وبحسب وكالة "آكي" الإيطالية، فقد نشرت روسيا نحو 500 عنصر في مناطق التماس في جنوب سورية وغربها، وعلى نقاط التفتيش في المعابر، الفاصلة بين مناطق سيطرة النظام وفصائل المعارضة. وأوضحت مصادر محلية أن "أفراد الشرطة العسكرية الروسية، المعتقد أنهم من جمهورية أنغوشيا التابعة لروسيا، انضموا إلى حواجز ونقاط تفتيش قوات النظام، لفصل مناطق سيطرة المعارضة عن مناطق سيطرة النظام".
في هذا الصدد، أفاد بيان لوزارة الدفاع الروسية، بأن "العسكريين الروس والسوريين يفتشون وسائل النقل التي تعبر نقاطهم، ويفحصون أوراق سائقيها وركابها ويبحثون عن الأسلحة والذخائر بهدف ضبط الأمن والاستقرار في المنطقة". وأشارت إلى أن "قوات المراقبة الروسية انتشرت في منطقتي (خفض التصعيد) في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، وصولاً إلى الجولان السوري، وفي الغوطة الشرقية قرب دمشق، لمراقبة التزام كل الأطراف بالهدنة".
وخلال عرض للوضع الميداني في سورية، كشف رئيس غرفة العمليات في رئاسة الأركان الروسية الجنرال سيرغي رودسكوي، في إفادة صحافية، أن "القوات الروسية انتشرت يومي الجمعة والسبت الماضيين في الجنوب السوري، وتمّت إقامة نقطتي تفتيش لتسهيل حركة السكان وقوافل المساعدات، إضافة إلى نشر 10 نقاط مراقبة على طول الحدود التي رسمت للمنطقة". وأوضح أن "أقرب نقطة مراقبة تبعد 13 كيلومتراً من خط وقف النار بين القوات الإسرائيلية والقوات السورية في الجولان المحتل"، لافتاً إلى أن "روسيا أبلغت عبر القنوات الدبلوماسية ـ العسكرية، إسرائيل والولايات المتحدة والأردن، بنشر القوات الروسية في مراكز التفتيش والمراقبة". ونشر تلفزيون "روسيا اليوم" شريط فيديو كشف عن انتشار عناصر من الشرطة الروسية على أحد الحواجز العسكرية في ريف القنيطرة قرب مرتفعات الجولان المحتل". وحسب مصادر محلية، فإن "القوات الروسية توزعت في القنيطرة على حواجز الطريق الواصل بين مدينتي خان أرنبة والبعث، وطريق خان أرنبة ـ جباتا الخشب، إلى جانب الانتشار في محيط بلدة جبا مسحرة بريف القنيطرة".
وبالنسبة لمحافظة درعا، توزّع نحو 400 عنصر روسي على حواجز قوات النظام في بلدات قيطة والقنية ودير البخت وموثبين، ومدينة الصنمين بريف درعا الشمالي. كما لوحظ انتشار لعناصر القوات الروسية على بعض الحواجز العسكرية ضمن المنطقة الخاضعة للنظام في مدينة درعا. كما استقدمت قوات النظام كرفانات (بيوت متنقلة) من العاصمة دمشق، ونشرتها بالزاوية الشمالية لكتيبة الإشارة 110 التابعة لقيادة الفرقة التاسعة بمحيط مدينة الصنمين، لتكون بمثابة مقر عسكري مؤقت للقوات الروسية.
ولفتت المصادر إلى أن "القوات الروسية وفور وصولها إلى محافظة درعا، قامت بجولات استطلاعية ضمن المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام في المحافظة، شملت قطعا عسكرية وخطوط تماس في مدينة أزرع وخربة غزالة والشيخ مسكين". كما انتشرت القوات الروسية أيضاً في قرية برد التابعة إدارياً لمحافظة السويداء، والواقعة شرق مدينة بصرى الشام، بريف درعا الشرقي، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية.
وكان اتفاق وقف إطلاق النار في جنوبي سورية، دخل حيّز التنفيذ في 9 يوليو/ تموز الحالي، شاملاً محافظتي درعا والقنيطرة، ومناطق من ريف السويداء. وأُعلن عن هذا الاتفاق بعد اجتماع مدينة هامبورغ الألمانية بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، خلال قمة مجموعة العشرين.
