الشرعية.. الحاضر الغائب

21 اغسطس 2019
+ الخط -
لم تكن الدولة الشرعية المتمثلة بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في ما سبق من حكمها، سوى نموذج بائس في كل شيء، سواء على صعيد إدارتها للصراع أو في طريقة تدبيرها شؤون المجالات الأخرى، حتى أن عموم الناس لم يسجلوا لها نجاحاً يذكر على خيرها في أوقات الشدائد والمصائب سوى توالي العجز والإحباط الذي يحيط بالواقع برمته ويملأنا يأساً فوق الذي نعاني منه.
وحينما نتطلع إلى أحوالها في المجمل يكاد ينحصر دورها كما هو ملاحظ منها، في آليات محدّدة، وجب عليها أن تسلكها حتى لو استبعدت عنها كل مساهمة فعلية تجاه الوطن والمواطنين.
بمعنى آخر، أنها صارت محكومة بسياسة التبعية والاتباع التي أفقدتها ذواتها الفاعلة في أحوال كثيرة، وحصرتها في دائرة ضيقة مغلقة، محدودة الحجم والتأثير. أدى هذا الركود إلى تفاقم المعاناة واجترار الخيبات.
كما لم يكن فعلها سوى تبرير للفشل الحاصل وتغطية لحالات الضرر الذي يلحق بنا كل يوم، ومهما اجتهدنا في التعويل عليها يصدمنا خذلانها وتجاهلها للإرادة الشعبية وعوامل التقدم، الأمر الذي جعلنا لا نفكر بها ولا نبني عليها آمالاً، طالما أنها لا تملك الحد الأدنى من التحكم بوجودها إلا بمقدار الضرورة اللازمة التي اقتضتها صيرورة الحرب حسب اتجاهات الحاجة النفعية الآنية لسد الذريعة وشغر الفراغ، حتى إن جل ما تتخذه من وسائل وإدارة متهالكة أصبحت تابعة للغير على حساب المقصد المرجو والأولويات الوطنية.
صحيح أن ظرفها استثنائي، وتفتقد مقومات الدولة المستقرة، إلا أنّ هذا لا يعفيها من القيام بالحد الأدنى من واجباتها التي تمتلكها، والتي تعد أساساً مشتركاً للمجتمع اليمني في إطار مفهوم الدولة والوطن، بينما للأسف نجد حالها يغط في سبات عميق، ويتعامى عن مسائل تاريخية يكون قرارها متعلقاً بآلياتها ومقتضياتها، وكأنها بذلك التغابي فاقدة لمهمتها الوطنية وغير مستوعبة لقوانين عملها ومتطلبات حقوقها وخياراتها المتاحة.
وفي هذا الإطار، تنشأ التساؤلات الملحة من تلك الهواجس المؤدية إلى إزالة كل التباس يتعارض مع فكرة الولاء الأول للوطن قبل الخوض في تأثير اتجاهات القوى الأخرى، وخاصةً أن الإجابة عن كل هذا يمكن "مخاطبتها" بسهولة ويسر وإطلاع الناس عليها، بدلاً من هذا التماهي الذي يؤدي للحيرة البالغة والتراجع الكبير، وقد يساهم هذا السكوت غير المبرر في إعاقة أي قوى حية فاعلة، لا تزال ترغب بالمواصلة والاندماج.
57C8D311-2EBC-4E90-85D3-A174EC18BA9C
57C8D311-2EBC-4E90-85D3-A174EC18BA9C
فوزي الحقب (اليمن)
فوزي الحقب (اليمن)