الشخصية الدموية لعام 2014
في كل سنة، وعلى مشارف نهايتها، تَخلُص مراكز الدراسات العالمية، أو بعض الصحف العالمية، إلى دراسة أو تصويت لاختيار شخصية العام، شخصية مؤثرة لها دورٌ في إحداث واقع إيجابي، ومن الطبيعة أن تتمتع هذه الشخصية بكاريزما عالية وحكمة، وكل المقومات المتعارف عليها لاختيار شخصية العام، فضلا عن اهتمام الصحافة والإعلام ومراكز القرار بها.
يمكن الحديث، اليوم، عن شخصيات تربعت في أعوام الربيع العربي على عرش التغير"الدموي"، وأوجدت واقعاً سلبياً أدخلت به المنطقة في حمام من الدم والفوضى والتدمير، وربما يخول لكل منا أن يضع مقاييس، حسب قراءته الواقع الحالي ومستقبله، بناء على مسلمات هذه المرحلة التي أصبحت من سماتها الإجرام والفتك والتشريد، والتخريب وكل شيء، ما من شأنه أن يجعل منه نقطة تحول في هذا العالم. ولكن، سلباً، هذه المقاييس، وللأمانة، لم أجد شخصية أجدر من بشار الأسد أن يتوج بها، فهو منذ أربعة عشر عاماً، جاثم كوحش، دمر في أربع سنوات بلداً وشعباً بأكمله، بحجة واهية وغير مستساغة، هي المؤامرة الكونية عليه، ومحاربة الإرهاب، في سبيل أن يبقى على رأس هرم السلطة.
زرعت شخصية بشار الأسد التي ما زالت قائمة في وجودها على حساب مساحات واسعة من الدم والأنقاض والدمار والتشرد لآلاف السوريين، زرعت، في أربع سنوات مضت، في قلوب السوريين، بأطيافهم كافة، ندبة ستظل في ذاكرتهم، ولن تفارقهم، طالما هم على قيد الحياة. وفعلاً، يحق لبشار، اليوم، أن تتصدر شخصية العام كالشخصية الأكثر دموية في الأعوام الثلاثة التي مضت من عُمر الثورة.
بالرجوع إلى الوراء، رأينا أن شيمون بيريس غسل يديه جيداً بدماء أطفال مجزرة "قانا"، قبل أن يتوجه إلى استلام جائزة نوبل للسلام، ويسوق عالمياً كرجل سلام. وفي حقيقة الأمر، هذا مهول ومذهل. وليس من الغرابة أن يكافأ الأسد هو الآخر بجائزة نوبل للسلام من هذا العالم الذي يحكمه منطق القوة، والذي أدار ظهره لآلام السوريين، متغاضياً عن إجرام الأسد، واضعاً نصب عينيه محاربة الجماعات الإسلامية الموجودة على الأرض، والتي كان بشار الأسد سببا مباشراً في استقطابها، وتحويل سورية إلى محرقة يدفع ثمنها الأبرياء.
عليه، لا يمكن القفز عن الإجرام الحالي من دون أن نتذكر الأسد شخصية أوغلت في دماء السوريين، وفتكت بهم في سبيل بقائه، ولو على أنقاض سورية، كما هي عليه الآن. نتمنى أن يأتي العام المقبل، وقد سقطت كل الشخصيات الدموية وتبوأت شخصيات ولدت من رحم الثورات على مساحات الربيع العربي، تقود الشعوب إلى الخلاص من الظلم والعبودية.