداف حواجز قوات النظام في خناصر ومحيطها، قبل انقضاضهم عليها".
كما أشارت بيانات الوكالة إلى أن "عناصر داعش اغتنموا كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر ومختلف صنوف العتاد العسكري التي تركتها قوات النظام قبل انسحابها من البلدة ومحيطها جنوباً، نحو بلدة إثريا وريف حماة الشرقي، المقابل مباشرةً لمناطق ريف حلب الجنوبي. وكان من بين هذا العتاد نحو سبع دبابات، بينها إثنتان من طراز تي 90"، التي لم تكن قوات النظام تملكها قبل التدخل الروسي الأخير في سورية، التي يُعتقد أن أعداداً منها قُدّمت لجيش النظام من قبل روسيا.
كما كان لافتاً في عملية السيطرة على خناصر والمناطق المحيطة بها من قبل "داعش"، وبالتالي محاصرة قوات النظام في حلب، مشاركة فصائل قريبة من تنظيم "القاعدة"، تعمل في مناطق سيطرة المعارضة بريف إدلب، في الهجوم على الطريق يوم الإثنين.
اقرأ أيضاً: "أحرار الشام" تكشف عن استهدافها لضباط روس بـ"عملية نوعية"
في هذا السياق، تفيد مصادر متقاطعة، لـ"العربي الجديد"، بأنه "تمّ نشر معلومات تفصيلية عن مشاركة كل من جند الأقصى، وهو تنظيم مقرّب من تنظيم القاعدة، ينشط في ريف إدلب، مع كتائب القوقاز وقوات ما يُعرف بالحزب الإسلامي التركستاني، وهي أيضاً فصائل مقربة من القاعدة تنشط في ريف إدلب، بمهاجمة طريق إثريا ـ خناصر من الجهة الغربية، في الوقت الذي كان داعش يهاجمه من الجهة الشرقية".
يفتح هذا الأمر باب التكهنات حول مدى التنسيق الموجود بين "داعش" وهذه التنظيمات الجهادية، التي عُرفت بمشاكلها مع قوات المعارضة، التي تسيطر على معظم مناطق ريف إدلب، خصوصاً مع تصاعد الاتهامات الموجهة من قبل المعارضة لتنظيم "جند الأقصى" تحديداً خلال الأشهر الأخيرة، واتهامه باغتيال قيادات في المعارضة، بعد أشهر من اغتيال القيادي في "فيلق الشام" مازن قسوم، العام الماضي.
لكن التطورات الأخيرة منذ مطلع الشهر الحالي في ريف حلب الشمالي، التي أسفرت عن تمكن قوات النظام من فصل مناطق سيطرة المعارضة بريف حلب الشمالي، عن مناطق سيطرة المعارضة بحلب وريفها الغربي وإدلب وريفها، تدفع الفصائل النشطة في ريف إدلب، وحتى قوات المعارضة، لقطع طريق خناصر، وبالتالي فتح طريق بين مناطق سيطرة "داعش" الغنية بالنفط شرق سورية، ومناطق سيطرة المعارضة والفصائل الجهادية و"جبهة النصرة"، شمال سورية.
يعود ذلك إلى أسباب عدة، فمن ناحية يعتبر "داعش" أن مناطق سيطرة المعارضة، شمال سورية، هي واحدة من أهم أسواق تصريف المحروقات التي يتم الحصول عليها من النفط المستخرج من مناطق سيطرته. كما أن السكان والفصائل في مناطق سيطرة المعارضة، تعتمد جميعاً على النفط المستورد من مناطق سيطرة التنظيم، كما يعتمد السكان في مناطق سيطرة "داعش" على كثير من البضائع المستوردة من مناطق سيطرة المعارضة كصنوف كثيرة من الأغذية وقطع التبديل والزيوت والمواد الأولية الصناعية ومواد البناء.
فضلاً عن ذلك، فإن لـ"داعش" وللفصائل في مناطق سيطرة المعارضة مصلحة ملحّة في قطع طرق إمداد قوات النظام التي باتت تتقدم على حساب الطرفين في ريف حلب بالاستفادة من الغطاء الجوي الروسي. وسيؤدي هذا القطع لخطوط إمدادها إلى الحد من تقدّمها وربما إيقافه، مع عدم استبعاد احتمال شن قوات المعارضة وتنظيم داعش هجوماً معاكساً خلال الأيام المقبلة لتستعيد الأراضي التي خسرتها أخيراً لصالح قوات النظام والمليشيات الحليفة لها، في حال لم تُطبّق الهدنة المقرر تطبيقها بدءاً من يوم السبت.
على هذا الأساس تتجلّى مصلحة النظام في تطبيق الهدنة المنتظرة لتتفرغ قواته في الشمال السوري لاستعادة طريق إثريا - خناصر - حلب وبالتالي فتح خطوط إمداده إلى حلب مجدداً، ذلك أن الهدنة لن تشمل بطبيعة الحال "داعش" والمنظمات المقرّبة منه، والتي توصف بأنها "تنظيمات إرهابية" كـ"جبهة النصرة".
لا يُستبعد مع ذلك احتمال استغلال "داعش" للوضع الميداني الجديد، الذي جعل التنظيم على تماس مباشر مع مناطق سيطرة المعارضة بريف إدلب الشرقي والجنوبي، الأمر الذي سيسمح له بالتقدم على حساب المعارضة. وهو أمر إن حصل سيدفع النظام إلى عدم مهاجمة "داعش" من قبل قوات النظام والطيران الروسي الداعم له، وحتى لو بقيت خطوط إمداد قوات النظام إلى حلب وريفها مقطوعة لفترة ليست بقصيرة، وذلك ليستثمر النظام الاستنزاف الكبير الذي سيسبّبه هجوم "داعش" المحتمل على المعارضة في ريف إدلب.
من جهة أخرى، كشفت "حركة أحرار الشام الإسلامية"، أمس الأربعاء، عن "عملية نوعية"، قامت بها في وقت سابق هذا الأسبوع، وقالت إنها "استهدفت خلالها مقراً لاجتماع ضباط روس قرب اللاذقية الأحد الماضي، ما أدى لمقتل وجرح عدد منهم، بعد أن فجّر المهاجمون سيارة مفخخة، قبل انسحابهم إلى المناطق المحررة".
وذكر الموقع الرسمي لـ"أحرار الشام" على الإنترنت، أن "مقاتلي كل من حركة أحرار الشام الإسلامية وحركة بيان، تمكنوا من نسف تجمّع لكبار الجنرالات الروس في منطقة صنوبر جبلة، قرب مدينة اللاذقية، بسيارة مفخخة، ما تسبب بمقتل وجرح العشرات منهم".
كما تحدثت عن "توافد سيارات الإسعاف والإطفاء بكثافة إلى مكان التفجير، إذ نقلت قسماً من الجرحى إلى مستشفيات مدينتي جبلة واللاذقية، وأعقبها وصول حوّامات روسية إلى منطقة الانفجار حيث نقلت جثث قتلى وجرحى الجنرالات إلى قاعدة حميميم" الجوية.
اقرأ أيضاً: خمس عادات روسية جديدة في الساحل السوري