لم تنجح كل المحاولات في تغيير الموقف التونسي الرسمي من الأزمة الخليجية، لا داخلياً ولا خارجياً، إذ أكد رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، من جديد على موقف بلاده المحايد.
وقال الشاهد، في حوار مع قناة "سي إن إن"، يوم الأربعاء، إن "تونس تحتفظ بموقف محايد تجاه أزمة دول الخليج، ولا يمكنها التدخل في شؤونها الداخلية"، مضيفا أن "العالم العربي لا يحتمل المزيد من الصراعات، وبلادنا لها علاقات جيدة مع جميع هذه البلدان".
وقال، في سياق حواره، إن "الربيع العربي نجح في تونس بفضل المجتمع المدني ومكانة المرأة التونسية.. وبالرغم من الاختلاف في المواقف ووجهات النظر إلا أن تجربة تونس نجحت"، وفق تعبيره.
وحاولت جهات عدة في الداخل التونسي والخارج أن تضغط على الحكومة بهدف تغيير موقفها من حصار قطر، غير أن ذلك لم يفلح.
وكان وزير الخارجية التونسية، خميس الجهيناوي، أكد، في أول يوم من اندلاع الأزمة، أن "في العالم العربي ما يكفي من المشاكل حتى نضيف إليه مشكلة جديدة"، في حين اكتفى الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، بالدعوة إلى الحوار فقط لحل الخلاف الخليجي، وهو ما ردده لكل زواره الخليجيين.
ومع انطلاق الأزمة، سعت أطراف ليبية إلى محاولة توريط قطر وتونس في قضية وهمية، إذ زعم عسكري موال للجنرال المتقاعد خليفة حفتر، أن ضابطاً قطرياً موّل جماعات ليبية عبر تونس، الأمر الذي تلقّفته بعض الأطراف في الداخل، ولكن السلطات القضائية المستقلة في تونس نفت هذا الاتهام سريعاً، مؤكدة أنها حققت في الموضوع منذ سنوات، وتبيّن أن التمويلات المذكورة كانت مخصصة لمخيم الشوشة على الحدود التونسية لاستقبال المهاجرين الفارين من ليبيا بعد انطلاق المعارك.
ويأتي تأكيد الشاهد من واشنطن على ثبات الموقف التونسي المحايد من الأزمة، ليؤكد وجهة النظر التونسية من القضايا العربية، من عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول من ناحية، والحد من الانقسام العربي من ناحية أخرى، وهو موقف كلاسيكي للدبلوماسية التونسية منذ تأسيسها.
ولكن الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، يعتبر، في المقابل، أنه "مهما كانت المآخذ، فإن الأمر يتعلق بخلاف داخل الأمة العربية والإسلامية، ويمكن الوصول إلى حل لهذه الأزمة عبر الحوار".
ودعا السبسي كل زواره الخليجيين إلى "إعطاء الفرصة من أجل إنجاح مساعي أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لتجاوز الخلافات الخليجية وتطويقها"، مشدّدا على "أهمية الحفاظ على روح التضامن والتعاون بين الأشقاء الخليجيين، والعمل على تعزيز وحدة الصف الخليجي".
وأشار إلى أن الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة "تقتضي تكاتفا أكبر وتآزرا أمتن بين كل الدول العربية لمجابهة التحديات".
وتعتبر تونس أن التوترات العربية في أكثر من منطقة، وحالة التمزق العربي على مستوى المواقف السياسية، وتضارب الرؤى لحل الأزمات في أكثر من بلد، ستعصف نهائيا بما تبقى من الجسد العربي، في حين أن "هناك قضايا وملفات مستعجلة ينبغي الوحدة بشأنها، لإنهاء مآسي شعوبها".
وتدرك تونس أن انحيازها لأي طرف في أي من الأزمات لن يسهم في حلها مطلقا، بل سيزيد من تردي أوضاعها، وسيقحمها في مشاكل هي في غنى عنها، في هذه الفترة شديدة الحساسية داخليا، التي تؤسس فيها لما تبقى من هيئاتها الديمقراطية تحت ضغط التهديدات الأمنية والاقتصادية والإقليمية.