وبالنسبة للغوطة الشرقية، قالت هيئة الأركان الروسية في بيان لها، إن "الشرطة العسكرية الروسية أقامت نقطتي تفتيش وأربعة مواقع للمراقبة في الغوطة الشرقية، شرقي دمشق، وذلك تطبيقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه أخيراً في القاهرة". وقضى الاتفاق الذي توسط فيه رئيس تيار "الغد" المعارض، أحمد الجربا، بنشر 150 شرطياً روسياً على خطوط التماس بين قوات النظام والمعارضة، إضافةً إلى رفع الحصار عن الغوطة، وحرية انتقال البضائع والمدنيين عبر مخيم الوافدين إلى دمشق، إلى جانب انتخاب مجلس محلي لإدارة شؤون المنطقة.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن طاقم النقطة العسكرية يضم أربعة عسكريين يعملون بالتناوب لمراقبة اتفاق وقف النار. ورغم ذلك، فقد خرقت قوات النظام هذه الهدنة خلال الأيام الماضية من خلال القصف المدفعي والجوي على الغوطة الشرقية، بحجة استهداف مواقع لـ"جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام).
وذكرت مصادر محلية أن "الروس طلبوا من (فيلق الرحمن) عزل نفسه عن (هيئة تحرير الشام) بأسرع ما يمكن، وإخراج عناصرها من مناطقه، كشرط مسبق كي تشمل الهدنة منطقة القطاع الأوسط بالغوطة الشرقية التي يسيطر عليها فيلق الرحمن". وأضافت مصادر أخرى أن "فيلق الرحمن طلب من عناصر هيئة تحرير الشام الاندماج في الفيلق أو الخروج من الغوطة الشرقية إلى إدلب". وقد وصلت قوات روسية إلى مخيم الوافدين قرب دوما تطبيقاً لهذا الاتفاق، وتلا ذلك دخول ثلاث شاحنات إلى الغوطة الشرقية عبر معبر المخيم محملة بالمواد الغذائية وبعض المواد الطبية.
وأفاد الروس بأنهم "سلّموا أكثر من 10 آلاف طن من المساعدات الإنسانية لسكان الغوطة الشرقية قرب دمشق، والتي تحاصرها قوات النظام منذ سنوات". ولفت إلى أنه "جرى أيضاً إجلاء سكان جرحى ومرضى من مناطق تسيطر عليها المعارضة في الغوطة".
من جهته، قال الناشط الإعلامي الموجود في محافظة درعا محمد الشلبي، لـ"العربي الجديد"، إن "عناصر الشرطة الروسية يقفون على حواجز التفتيش الى جانب عناصر النظام، لكن الوضع بالنسبة لسكان درعا لم يختلف كثيراً عما سبق حتى الآن". وأوضح أن "عناصر النظام الذين يواصلون كالعادة القيام بعمليات التفتيش، ما زالوا يسرقون الوقود من السيارات المدنية التي تعبر على الحواجز، ويقومون بتفتيش الهويات بحثاً عن المطلوبين من دون تدخل من جانب الشرطة الروسية"، مشيراً إلى أنه "طرأ تحسن بسيط على طريقة تعامل جنود النظام مع المواطنين الذين يمرون على الحواجز، ولا يتجرأ على المرور حتى الآن إلا كل شخص يعرف جيداً أنه غير مطلوب لدى قوات النظام".
من جهته، رأى أبو أحمد الرفاعي، وهو أحد المواطنين الذين اجتازوا أحد حواجز النظام بعد انتشار القوات الروسية، أنه لاحظ "أن وجود العناصر الروس حدّ من ممارسات عناصر النظام وضباطه المسيئة بحق المواطنين، وبات هؤلاء يقومون بإجراءات التفتيش بشكل لطيف نسبياً، ومن دون تحرّش بالعابرين، أو طلب إتاوات من السيارات".
وكانت روسيا نشرت في أوقات سابقة أفراداً من شرطتها العسكرية في محافظة حلب، خارج نطاق اتفاق أستانة الخاص بمناطق "خفض التصعيد"، حين دخلت قوات روسية إلى مدينة حلب بعد إخراج قوات المعارضة منها نهاية العام الماضي، فيما دخلت قوات أخرى إلى مدينة عفرين وريفها الشمالي، الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، مطلع شهر مايو/ أيار الماضي. ومن جهة أخرى، ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أنه "جرى إنشاء مركز تنسيق عسكري سري مشترك بين العسكريين السوريين والروس والمقاتلين الأكراد شرق البادية السورية".