وأولى رئيس الحكومة الجانب الاقتصادي مكانة هامة في خطابه أمام البرلمان، بمناسبة انطلاق مناقشة ميزانية 2017، لكنه توقف مطولا عند بعض القضايا السياسية التي تشغل التونسيين هذه الأيام، وخصّ ملف مقتل القيادي السابق في "نداء تونس"، لطفي نقض، بجزء من كلمته، في محاولة لتهدئة الخلاف داخل أحد دعامات الائتلاف الحاكم، أي "النداء"، بعد أن أطلقت قيادات منه تصريحات تتهمه، رفقة كل من رئيس البلاد ومسيري الحزب، بـ"عدم إيلاء الملف الاهتمام الكافي، ما أدى إلى التفريط في حق نقض".
وطمأن الشاهد الندائيين بأن "رابطات حماية الثورة" التي سجلت حضورا قويا خلال جلسة الحكم في قضية نقض لن تعود إلى النشاط مرة أخرى، وسيتم ردعها، ساعيا، بالتوازي مع ذلك، إلى الحد من أية خلافات قد تطرأ بين "النداء" وحزب "النهضة"، إذ دعا إلى مزيد من الوحدة، وإلى عدم بث خطابات التقسيم والكراهية.
وقال الشاهد "كرجل ديمقراطي لن أعلّق على الحكم القضائي، وإنما أريد التأكيد على أن نقض شهيد لكل تونس لا "نداء تونس" فقط، وأن من استعملوا العنف في مرحلة صعبة من تاريخ البلاد، وهددوا الانتقال الديمقراطي والسلم الأهلي والوحدة الوطنية، وتوهموا أنه بإمكانهم تكوين مليشيات منظمة، هذه العصابات عليها أن تعي جيدا أن زمن الفوضى قد مر ومضى، والعودة إليه أضغاث أحلام، وسيتم تطبيق القانون عليها بكل صرامة"، في إشارة لـ"رابطات حماية الثورة"، التي نشطت في فترة "الترويكا"، ويحملها الندائيون المسؤولية في التحريض عليهم وتعنيف نقض حتى مقتله.
وأضاف رئيس الحكومة أنه لن يسمح لأي طرف أن يقسم التونسيين أو يبث خطابات كره وتخويف، مشددا على أن "البلاد ليست في حاجة إلى من يطلقون إعلانات حرب بين أبناء الوطن، وإنما تحتاج من يؤمنون بالديمقراطية ومدنية الدولة وسمو الدستور"، على حد قوله.
وخاطب المسؤول التونسي الطبقة السياسية والنقابية، أيضا، مطالبا إياها بأن تكون بـ"الصراحة الكافية حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وأن تأخذ بعين الاعتبار أن الإصلاحات العميقة والجوهرية ستكون موجعة لجميع القطاعات، وعلى الجميع التضحية من أجل استعادة ثقة التونسيين والأمل في نظام ديمقراطي قادر على خلق فرص عمل وتحقيق نمو اقتصادي".
وذكّر، في هذا السياق، بكلمته يوم منح حكومته الثقة، مشيرا إلى أنه تعمد مصارحة التونسيين بأرقام ومعطيات حول الوضع الاقتصادي والمالي الصعب للبلاد، وحقيقة هروب المستثمرين من البلاد، نظرا لاختلال توازناتها المالية.
وأبرز أن "الحكومة لا يمكن لها أن تقوم اعتباطيا، ودون دواع جدية، باقتراح تأجيل الزيادات في الأجور أو مطالبة رأس المال بتحمل مسؤولياته في الضرائب إلا إذا كانت تتحلى بالشجاعة الكافية"، معتبرا أن الإصلاحات وما سيرافقها من جدل أهم من طموحه السياسي الخاص، أو طموح وزرائه، وأهم من المصالح السياسية للأحزاب والحكومة.
ولفت إلى أن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة حمل ثلاث رسائل، في مقدمتها تعافي التوازنات المالية، وإيلاء الجانب الاجتماعي اهتماما كافيا بما يسمح بعدم تآكل الطبقة المتوسطة، ومساعدة الطبقات الدنيا بالخدمات الصحية والسكنية وغيرها، وبداية إرساء عدالة جبائية، داعيا المهن الحرة ورجال الأعمال إلى "وجوب تحمل عبء من الضريبة، والزيادات في الأجور التي سيمكن تجميدها من انتعاش الميزانية".